خاص بـ»الوحدة«: من القاهرة:
حوار/ سمير حافظ
قالت إن المطبوعات الصحفية المتخصصة بشؤون المرأة لم تعد كالسابق أي منذ ثلاثين عاما وهذا نتيجة التغيير الذي حدث في عالم المرأة نفسها لعل أبرزه خروجها للعمل.
وعلى ضوء ذلك خرجت مجلات المرأة في مضمونها من بوتقة الطهي والأزياء وسواهما من القضايا التقليدية لتمتد إلى جميع قضايا المرأة سواء في الفن أو السياسة أو الاقتصاد.
كما تطرقت الكاتبة والصحافية أفكار الحرادلي رئيسة تحرير مجلة »نصف الدنيا« المصرية في سياق هذا الحوار إلى الإشكاليات والتحديات التي تواجهها الصحافة العربية من جهة وصحافة المرأة من جهة أخرى.. فإلى التفاصيل:
> بداية إلى أي مدى نجحت المجلات التي تهتم بشؤون المرأة العربية سيما في ظل التحديات والمشكلات والظواهر التي يشهدها عالمنا العربي¿
>> لقد نجحت المجلات بشكل كبير في طرح العديد من قضايا المرأة حيث حدث تغيير في المادة الصحفية التي تقدمها المجلات للقراء سواء في مصر أو في الوطن العربي نتيجة التغيير الذي حدث بشكل عام في أوضاع المرأة فمنذ ثلاثين أو أربعين عاما تقريبا كانت المجلات التي تهتم بالمرأة لا تهتم سوى بموضوعات تخص ربات المنزل كالطهي والماكياج والموضة وفقا لما جاء في بعض الأبحاث وذلك لقلة نسبة مشاركتها في سوق العمل ولكن مع خروج المرأة للعمل اختلفت اهتمامات المجلات وحدث تغيير في المادة التي تقدمها ومن هذا المنطلق كان لابد أن تعبر مجلات المرأة عن همومها وقضاياها وأن تقدم لها الخدمة التي تحتاجها.. فعلى سبيل المثال.. قل اهتمام المرأة بموضوع تفصيل الملابس مع خروجها إلى سوق العمل ليس لانشغالها بالعمل ولكن لأن التفصيل بحاجة إلى دراسة وظهرت اهتمامات أخرى للمرأة وكذا ظهرت قضايا ومشكلات أخرى لم تكن موجودة من قبل وهذا نتيجة خروجها إلى سوق العمل فأصبحت المرأة بحاجة إلى خدمة أخرى تقدمها لها المجلات كإلقاء الضوء على هذه المشكلات ومناقشتها.
من الطهي إلى السياسة
> في ما يخص المادة الصحافية التي تقدمها مجلات المرأة.. ما التغيير الذي حدث فيها¿!
>> الوضع تغير حاليا في العالم العربي فلم تعد الأزياء بمفردها هي محور اهتمام المرأة ومع ذلك إذا كان اهتمام البعض منهن قاصرا على موضوعات الطهي فإن الأسواق مليئة بكتب الطهي وإذا كان اهتمام البعض منهن ما يزال قاصرا على عروض الأزياء فقط فإن الأسواق مليئة بكتالوجات الأزياء وأصبحت المجلات التي تهتم بالمرأة متنوعة لا تقتصر فقط بالاهتمام على بعض القضايا التقليدية بل امتدت إلى تناول قضايا أخرى تشغلها في المجتمع وأصبح بها القليل من كل شيء.. من الفن والسياسة والاقتصاد وغيرها من الفروع التي تهم المجتمع كما اشتدت المنافسة بين المجلات في العالم العربي حيث بدأت كل مجلة في الارتقاء بمطبوعاتها من حيث جودة الورق والطباعة المميزة.. واستطاعت المجلات أن تخلق جسوراٍ من الترابط بينها وبين القراء ومع ذلك فأنا أرى أن هناك تحديا كبيرا يواجه الصحف والمجلات وشتى المطبوعات الصحفية الأخرى.
> ما هو هذا التحدى¿
>> التكنولوجيا ووسائل المعرفة الأخرى كالتليفزيون بقنواته الفضائية المختلفة وشبكات الانترنت ورسائل المحمول المختلفة وأصبحت تنافس بقوة المجلات والصحف ليس لأن المجلات والصحف لا يقدمان خدمة متطورة تواكب العصر ولكن بسبب انشغال المرأة والرجل بمشاكلهم المختلفة والتي لم تكن موجودة من ذي قبل فأصبح كل فرد يختار أسهل وسيلة للوصول إلى المعلومة كالاستماع بدلا من القراءة.
ارتفاع الأسعار
> يرى البعض أن أغلب مجلات المرأة في العالم العربي لا تخاطب سوى سيدات المدن الكبرى.. تتجاهل المرأة في القرى أو المدن الصغرى.. ما تعليقكم..¿
>> أصبح شراء المجلات بصفة عامة ومجلات المرأة بصفة خاصة قاصرا على الطبقة المتوسطة نتيجة ارتفاع مستوى الإنفاق وتغير الظروف الاقتصادية التي يشهدها عالمنا العربي حيث ارتفعت أسعار المطبوعات الصحفية نتيجة ارتفاع أسعار الورق والأحبار واكتفت أغلب الأسر العربية التي تهتم بالقراءة بشراء صحيفة أو مجلة واحدة بعدما اعتادت شراء أكثر من مطبوعة صحافية واتجهت بعض الأسر إلى تبادل الصحف مع ذويهم وبالتالي كيف تخاطب المجلات فئة فقيرة غير قادرة على شرائها ¿!!! فمعظم النساء اللاتي يقطن القرى الصغيرة يعانين من الفقر والأمية وبالتالي لن تتمكن المرأة في القرى الصغيرة من شراء المجلات وقراءتها ومن هذا المنطلق فإنه حتى لا يقل توزيع المجلة فإنها تحرص على مخاطبة الفئة المتوسطة المهتمة بشرائها والتي تستطيع أن تساهم في حل العديد من المشكلات وهو ما يؤكد أن الفئة الموجهة إليها مجلات المرأة ليست الفئة الغنية فقط لأنها إذا كانت هي الفئة المقصودة بمفردها لكان سعرها مختلفا وجودة طباعتها مختلفة أيضاº ولكن معظم أسعار المجلات التي تهتم بالمرأة في متناول أيدى الفئة المتوسطة كي تتمكن من شرائها وهذا ليس معناه على الاطلاق تجاهل المجلات للقضايا الهادفة التي تشغل المرأة والمجتمع فعلى سبيل المثال الإدمان الزواج العرفي الطلاق مخاطر الانترنت والمشكلات النفسية كل هذا يعتبر قضايا تهم المجتمع بشكل عام والمرأة من مختلف الطبقات بشكل خاص ومن ثم يمكن أن يتم طرح ومعالجة مثل هذه القضايا في المجلات بطريقة موضوعية وأود أن أؤكد أن هناك جهات أخرى بإمكانها مخاطبة فئات المرأة الفقيرة وخاصة الأمية وهي الجمعيات الأهلية.
المتابعة والاتصال
> كيف يمكن ربط مجلة المرأة بالجمعيات الأهلية والأسر المنتجة لخلق ترابط بين المجلة وهذه الجمعيات وجمهور السيدات في عموم المجتمع¿
>> ربط مجلات المرأة بالجمعيات الأهلية ليس أمراٍ صعباٍ فبإمكان المجلة أن تتبنى فكر الجمعيات الأهلية الجادة من خلال المتابعة والاتصال وعدم المجاملة حتى تصبح المجلات أداة لربط الجمعيات الأهلية بالأسر المنتجة.
غلاف المجلة
> ما هي المواصفات التي يجب أن يكون عليها غلاف المجلة المهتمة بالمرأة¿
>> الغلاف هو مانشيت المجلة الذي يجذب القارىء ويدفعه لشرائها وينبغي أن يكون الغلاف ملفتا وجذابا وأكثر إبهارا وعناوينه بارزة ومنتقاة بعناية كما يجب أن يكون لغلاف المجلة موضوع بداخلها ولكل مجلة طابعها وينبغي أن يكون الغلاف معبرا عن الفئة التي تخاطبها المجلة سواء كانت فئة النساء أو الأطفال أو الفئة التي تتابع الأحداث الاقتصادية أو غيرها فغلاف المجلة التي تهتم بالمرأة لا يصلح أن يكون غلافا لمجلة اقتصادية على سبيل المثال أما عن وضع صور النجوم والمشاهير والفنانين وتحديدا صور نجوم الفن على الغلاف فهذا أمر طبيعي بالنسبة لمجلة تخاطب المرأة فالهدف هو الارتقاء بالذوق فمسألة وضع صورة لفتاة في أبهى صورتها على غلاف مجلة المرأة أجده أمرا طبيعيا وخاصة إذا كانت صورة الفتاة من الفنانات والمشاهير التي تتمتع بقدر كبير من الجمال وبلاشك أن وضع صورة للفنانين والمشاهير عامل جذب للمجلة ولكن ينبغي أن يتم مراعاة وضع صورة من تستحق على الغلاف لأن الغلاف هو عنوان المجلة وخاصة إذا كان يتم تسويقها إلى الخارج فليس منطقيا أن نضع صورا لكارثة طبيعية أو لحادث قطار على غلاف مجلة تهتم بالمرأة.
العمق والابتكار
> يْقال أن المجلات التي تهتم بالمرأة العربية تقوم بالتقليد والنقل عن المجلات الأجنبية ولا تقدم إبداعها الخاص¿
>> أغلب المجلات في العالم العربي لديها القدرة على الابتكار والإبداع ولا تقلد أو تنقل أفكارا من الغرب وعلى عكس ما يتوقعه البعض فقد بدأ الغرب في اقتباس بعض الأفكار التي تم تنفيذها في مجلاتنا العربية بعد اطلاعهم عليهاº وعلى سبيل المثال عندما قمت بتصميم باب في المجلة التي أشرف على رئاسة تحريرها والذي ألقي من خلاله الضوء على إحدى النساء المتميزات في المجتمع وأطلقت عليه “امرأة على القمة” تم اقتباس عنوان هذا الباب في إحدى المجلات الغربية وهذا أكبر دليل على نجاحنا وقدرتنا على الإبداع والابتكار ولا النقل والتقليد.
قضايا حساسة
> ما هي الأفكار التي تقترحينها لمعالجة القضايا التي تشغل الرجل والمرأة على حد سواء¿
>> تغير العصر الذي نعيشه وبالتالي يجب أن نكون على وعي بالمتغيرات التي يشهدها المجتمع ويمكننا معالجة العديد من هذه القضايا من خلال الموضوعية والعمق في مناقشتها وعمل ملفات كاملة عنها وخاصة أنها ظلت لسنوات طويلة تابوهات مغلقة لم يتم طرحها وأصبحت الآن منتشرة في مجتمعاتنا العربية مثل “ملفات عن الخيانة الزوجية” و”التحرش الجنسي” وغيرها من القضايا الحساسة..