محمد عبدالرحمن المجاهد
يتغيب البعض من الحكام العرب عن إحدى القمم العربية فينتج عن تلك القمة مؤشرات تنبئ عن وفاق عربي حول عديد من القضايا والمبادرات فيحضر أولئك القادة والحكام الذين غابوا في المؤتمر السابق وإذا بكل المؤشرات الطيبة عن الوفاق العربي وعن المبادرات الجادة التي تم طرحها والاتفاق المبدئي عليها تصبح أثرا بعد عين وكأنها لم تطرح ولم تحز الاستحسان المبدئي عليها والمثال على ذلك ما حدث في القمة العربية الاعتيادية التي عقدت مؤخرا في ليبيا والتي طرحت فيها المبادرة اليمنية الهادفة إلى تكوين اتحاد يهدف إلى تطوير العمل العربي ولم شتات الأمة..
تلك القمة التي جرى فيها الإقرار المبدئي للمبادرة اليمنية وإبراز عديد من المؤشرات التي تخدم القضايا العربية الأخرى والتي من نتائجها تشكيل لجنة خماسية لبلورة المبادرة على أن تطرح اللجنة تقريرها أمام قمة استثنائية في (سرت) ولكن ما إن عقدت القمة الاستثنائية حتى كان من أبرز حضورها أولئك الحكام العرب الذين تخلفوا عن القمة السابقة وما إن بدأت القمة الاستثنائية جلساتها حتى سعى أولئك الحكام لنسف كل ما خرجت به القمة الاعتيادية السابقة بل وكادوا يحدثون انقساما في التجمع العربي..
الأمر الذي دفع بالرئيس الصالح أن يحتد في خطابه فيوجه كلامه لزملائه الحكام العرب أو ربما كان يقصد أولئك البعض منهم الذين لا يجيدون إلا زرع الألغام ونصب الفخاخ أمام أي وفاق عربي وأية مبادرة عربية تخدم الأمة وتعمل على لم شتاتها وذلك خدمة لأسيادهم في واشنطن وتل أبيب الذين لا يريدون أية وحدة عربية ولا يريدون للعرب أن يصبحوا كياناٍ واحداٍ يكون سدا منيعا أمام مطامعهم وطموحاتهم..
فقد تحدث الرئيس الصالح مخاطبا الحاضرين من الزعماء والحكام العرب قائلاٍ لهم إذا كانت المبادرة اليمنية عن الاتحاد العربي ستحدث شقاقا وانشقاقا بين حكام الأمة العربية فما عليهم إلا تأجيلها أو تركها حرصا على الإجماع العربي (الذي من وجهة نظر خاصة بالكاتب لا يقدم ولا يؤخر) ذلك لأنه وجد – أي الرئيس الصالح – أن بعض الحكام العرب وأظنهم أولئك الذين تغيبوا عن القمة الاعتيادية السابقة والذين حرصوا على المشاركة في القمة الاستثنائية لا لكي يعززوا من وحدة الصف العربي ولا لكي يعملوا على إثراء النقاش لتقرير اللجنة الخماسية المعنية بالمبادرة اليمنية ولا ليقروها ولكنهم كما أظن – وبعض الظن ليس إثما- تعمدوا الحضور ليبطلوا كل ما نتج عن القمة العربية الاعتيادية السابقة وينسفوا المبادرة اليمنية خاصة التي من المؤكد أنها أزعجت الكثير من أعداء الأمة والكثيرين من الذين ارتبطت مصالحهم مع مصالح أعداء الأمة العربية..
الذين لا هم لهم ولا شغل لهم إلا تنفيذ توجيهات ومخططات أسيادهم ولذلك نجدهم دائما يقفون حجر عثرة وشوكة في حلق كل من يفكر أو يعمل على لم الشمل العربي أو تطور ونهضة العرب ومن يحاول أن يكون هامة عظيمة شماء أمام أعداء الأمة وأمام مخططاتهم البغيضة الخبيثة وما حدث للعراق الشقيق وللرئيس الشهيد صدام حسين طيب الله ثراه إلا نتيجة واضحة فاضحة لتآمر أولئك الحكام العرب ودعمهم اللوجستي للعدوان والغزو والاحتلال ليس ضد العراق فحسب ولكن ضد كل من تسول له نفسه أن يتمرد ويخرج عن الطاعة للغرب وأعوانه كما فعل الشهيد الحر صدام حسين..
الذي كان يسعى جاهدا لوحدة العرب واستعادة كرامتهم وتحرير الأرض العربية من مغتصبيها في فلسطين وغيرها ولذا لا غرابة أن وقفوا كعادتهم تجاه المبادرة اليمنية التي تنادي وتهدف إلى خلق كيان عربي أسوة بما هو حاصل في أوروبا وإفريقيا وفي مناطق عدة من العالم ولذلك كان خطاب الرئيس الصالح إنما هو تنبيه ورد على موقف البعض من القادة العرب الذين من المؤكد أن حرصهم على حضور القمة الاستثنائية إلا ليبطلوا تلك المبادرة أو على الأقل ليعيقوا إقرارها حتى حين فربما مع الأيام تنسى المبادرة ويهال عليها تراب النسيان فيرتاح أولئك البعض من القادة العرب ويرتاح أسيادهم في واشنطن وتل أبيب من وجع الرأس التي ستحدثه بلا شك تلك المبادرة اليمنية..
وكان الرئيس الصالح أيضا واضحا وصادقا في قوله عن القضية الفلسطينية وتعنت إسرائيل أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.. داعياٍ الحكومات العربية إلى تبني المقاومة ودعمها لأنها هي الطريق الأمثل والرد العملي لإخضاع الكيان الصهيوني للامتثال لمنطق الحق والسلام العادل ومن المؤكد أن ذلك الطرح من الرئيس الصالح الذي ذكر الجميع بالرئيس الخالد جمال عبد الناصر طيب الله ثراه أزعج وسيزعج كثيرا من القادة العرب قبل أن ينزعج آخرون غيرهم من أعداء الأمة العربية الذين لا يفهمون إلا منطق القوة ولا يحترمون إلا الأقوياء الذين بقدرتهم زرع وإحداث الخوف والقلق في صفوفهم وفي مصالحهم..
ولذلك لن يكون رد فعل أولئك البعض من الحكام العرب الذين يعرفون بسيماهم ومواقفهم المتخاذلة والخنوعة إلا الامتعاض وربما السخرية كما هي عاداتهم في مواجهة أي عمل عربي صادق أو قول صريح واضح من أية جهة عربية أو أي زعيم عربي وبالذات عند سماعهم ما طرحه الزعيم الصالح في تعليقه وتعقيبه على ذلك المشروع عن رابطة دول الجوار العربي فهو وبتلقائية أبدى تحفظه على تلك الرابطة وتساءل عن وضع بعض دول الجوار التي تحتل جزراٍ وأراضي عربية وتتدخل كثيرا في الشئون الداخلية لدول وشعوب عربية..
وهو من المؤكد يشير – وإن لم يوضح – إلى الكيان الصهيوني وإلى إيران اللتين لا سواهما من تحتلان جزراٍ وأرضي عربية وتتدخل كثيرا في الشأن الخاص لبعض الدول العربية والتي منها بلادنا اليمن بالدعم اللوجستي للحوثيين وأمثالهم فهو أي الرئيس الصالح كأنه يتساءل كيف ستكون مثل تلك الدول المعادية للأمة العربية أرضا وإنسانا أعضاء في الرابطة المذكورة وكأنه أيضا يعلن رفضه وإن لم يقلها صراحة لتلك الرابطة التي ستجمع العرب بأعدائهم التاريخيين..
لأن ذلك يعتبر نوعاٍ من التغييب العقلي عن مشروع طبخ بليل كبديل لمشروع الشرق أوسطي التي تبنته سيئة الذكر (كوندليزا رايس) وزيرة الخارجية الأميركية السابقة ولم تفلح فيه ومع ذلك لا تزال الدوائر الغربية والصهيونية تسعى إليه وتطمح لتمريره تحت مظلة رابطة دول الجوار العربي الذي من المؤكد أن إيران وإسرائيل ستكونان من أوائل المؤسسين لتلك الرابطة إذا كتب لها الخروج إلى النور..
almujahed_mohammed@yahoo.com