حافظ مصطفى علي
رحمة الله عليك أيها الفنان قبل أشهر معدودة كنت بيننا تضحك الألم تشكو قلة ذات اليد تزهو بما قدمت (مستحيل أنساك) (سلامتك حبيبي سلامة) و(أيا ثورة الشعب) وحين مت بقي صيوان عزاؤك خاليا من المعزين أيها الفنان الكبير محمد أحمد المحسني وقبلك شكا إدبار الدنيا الفنان الراحل حسن عطا وقبله وقبله وقبله لفيف كبير من الفنانين المصنفين في الإذاعة والتلفزيون درجة ممتازة ظلوا يتقاضون إعانات شهرية تتراوح بين عشرين إلى عشرة آلاف وربما خمسة آلاف ريال تقديرا لعطائهم الطويل!
وحينما رحل الفنان الكبير فيصل علوي تحدث الناس عن الراتب الذي يتقاضاه من مكتب الثقافة وقبله تحدثوا عن راتب الفنان الكبير أحمد بن أحمد قاسم بل أخذ الناس يتهامسون عن النهاية التي لاتليق بفنان بقامة محمد سعد عبدالله الذي وافته المنية في إحدى غرف مستشفى الجمهورية التعليمي بعدن ومر موته مرور الكرام!
كثيرة هي المعاناة التي يعانيها فنانو بلادنا والسبب يعود إلى قصور في فهم الدولة لأهمية الفن والثقافة بشكل عام في الإسهام بالغذاء الروحي للمواطنين وصولا إلى البناء التنموي الشامل.. بهذا بات من الواضح – بسبب هذا القصور – إهمال الدولة لهيكل أجور المبدعين ذلك الهيكل الذي تمت المطالبة به منذ سنوات طويلة وظل حبيس الأدراج بل وزد على ذلك وزعت ضياع للمتنفذين ومبانيها الثقافة.
إن مثقفي وفناني بلادنا لايدركون مع الأسف قدرتهم الهائلة لتشكيل (لوبي) ضاغط على أصحاب القرار إذ ربما يكون لبعض القطاعات قدرة على الضغط لتنفيذ إضراب ما مثل قطاع الصحة والنفط والتربية إلا ان الفنان عندما يحتج يلجأ إلى الصمت ويبتعد عن الضجيج أملا منه – وهو ذات نفس راقية – أن يشعر الآخرون بكبرياء صمته إلا أن القصور الذي ذكرناه آنفا يعمي بصيرة رجل القرار فلا يعيره التفاتة أو اهتماماٍ.
ولعله من المناسب ونحن نخوض حديثا عن هيكل أجور المبدعين وعن أهمية الإبداع والثقافة كوظيفة لها أثرها وثقلها ووزنها الروحي والمادي أن نهمس في أذن أصحاب القرار بأن: الاختلال الذي نراه اليوم في محيطنا العام إنما هو آت من ذلك القصور الذي يكتنف رؤية السلطة للمبدع والمبدعين.