أحمد الاف
قبل 62 عاماٍ وبالتحديد في عام 48م حلت بالعرب أعنف نكبة عسكرية وسياسية مني بها العرب على مر العصور تمثلت في استقطاع جزء غالُ من أرض العرب ألا وهي أرض فلسطين الحبيبة وأقيمت على رباها الطاهرة دويلة ما تسمى بإسرائيل وبدعم من بريطانيا والتي سلمت هذه الأرض الطاهرة لليهود وبموجب ما التزم به وزير خارجيتها بلفور عام 1917م الذي أعطى من لا يملك أرض فلسطين لمن لا يستحقها.
ورغم أن هذه النكبة صنعت صحوة عربية عارمة تمثلت في تفجر الثورات العربية ضد الاستعمار الجاثم على أجزاء واسعة من المنطقة فقد تحقق للعرب الحرية والاستقلال وفي محاولة لاسترجاع أرض فلسطين المغتصبة إلاِ أن هذه المحاولات أصيبت بالفشل نتيجة لاتباع حلفاء إسرائيل في الدول الغربية وأميركا سياسة فرق تسد فكانت نكسة عام 67م وصمة عار في مواجهة العرب للمخططات الإسرائيلية التوسعية في المنطقة العربية والهيمنة السياسية عليها.
بيد أن نكسة 67 صنعت مجد حرب 6 أكتوبر 73م والتي جاءت في إطار منهجية التضامن العربي وقرارات قمة الخرطوم عام 68م ومنها ما عرف باللاءات الثلاث لاصلح ولا تفاوض ولا سلام مع عدوهم المشترك إسرائيل غير أن نصر حرب أكتوبر تحول إلى هزيمة سياسية من خلال ما عرف بمرحلة السلام الذي أصبح وهماٍ فمن اتفاقية كامب ديفيد إلى أوسلوا إلى غيرها من المفاوضات التي هي عبارة عن استراحة محارب.. عدو لدود ليس إلا وخلال ما يقارب من 40 عاماٍ من انطلاق ما يسمى بقطار السلام الواهم ظلت المخططات الإسرائيلية تسير وفق ما نصت عليه بروتوكولات بني صهيون فمن غزو لبنان عام 82م وتدمير المفاعل النووي العراقي إلى تحييد دور ما عرف بدول الصمود والتصدي مروراٍ بغزو العراق وصولاٍ إلى تمزيق عرى التضامن العربي إلى محاولة تمزيق وتشتيت الدول العربية وما يجري للسودان اليوم خير دليل حيث يمر هذا البلد الشقيق بمرحلة صعبة تهدد وحدته وكيانه السياسي الموحد منذ عصور وعبر مؤامرة دولية تعد امتداداٍ للمخططات الصهيونية التي تحاك ضد العرب وكما نعلم يكتسب السودان الشقيق أهمية استراتيجية ليس لمصر فقط وإنما للوطن العربي من المحيط إلى الخليج حيث صمد هذا البلد في مواجهة المد التنصيري للمنطقة العربية كما أنه شريان الحياة الاقتصادية من خلال جريان روافد النيل على أرضه والتي تصب في البحر الأبيض بعد أن تسقى أراضي السودان وأرض الكنانة وفي حال انفصل جنوب السودان عن شماله فسيحل بالعرب نكبة لا تقل عن نكبة 48 المشؤومة بل إن تنفيذ مخطط تقسيم السودان لا شك سيؤدي إلى تمزيق دول عربية أخرى وإزاء ذلك هل يصمد العرب في مواجهة المخططات الإسرائيلية نتمنى ذلك وما ذلك على الله بعزيز..