علي الريمي
نملك أوراقاٍ لرفض الحل لكن لا نملك الأوراق اللازمة لفرض الحل! هكذا تحدث أحد الزعماء الفلسطينيين من الطرف الداعي لرفض الاستمرار في المفاوضات مع إسرائيل قبل استئناف – الأخيرة – للعمل في بناء المستوطنات »التي لم يتوقف العمل فيها أصلاٍ« ¿!
بالتمعن في مسلسل المفاوضات »المباشرة منها أو غير المباشرة« والتي تمتد إلى أكثر من »15« عاماٍ فإنها لا تعدو كونها سلسلة عبثية من إهدار الجهد واللعب بعامل الوقت حتى أصبحت أي »المفاوضات« عملية فضفاضة ومطاطة يْبدع الإسرائيليون وببراعة لا متناهية وبدهاء وخبث ومكر لا يْجيد اللعب وبمهارة فائقة بها سوى الإسرائيليين »حصرياٍ« والتجارب في السنوات الماضية تؤكد ذلك!
مؤخراٍ قامت الحكومة الإسرائيلية التي يقودها نتنياهو وحليفه المتطرف أفيغدور ليبرمان وبحركة »صهيونية« متْقنة بتوجيه البوصلة »التفاوضية« إلى منحى آخر مختلف – نسبياٍ – عن مسار التفاوض المعروف ويعني تلك المفاوضات مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية للوصول إلى إبرام اتفاق سلام مع الفلسطينيين ومن خلال التفاوض مع السلطة الوطنية برئاسة محمود عباس ومن قبل مع الراحل ياسر عرفات – أبو عمار – وذلك بالإعلان الذي جاء على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استئناف المفاوضات »غير المباشرة« مع الحكومة الفلسطينية »المْقالة« في قطاع غزة أي مع حركة حماس المْسيطرة على القطاع بشأن الوصول إلى صفقة مع الحركة »المقاومة« للإفراج عن الجندي الإسرائيلي – جلعاد شاليط – الذي تم أسره من قبل ثلاث فصائل فلسطينية في غزة منتصف العام 2006م التوجه الإسرائيلي لإبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس يأتي بعد الصفعة المدوية التي وجهتها حكومة الاحتلال للمفاوضات المباشرة التي كانت بدأتها مع السلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة الرئيس – أبو مازن – في الثاني من سبتمبر لكنها عادت وأجهضت العملية السلمية بضربة قاتلة إثر رفض حكومة نتنياهو تجديد قرار تجميد عملية الاستيطان التي انتهت في السادس والعشرين من الشهر ذاته¿!
أقرب تفسير للخطوة الإسرائيلية تغيير أسلوب اللعب التفاوضي »مؤقتاٍ« يتمثل في سعي حكومة الاحتلال للتخفيف من حدة الضغوط الدولية عليها لإعادة النظر في موقفها حول الاستيطان حتى تستمر المفاوضات المباشرة بينها والفلسطينيين للتوصل للسلام المنشود الذي ينهي الاحتلال ومن ثم قيام الدولة الفلسطينية الموعودة لتعيش جنباٍ إلى جنب في سلام مع الدولة الإسرائيلية الموجودة على أرض الواقع!
كذلك فإن الإعلان الإسرائيلي عن عودة المفاوضات مع حماس عبر الوسيط الألماني لا يهدف إلا لصرف الأنظار ولو – مؤقتا – عن التهرب من استحقاقات السلام والعمل على إعادة الجندي الأسير منذ أربع سنوات لدى الفصائل الفلسطينية والمقاومة التي تحتجزه في غزة إذ تطالب هذه الفصائل بالإفراج عن نحو (1500) أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال منذ عقود! ويساوم الاحتلال على تقليص العدد إضافة إلى الاعتراض على أسماء وردت في القائمة المقدمة من تلك الفصائل كشرط أساسي لتفرج بدورها عن الجندي – شاليط – مقابل إطلاق سراح ذلك العدد من الأسرى الفلسطينيين من مجموع يصل إلى ما يقارب العشرة آلاف فلسطيني في زنازين الاحتلال من أطفال.. شيوخ.. نساء ومرضى.. إلخ
كما أن الهدف الرئيسي للحكومة الإسرائيلية من إتمام صفقة التبادل وإعادة الجندي – جلعاد شاليط – إلى أسرته لتجنب التعرض لأنهيار وشيك لهذه الحكومة اليمينية المتطرفة بفعل تلويح الحليف الأول لنتنياهو زعيم حزب إسرائيل بيتنا »ليبرمان« الذي يشكل تواجده ضمن قوام هذه الحكومة أهم ضمانة لبقاء نتنياهو وحزبه الليكود على رأس هرم السلطة في إسرائيل.
وسواء نجحت صفقة التبادل مع حماس أو لم تنجح فإن الثابت أن النهج الإسرائيلي سيستمر في ممارسة سلوكه القائم على العمل في اتجاهين متلازمين.. مواصلة قضم الأراضي وتشييد المستوطنات في القدس الشرقية والضفة الغربية ومحاصرة غزة من جهة والانخراط في مسار المفاوضات من أجل المفاوضات فقط حتى يكمل مشروعه على أرض الواقع دون رادع من هناك أو هنا¿! فلا جدوى من أي حديث أميركي حول السلام.. رؤية حل قيام دولتين.. الخ
أما عن الدور الأوروبي في العملية السلمية فلا يعدو كونه لعبة تبادل أدوار مملة حد القرف!
آخر السطور
– الجامعة العربية تْهدد.. خير اللهم اجعله خير.. باللجوء إلى الأمم المتحدة ومطالتها بالاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967م كرد على قيام إسرائيل بوأد عملية السلام!!
بافتراض قيام الجامعة بمثل هذه الخطوة »الإجرائية« فالفيتو الأميركي جاهز كالمعتاد للإجهاز على أي قرار أممي تعتقد أنه قد يضر أو على حساب إسرائيل¿! فما الذي يمكن للموقف العربي العام القيام به إزاء حدوث مثل هذا السيناريو المحتمل جداٍ¿
هل سيمنح العرب مهلة آخرى ليس لإسرائيل – هذه المرة – بل لأميركا لتغيير موقفها هي أميركا أولاٍ¿¿ ثم القيام بمحاولة – آخرى – للضغط على حليفتها إسرائيل لدفع استحقاقات السلام حتى وإن تم ذلك بعد ظهور نتائج انتخابات التجديد النصفية لمجلس النواب والشيوخ الأميركيين وعلى ضوء النتائج سيعرف طبيعة الدور المتوقع للإدارة الأميركية التي يقودها الرئيس – باراك أوباما – الذي يملك حزبه الديمقراطي أغلبية مربحة في البرلمان ومجلس الشيوخ لكنها قد تتغير في نهاية شهر نوفمبر المقبل وستنعكس حتماٍ على الدور القادم لواشنـــــطن على صـــعيد المــــــنطقة عموماٍ وعلى صــعيد عمــــلية الســــلام على وجه التــحديد¿