نــور باعباد
هناك سر إلهي ان تتقارب أزمنة واقعة أحداث الثورة اليمنية المعاصرة في أشهر وسنوات متلاحقة بمعنى تقارب وتساوي الاهداف وبالتالي التركيز عليها مجتمعة مما اشعرني اننا كيمنيين على مواعيد مصيرية حاسمة تحقق اهداف وتطلعات الثورة في ما لو أحسنا الاداء واخلصنا النية وابتعدنا عن الجمود وحتى لا نتمثل التكرار ونبتعد عن الجمود وقول الشاعر “ما أشبه الليلة بالبارحة”
من وجهة نظري ان الثورة اليمنية قد حققت الكثير من أهدافها المادية والمعنوية وخاصة الثقافية والسياسية ويعتبر أهم نتاج الوحدة المباركة بصرف النظر عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي هي مناخات التعددية السياسية والحزبية وحرية التعبير والقول وما أفرزته العملية السياسية من دعم قيام مجتمع مدني يخدم العملية الديمقراطية بتواجد عدد كبير من منظمات المجتمع المدني الحزبية والجماهيرية بما فيها الثقافية والنقابية…والعدد الكبير والمتنوع من الصحف الحزبية والاهلية والحكومية وحتى مايجري من تباين في ما بين قوى أطراف العملية السياسية هي من مناخات المأسسة والتجديد والتحديث والدفاع والمحافظة على المنجزات الوطنية برؤى مختلفة وهو تأصيل للثورة وضخ دماء لضمان القدرة على التجديد والترابط للثورة والاستمرارية وواحديتها مع المستجدات والخبرات والاستحقاقات العالمية من ثورة تقنية هي الوسيلة للمعرفة المطلوبة لليمن تسهم في التنمية.
كان في تفكيري قضايا أحببت إيرادها ونحن ندلف قريبا العقد الثاني من القرن الحالي وبحجم هذه الاحداث الوطنية أظن واعتقد انكم معي ان كثيرا من الامال والتطلعات قد تحققت ولكن ما تحقق قد يكون اليسير في عرف توقنا لتحقيق المزيد فالانسان بفطرته هلوع لذا فإننا نحتاج اليوم لآليات حكومية وغير حكومية تتسم بروح عصرية مدنية تتمتع بالشفافية والمشاركة والديمقراطية والحرية المسؤولة في التعبير في مختلف آليات العملية الثقافية من آداب وفنون شعبية تشكيلية موسيقية مسرحية وتمثيلية وموروث شعبي.
لقد سعدت كثيرا – كمتتبعة ومعنية- بمشاركة وزارة الثقافة في اجتماعات المنظمة الدولية لحماية الملكية الفكرية -ويبو- واذكر أن المنظمة كانت على تواصل مع الوزارة منذ التسعينات وترسل باستمرار بأدبياتها وما انجزته من عدة اتفاقيات لحماية حقوق الملكية الثقافية والصناعية والتجارية من حقوق التسجيل للعلامات التجارية والنصوص والألحان والأداء والتأليف والحماية من التزوير والسرقات الفنية والآثارية والموسيقية ونحن نعاني في اليمن من استخدام لحقوقنا الغنائية دون الاشارة لأصلها اليمني.
و لكن التعامل المناسب مع المنتج الثقافي اليمني يعاني في جوانب منها لحالة من التسلط والعنف وقد صدمت وأنا اطلع على رسالة إلكترونية تسلمتها ضمن مجموعة من المستلمين من الاديب الغربي عمران ويعبر فيها عن ألمه الإنساني والثقافي بمنع أو الحيلولة دون وصول روايته “مصحف أحمر” الى معرض الكتاب وهي في الاصل ممنوع وصولها.. يعتبر الغربي من الادباء المثقفين وهو من محافظة ذمار ذات البعد الثقافي والتاريخي كما انه تشرب ثقافة عربية في السودان والسعودية وخلفيته الوطنية كعضو سابق في مجلس النواب ونشاطه الفاعل في اتحاد الادباء اليمنيين وكتاباته الصحفية وعمله في أمانة العاصمة كوكيل ثم مستشار.
أعود بالذاكرة الى الماضي وفترة الحرب الباردة وقضايا مقص الرقيب والإسقاط السلطوي في بتر الأفلام والكتب والأغاني كون عقلية أمنية رقابية ترى أنها الوصية على عقول الناس وحمايتها ولربما20 أو 10٪ من متعلمي الشعب اليمني هم المعنيون.. حقيقة إن الإشكالية الثقافية تحتاج لتأهيل محوري ثقافي إنساني وأمني ودور كل محور في كل مصنف واحتياجات القائمين عليه من التأهيل والتثقف والاطلاع على فكرة وهدف المنتج وإنتاجه وأين يبدأ العمل والشروط المرجعية للعاملين وضرورة قيام عملية حوارية مع المنتج الثقافي (مؤلف أديب شاعر ملحن مؤلف ممثل…) ومن ثم التصنيف والرقابة والحجب والمنع بتوفير بيئة صديقة لسلطة اتخاد القرار المدروس بعيدا عن الفوقية سلبا وإيجابا وإبلاغ المعنيين به..