ابن النيل
ما اخترته عنواناٍ لزاويتي هذه.. هو على وجه التحديد المسار الذي جرى إقراره سلفاٍ لقطار المفاوضات الفلسطينية الصهيونية في رحلته الآنية وإن تعثر عليه مواصلتها لأسباب فنية خالصة وليس لأسباب مبدئية كما كان يتعشم المتفائلون من بني قومنا على أمل أن نشهد حسماٍ طال أمد انتظاره وترقبه لنتائج تلك اللعبة الماراثونية العقيمة التي أنهكت عقولنا وقد أرادها الجانب الصهيوني سبيلاٍ لإضاعة الوقت بينما أرادها الجانب الفلسطيني سبيلاٍ لإلهاء من سبق وأن تعهد أمامهم مبكراٍ بإمكانية ولادة الدولة الفلسطينية المزعومة في نهاية المطاف وبما يحفظ لمفاوضيه ما تبقى لديهم من ماء الوجه على جسامة ما قدموه لمغتصبي حقوق أهلنا في الوطن المحتل.. من تنازلات مجانية مهينة دون جدوى وما هي إلا محاولة لإطالة عمر ماصطلح على تسميتها بالسلطة الوطنية الفلسطينية وبحيث لا يجد أقطابها أنفسهم في حرج بالغ أمام بني وطنهم كذلك.
الملفت للنظر أن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية هذه وعلى خلفية انتهاء الفترة الزمنية الموقوتة التي كان الجانب الصهيوني قد بادر بتجميد بناء مستوطناته خلالها بغية تهيئة الأجواء لاستئناف مفاوضاته المباشرة مع الجانب الفلسطيني كان قد صرح يوم السادس والعشرين من شهرنا هذا بأنه لن يقبل بمواصلتها ما لم يتم تمديد فترة التجميد المشار إليها إلاِ أنه عاد وتراجع بعدها عندما لامس بأم عينيه إصرار المستوطنين الصهاينة على استئناف بناء مستوطناتهم مجدداٍ دونما اكتراث بتصريحاته تلك عبر تصريح لاحق له في هذا الشأن بعدم نيته إعلان موقف فوري بهذا الخصوص بدعوى رغبته في إتاحة الفرصة للتوصل إلى صيغة توافقية مع رئيس حكومة العدو لتجاوز هذه الإشكالية الفنية كالعادة دونما الحاجة إلى أي تدخل جراحي.
ولا نعرف على وجه التحديد.. على أي أساس غادر المتفاوضون منتجع شرم الشيخ ليقولوا لنا.. بأنهم ذاهبون لترسيم الحدود بين الجانبين وكأنما هم بذلك إنما يضعون العربة أما الحصان دونما أدنى مبالغة أو مغالاة ذلك أن ما جرى ترويجه لمجرد الاستهلاك الإعلامي قبلها.. إنما يعني العودة إلى حدود ما قبل الخامس من يونيو عام 1967م وهو ما لا يحتاج إلى كثير عناء لمناقشته في حالة ما إذا كان مثل هذا الأمر متفقا عليه بالفعل بقدر ما كان من المفترض إعلانه.. بدلا من كل هذا الاستخفاف الصارخ بعقولنا.