محمد عبدالرحمن المجاهد
تمر الأيام والأعوام والثورة اليمنية ونظامها الجمهوري لا يزدادان إلا رسوخا وثباتا وصلابة رغم الزوابع والعواصف التي واجهتهما ورافقتهما منذ قيامهما عام 1962مذلك لأن الشعب اليمني العظيم بكل فئاته وتشكيلاته تمسك بالثورة وبالنظام الجمهوري بكل القوة والفداء حيث قدم الكثير والكثير من التضحيات والشهداء قرباناٍ للانعتاق والتحرر من عبودية الاستبداد الإمامي الكهنوتي فكان له النصر المؤزر حتى يرث الله الأرض ومن عليها..
وهو لذلك لن يفرط أبدا بالثورة ولا بنظامها الجمهوري الديمقراطي العادل مهما كانت الظروف ومهما حاول الحاقدون والحالمون بعودة الإمامة الظالمة المتخلفة فالشعب الذي ذاق مرارة الظلم والحرمان في عهود الإمامة الطغاة البغاة لن يرضى عن النظام الجمهوري بديلا وهو على استعداد دائم بأن يناضل ويقاتل من جديد ويقدم الشهداء ويبذل التضحيات فداءٍ وقرباناٍ لاستمرار وبقاء النظام الجمهوري ومكاسبه وما يجري في صعدة وعمران وفي غيرها من المناطق من حرب وصمود وتضحيات ضد دعاة الإمامة من الحوثيين وغيرهم إلا دليل قوي على أن النظام الجمهوري باقُ ولن يفرط به وفيه أبدا..
كما أن ذلك دليل على أن أحلام مرضى النفوس والعقول والحالمين من دعاة الإمامة لن تتحقق لأنها تتعارض مع إرادة الله سبحانه وتعالى ومع إرادة الشعب الذي إذا أراد شيئا فلا بد أن يستجيب القدر فبعد الحرية لن تعود العبودية والاستبداد وبعد الخروج من الظلام والجهل والانعتاق من الحكم الفردي الكهنوتي لن يرضى أحد أن يعود إليه من جديد وبعد الخرج من العزلة الداخلية والخارجية إلى فضاءات الحرية والديمقراطية والوحدة والتعددية السياسية والحزبية والعلم والثقافة فذلك حلم أو كابوس يصعب قبوله أو السماح بتحقيقه أبدا..
خاصة بعد النقلة الكبيرة التي حدثت لليمن أرضا وإنسانا عقب قيام الثورة السبتمبرية ونظامها الجمهوري فالمقارنة صعبة ومستحيلة بين الوضع في عهد الإمامة المتخلفة والمنغلقة والمرتكزة على الجهل والكهنوت والاستبداد وبين الوضع الراهن في ظل النظام الجمهوري والوحدة والديمقراطية ذلك لأن الواقع والوضع في عهود الأئمة كان واقعا متخلفا سيئا بكل معاني السوء والتخلف في كافة مناحي الحياة حيث لم يكن هناك إلا كما قال شاعر اليمن الكبير أبو الأحرار الشهيد محمد محمود الزبيري ( جوع ومخافة وجهل وإمام )..
فلم يكن هناك باللغة المجازية سوى مدارس لا تتعدى أصابع اليد وقليل من المعلامات (الكتاتيب) في بعض المدن والقرى لا تتعدى مناهجها أيضا ما يدرس الآن في رابع ابتدائي أما المعاهد والجامعات فلم يكن لها وجود على الإطلاق بعكس ما هو حاصل الآن الذي أصبحت فيه المدارس تعد وتحصى بعشرات الآلاف بين مدارس حكومية وخاصة وفي مختلف مراحل التعليم الأساسي والثانوي وكذلك المعاهد المتخصصة تعد بالمئات والجامعات الحكومية والخاصة تزيد عن عشرين جامعة أو أكثر منتشرة في كل أرجاء اليمن الموحد ..
وبعد العزلة الداخلية صارت الطرقات وبعشرات الآلاف من الكيلومترات تربط بين كافة المناطق والمحافظات والمديريات والمدن والقرى اليمنية التي أنهت العزلة وأنهت الانغلاق وإلى الأبد وانتهى الجهل الذي كان يعشعش على كل ربوع البلاد من شماله حتى جنوبه ومن غربه حتى شرقه وانطلقت عجلة التنمية والتطور حتى شملت كافة الجوانب الحياتية بعد أن كان كل شيء بيد الإمام ولا يتم إلا بأمره ورضاه وهو أي الإمام كان لا يحب ولا يرضى بأي تطور ولا بأي نهوض علمي أو ثقافي أو حضاري أو بأي تحسين لمعيشة المواطن اليمني انطلاقا من مبدأه الأثير (جوع كلبك يتبعك) ..
فالأئمة الطغاة كانوا لا ينظرون للشعب على أنه مجموعة من البهائم الضالة وأنها لو شبعت وتطورت فإنها ستنقلب عليهم وهذه النظرية تعد من أسوأ نظريات الحكم ومبادئه ولأن أولئك الأئمة كانوا متخلفين عقلا وكيانا فإنهم لم يكونوا يستفيدون من تجارب الآخرين وخبراتهم و لا يتعظون بالأحداث والنكبات التي تحدث للآخرين ولا حتى من تلك التي كانت تحدث لهم وضدهم بين آونة وأخرى فقد كانت رؤيتهم تعتمد على أسلوب الحكم بالحديد والنار اعتمادا على مقولتهم (من كذب جرب فهذا السيف وهذا الميدان) و (من مال برأسه كذا قطعناه بسيفنا كذا) ..
وكان اعتمادهم في الحكم يرتكز على تجهيل الناس وتخلفهم وعزلهم عن بعضهم البعض ليسهل لهم السيطرة والحكم ومن أهم وسائلهم في إخضاع العامة نشر الخرافات والخزعبلات والأساطير التي كانوا يحيكونها حول أنفسهم بأنهم يصنعون الخوارق ويملكون الجن والشياطين كما كان يدعي ذلك الإمام المأفون أحمد حميد الدين الذي كانوا يطلقون عليه (أحمد يا جناه) وأنه يملك الجن ويسخرهم لخدمته مع أن الله سبحانه وتعالى لم يسخر الجن كما جاء في القرآن الكريم إلا لنبي الله سليمان عليه السلام لا لغيره هذا عدا ادعاء ذلك المأفون أن الرصاص لا يصيبه ولا يخترقه لولا أن الأبطال الشهداء محمد العلفي وعبد الله اللقية والهندوانة أثبتوا بعمليتهم البطولية ضده أنه بشر يخترقه الرصاص ككل الناس ففضحوه وكذبوا ادعاءه رحمهم الله وجعل مثواهم الجنة مع الشهداء والصالحين ..
ومع كل ما مضى هل يرضى عاقل في نفسه ذرة من حب الوطن أن يعود حكم وعهود الأئمة وآل حميد الدين بالذات ¿ لا أعتقد أن ذلك ممكن مهما كان جهله الذي كان قبل قيام الثورة أو لم يعايش حكم الظلام والتخلف والقهر والجهل والتخلف الذي كان في ذلك الماضي البغيض ومن رأى ليس كمن سمع ومن تجرع ويلات حكم الأئمة ليس كمن نعم وتنعم بخيرات الثورة والنظام الجمهوري الوحدوي مهما اعترى الحاضر من فساد وإفساد واختلالات تشوه مكاسب الثورة والوحدة لكنها لا توازي أبدا جرائم وأخطاء العهد الإمامي ومساوئه ..
لأنه في الحاضر المعاش أصبح الناس جميعا أحراراٍ في كل حياتهم وشئونهم يتعلمون ويتثقفون ويتاجرون ويمارسون ما يريدونه ويبتغونه وينطلقون في كل أرجاء البلاد طولا وعرضا دون عوائق أو موانع ويتحصلون على العلم والثقافة ويتواصلون في ما بينهم عبر كثير من الوسائل الحديثة المتطورة وذلك لتعدد وسائل الاتصالات ووسائل الإعلام والتثقيف خاصة بعد عودة الوحدة المباركة التي كانت أهم ثمار الثورة السبتمبرية والنظام الجمهوري فطوبا للثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر في عيدها الثامن والأربعين وطوبا للجمهورية والوحدة وبعدا للإمامة والتشطير ودعاتهما وسحقا لهم ولأحلامهم العفنة المريضة ..
رحيل علم من أعلام القضاء والأدب
ودعنا ورحل عنا في الأيام القليلة الماضية علم بارز من أعلام القضاء والثقافة والأدب ذلكم الأستاذ الكبير والشاعر الأديب الفاضل محمد عقيل الإرياني الذي كان نبراسا في كل حياته القضائية والفكرية والأدبية فمثل رحيله خسارة فادحة فقد كان رحمه الله من أبرز المؤسسين للاتحاد العام للأدباء والكتاب اليمنيين وأهم وأبرز مؤسسي فرع الاتحاد في تعز وأنشط الأدباء فيه حتى جعل من فرع الاتحاد في تعز أنشط فروع الاتحاد وأكثرها عطاءٍ ذلك لأنه رحمه الله كان حريصا جدا على نجاح الفرع واستمرار نشاطه وعطائه المتميز وإذا تطلب الأمر والضرورة تقديم الدعم من ماله الخاص فإنه كان لا يتردد وكثيرا ما حصل ذلك ..
فقد كان رحمه الله يمثل دينامو النشاط في الفرع إلى جانب زملائه ورفاقه في قيادة الفرع فإلى جنة الخلد أستاذنا الكبير محمد عقيل الإرياني وألهمنا وأهلك وأقاربك وكل محبيك الصبر والسلوان إنا لله إنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
almujahed_mohammed@yahoo.com