في سبيل حياة كريمة صورت لهم لا يبالي المتسللون الأفارقة من مصر إلى إسرائيل أن يواجهوا الموت برصاص الأمن المصري وهم يعبرون الحدود بين البلدين لواذا هاربين من جحيم عاشوه إلى جنة يتوهمونها.
ويقطع هؤلاء المهاجرون رحلة طويلة قادمين من إثيوبيا وإريتريا والسودان ودول أخرى إلى مصر بطرق شرعية وغير شرعية ثم يتفقون مع عصابات على تهريبهم إلى إسرائيل حيث يعملون بأجور بخسة لتنتهي رحلتهم بأحد ثلاثة إما العبور أو القتل أو الاعتقال.
وتتعدد دوافع المتسللين في العبور إلى إسرائيل فبعضهم يغامر هربا من الحروب في بلده كما يقول لاجئون من السودان وآخرون يحاولون الحصول على فرص عمل لم يجدوها في بلدانهم.
وتأخذ منظمات حقوقية دولية على مصر استخدامها المفرط للقوة مع هؤلاء المهاجرين العزل حيث يطلق عليهم الرصاص الحي عند اكتشافهم ليقضي بعضهم صرعى أحلامهم والمحظوظ من يحيا ليعتقل ويحاكم.
وقد قتل من المتسللين الأفارقة بيد الأمن المصري نحو أربعين شخصا منذ بداية العام الماضي سوى الجرحى وفي هذا الشهر اعتقلت السلطات المصرية ستة أفارقة في حادثين منفصلين عند العلامتين الدوليتين 52 وسط سيناء و8 جنوب ميناء رفح.
وتدافع السلطات المصرية عن إطلاقها النار وتعتبر أن إطلاق النار على المتسللين عبر الحدود إلى إسرائيل يدخل في إطار الحقوق السيادية لمصر لحماية أمنها القومي.
خشية إسرائيلية
أما إسرائيل فبعد أن كانت تختار من الأفارقة القادرين على العمل باتت تخشى أعداد هؤلاء المهاجرين وتأثيرهم على التوزيع الديموغرافي فقد أشار مسؤولون إلى أن المدن في جنوب إسرائيل مثل إيلات وبئر السبع تعج بالأفارقة.
بل عبر عن هذا القلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الأول بقوله إن المتسللين الأفارقة من مصر إلى إسرائيل يهددون الأغلبية اليهودية الصلبة ومستقبل إسرائيل.
وأضاف أن الحديث يدور عن تهديد حقيقي على مستقبل الدولة و”أنا أولي أهمية بالغة لسن قانون بهذا الخصوص لأنه يشكل مفتاحا لاستمرار كوننا دولة يهودية وديمقراطية في المستقبل أيضا”.
وتعبيرا عن هذا القلق عقدت الحكومة الإسرائيلية اجتماعا أمس الأول تستكمل به اجتماعا قبله بيوم وخصصت الاجتماعين للبحث في ظاهرة التسلل وفي تعديل قانون المواطنة والهجرة المقترح بأن يقسم كل من يطلب الحصول على المواطنة في إسرائيل الولاء لدولة إسرائيل اليهودية والديمقراطية.
وقدر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي يتسحاق أهارونوفيتش أن عدد المتسللين من مصر إلى إسرائيل بلغ أكثر من 150 ألفا منهم 26 ألفا فقط مسجلون.. وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول إسرائيلي عن هذه الأعداد من المتسللين الأفارقة.
جدار عازل
وطالب نتنياهو ووزراء في حكومته وزير الدفاع إيهود باراك بالإسراع في بناء الجدار عند الحدود بين مصر وإسرائيل على خلفية التقديرات التي استعرضها أهارونوفيتش بشأن العدد الكبير من المتسللين الأفارقة.
وجاء الرد من باراك سريعا إذ أعلن أن المناقصات لتنفيذ الجدار قد صدرت وسيتم البدء في بناء جدار عند الحدود المصرية الإسرائيلية في نوفمبر المقبل مع تأكيد أنه قد يأخذ وقتا طويلا.
وكان نتنياهو قد أقر مطلع العام الحالي بناء جدار معزز بكاميرات مراقبة على طول الحدود من مدينة إيلات في خليج العقبة حتى تقاطع الحدود بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة وذلك لإيقاف تدفق آلاف اللاجئين الأفارقة.
وتشير معطيات الشرطة الإسرائيلية إلى أنه يتسلل إلى إسرائيل كل أسبوع ما بين مائة ومائتي شخص غالبيتهم أفارقة يبحثون عن عمل وقسم صغير منهم لاجئون فارون من إقليم دارفور السوداني وكذلك تهريب نساء يعملن في مجال الدعارة.
ونظرا لكثرة عدد اللاجئين الأفارقة فإن مواضيع مثل تعليم أبنائهم في المدارس وموضوع المواطنة والولاء لإسرائيل تطرق لها في الجلستين وطالب وزراء بإجراء بحوث خاصة عن هذه الأمور.
ورغم كل ما يعترض طريقهم من احتيال من عصابات التهريب مرورا بقسوة الصحراء وانتظار الوقت الملائم للعبور إلى إسرائيل واحتمال قتلهم بالرصاص أو اعتقالهم في مصر وانتهاء بقبولهم أو إرجاعهم من إسرائيل يظل المهاجرون الأفارقة مصرين على الهرب إلى الأمام من واقع رأوه أقسى من مستقبلهم.