في كل عام مع اقتراب شهر رمضان المبارك تشهد عموم محافظات الجمهورية موجة غلاء في كافة أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية.
وهذا الارتفاع في الاسعار يزيد من الاعباء والمطالب التي تواجه أرباب الأسر من الموظفين وذوي الدخل المحدود إلى جانب شريحة الفقراء الذين يمثلون غالبية السكان.
وفي كل مرة تأتي التصريحات الحكومية بتفسيرات لهذه الظاهرة لا تخرج عن وصفها بأنها غير مبررة و«ناجمة عن أعمال اقترفها بعض ضعفاء النفوس وعديمي الضمائر باستغلالهم اقبال الناس على المواد الاستهلاكية مع اقتراب شهر رمضان المبارك»!!
إلا انه في هذه المرة يبدو ان الحكومة جادة في متابعتها للاسعار والحد من تلاعب «ضعفاء النفوس وعديمي الضمائر» بالاسعار وجشع التجار.
السطور التالية تسلط الضوء على الاجراءات والتدابير التي ستتخدها الجهات المعنية في الحكومة لمعالجة هذه الظاهرة.
متابعة: ادارة التحقيقات
الاسبوع الماضي ناقش مجلس النواب عددا من الموضوعات في ما يخص أداءه الرقابي المرتبط بزيادة تأمين الحياة المعيشية للمواطنين وتعزيز الأمن والاستقرار.
حيث قدمِ أعضاء المجلس عددا من الآراء والملاحظات في أطار اللائحة الداخلية المنظمة لعمل المجلس ولجانه الدائمة بالتركيز على ضرورة تثبيت الأسعار ومعالجة الحالات التي تؤدي إلى حدوث تداعيات في هذا الشأن بصورة خارج اطار القانون.
وفي ضوء ذلك اقر المجلس تكليف عدد من أعضائه إلى جانب لجان الخدمات والتنمية والنفط والتجارة والتموين دراسة التطورات في المجال الاقتصادي وارتفاع أسعار بعض السلع والخدمات وحيثيات ذلك والقيام باستخلاص المعالجات المناسبة وتقديم النتائج إلى المجلس في جلسة لاحقة للوقوف عليها ومن ثم مناقشتها مع الجهات الحكومية المعنية بصورة جادة وبمسئولية تضامنية وتكاملية تخدم المصلحة العامة للوطن والمواطنين بشكل عام.
واستمع مجلس النواب في جلسة لاحقة إلى إيضاحات وزير الصناعة والتجارة الدكتور يحيى بن يحيى المتوكل رداٍ على استفسارات المجلس حول التلاعب بأسعار بعض المواد الغذائية في السوق المحلي.
حيث بين الوزير المتوكل أن وزارة الصناعة والتجارة تتابع وبصورة مستمرة ويومية حركة أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية الأساسية من خلال مكاتبها في أمانة العاصمة والمحافظات ويتم تحليلها وتبيان مؤشراتها وإعداد تقارير منتظمة تعرض على مجلس الوزراء في اجتماعاته الأسبوعية, تتطرق إلى متوسطات أسعار التجار بالإضافة إلى مؤشرات الأسعار العالمية للقمح بنوعيه الأحمر والأبيض والأرز والسكر والحليب المجفف وزيوت النخيل.
رصد يومي
ولفت المتوكل إلى أنه يتم احتساب متوسطات الأسعار للجملة والتجزئة من واقع إفادات المكاتب والرصد اليومي في إطار كل محافظة والتي تتفاوت من محافظة إلى أخرى بحسب قربها أو بعدها من موانئ الوصول.
وأشار وزير الصناعة والتجارة إلى أن الأسعار تتحدد بناء على العرض والطلب في السوق مع مراعاة تأثير العوامل الخارجية.
وأفاد المتوكل بان الحكومة يتركز دورها في تعزيز الرقابة على الأسواق من خلال الإشهار السعري ومنع الاحتكار والمغالاة في الأسعار والغش التجاري فضلاٍ عن التدخل في حالات محددة لتوفير السلع الأساسية من قبل المؤسسة الاقتصادية اليمنية.
من ناحية أخرى قالت وزارة الصناعة والتجارة أن الأسواق شهدت عدم استقرار في حركة الأسعار حيث ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية والسلع الأخرى بنسب متفاوتة تحت مبرر ارتفاع أسعار الديزل .
زيادة الطلب
تشهد الاسواق اليمنية اقبالاٍ كبيراٍ من قبل المواطنين هذه الايام ويزداد الاقبال مع اقتراب شهر رمضان المبارك.. الامر الذي يعكس عدم ثقة المستهلك بالتصريحات الرسمية أحد تجار التجزئة في سوق الحصبة بأمانة العاصمة يؤكد بأن الزيادة المقررة في الاستهلاك في الايام القليلة التي تسبق شهر رمضان المبارك تمثل أربعة أضعاف الاستهلاك العادي في بقية الشهور والتي تنعكس بالسلب على الاسعار حيث ترتفع أسعار السلع نتيجة زيادة الطلب على العرض في الاسواق وكلها بسبب اقبال المستهلكين وبشره استهلاكي على السلع مع أن هناك وجبتين اساسيتين فقط في شهر رمضان وطبعاٍ هذا الاستهلاك الهائل يذهب معظمه إلى براميل القمامة!!
تبادل اتهامات
ويعتقد تجار التجزئة بأن موسم جني الارباح قد اقترب مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك.. ويلقون باللوم على تجار الجملة ويحملونهم مسؤولية رفع الاسعار بشكل غير مقبول.. ويرون بأن المشكلة تكمن في عدم جدوى الاجراءات الحكومية التي تتخذ «لذر الرماد في عيون المستهلك فقط».
تغريد خارج السرب
من ناحية أخرى نجد الاسواق هذه الايام مليئة بمختلف أنواع المواد الغذائية وخصوصاٍ المعلبات ومواد غذائية مهربة ومنتهية الصلاحية وغير موضح عليها بلد المنشأ.. وهي تباع بأسعار منخفضة ومغرية وتشهد اقبالاٍ كبيراٍ من قبل المواطنين في ظل غياب الرقابة وجمعية حماية المستهلك وغياب برامج التوعية المفترضة من قبل الجمعية وعدم القيام بدورها في تثقيف وارشاد المستهلك في ما يخص شراء مستلزماته واحتياجاته!!
أعباء اضافية
ووفقاٍ لبيانات حديثة للجمعية اليمنية لحماية المستهلكفإن هناك أكثر من عشرة ملايين من فقراء المستهلكين في اليمن- أي نصف السكان تقريباٍ- بينهم ثلاثة ملايين تحت خط الفقر يعجزون عن الإيفاء باحتياجاتهم الأساسية وتشير تلك البيانات أيضاٍ إلى أن 23% من الأطفال وبنسبة 40% من عموم السكان يعانون من عوز الغذاء وسوء التغذية. وصرح رئيس الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي أن 45% من سكان اليمن يعيشون على أقل من دولارين في اليوم الواحد بينما لا يتعدى الدخل اليومي للفرد لـ15% من السكان عن دولار أمريكي واحد.
وأوضحت جمعية حماية المستهلك أن من شأن ذلك أن يضيف أعباء ثقيلة على كاهل المستهلكين الذين يواجهون صعوبات كبيرة في الإيفاء باحتياجاتهم الأساسية وبلوغ الحد الأدنى المفترض من الأمن الغذائي والاستقرار المعيشي