تقاسيم
بين غابة الحيوان وغابة الإنسان!!
أنور نعمان راجح
> في إقليم »السافانا« في إفريقيا صِوِر أحد الهواة بكاميرته الخاصة فيلماٍ لمشهد من مشاهد حياة الغابة.. زمن الفيلم لم يتعد الثمان دقائق لكنه انطوى على الكثير من الإثارة.. البداية كانت عندما تقدمت عدد من أبقار الغابة في مشيها على بقية أفراد القطيع فوقعت في كمين نصبته مجموعة من الأسود الجائعة فلم يبق أمام الأبقار من خيار سوى الهرب بكل ما أوتيت من سرعة والأسود من خلفها ليفلح أحد الأسود في الإمساك بعجلُ لم تمكنه سرعته من الإفلات بحياته فاندفع الأسد ومعه العجل نتيجة السرعة ليقعا في نهر صغير يخترق الاقليم ثم تكاثرت الأسود لتسحب الطريدة إلى اليابسة لتبدأ وجبة الافتراس وظل العجل يصرخ ويستغيث بالقطيع وقبل أن يخرجوه من الماء حاول تمساح أن يسحب العجل من براثن الأسود لكنه لم يفلح فاستسلم وعاد ليغطس في الماء.. في ضفة النهر اجتمع على العجل ستة أسود وهو لم يزل حياٍ ويصرخ والأمل يحذوه بأن يتدخل أفراد القطيع الكبير لإنقاذه وهو ما لم يكن متوقعاٍ من الأسود أنفسهم حيث فوجئوا بسيل من الأبقار تتقدمها الذكور ذوات القرون لتشكل دائرة حول الأسود الممسكين بالعجل وشيئاٍ فشيئاٍ اقترب القطيع وأحكم الطوق حول الأسود وتغيرت موازين القوى.. فالذكور التي ولت هاربة في البداية عادت مهاجمة لتنتصر لفرد من أفراد القطيع وقع في قبضة اسود لا ترحم وفي تلك الاثناء تغيرت الأمور وبدأ الخوف يظهر على الأسود وهي تشاهد سيلاٍ من الأبقار يندفع نحوها دون تردد وهناك بدأت الأسود بالهروب واحداٍ تلو الآخر وذكور الأبقار الضخمة تلاحقها في مشهد قلِ أن يحدث في الغابة..
استطاعت الأبقار استعادة العجل من براثن الأسود والغريب في المشهد أن العجل بعد كل ما لحق به وبعد المحنة الصعبة التي مر بها قام ليلتحق بالقطيع ماشياٍ على قوائمه ولا أحد يعلم ما الذي أصابه من جروح وإصابات وما هو مصيره بعد ذلك¿ فالمهم أنه نجا من موت محقق وعاد ليعيش بين أقرانه ويموت بينهم وعند هذا انتهى الفيلم الذي شاهده الملايين على شبكة الانترنت وتناقلته بعض القنوات المتخصصة بالأفلام الوثائقية.. مثل هذا المشهد يحدث يومياٍ في الغابة التي لها حكمها المعروف وقانونها الخاص وكثيراٍ ما تتقاعس القطعان عن نصرة أحد أفرادها في معركة من هذا النوع وقل أن يعود قطيع ليفعل ما فعله قطيع أبقار الغابة في مواجهة الأسود التي لم تْعد أسوداٍ بعد ذلك..
في حياة الإنسان وبيئته يحدث اسوأ مما يحدث في الغابة وإن أخذ طابعاٍ ظاهره العقل وغلافه الإنسانية في أقاليمنا العربية حدث مثل ذلك ويحدث وسوف يحدث غير أن بقية »القطيع« لا يعودون لنصرة أحد أفراده وكثيراٍ ما يْترك الواحد منهم ليواجه مصيره بمفرده ويكتفي الجميع بالتصوير والحديث وربما لا يتم التصوير وتجرى عملية الافتراس سراٍ والشواهد كثيرة في الغابة البشرية الأشد بشاعة من غابات الحيوان..<
أنور نعمان راجح
> في إقليم »السافانا« في إفريقيا صِوِر أحد الهواة بكاميرته الخاصة فيلماٍ لمشهد من مشاهد حياة الغابة.. زمن الفيلم لم يتعد الثمان دقائق لكنه انطوى على الكثير من الإثارة.. البداية كانت عندما تقدمت عدد من أبقار الغابة في مشيها على بقية أفراد القطيع فوقعت في كمين نصبته مجموعة من الأسود الجائعة فلم يبق أمام الأبقار من خيار سوى الهرب بكل ما أوتيت من سرعة والأسود من خلفها ليفلح أحد الأسود في الإمساك بعجلُ لم تمكنه سرعته من الإفلات بحياته فاندفع الأسد ومعه العجل نتيجة السرعة ليقعا في نهر صغير يخترق الاقليم ثم تكاثرت الأسود لتسحب الطريدة إلى اليابسة لتبدأ وجبة الافتراس وظل العجل يصرخ ويستغيث بالقطيع وقبل أن يخرجوه من الماء حاول تمساح أن يسحب العجل من براثن الأسود لكنه لم يفلح فاستسلم وعاد ليغطس في الماء.. في ضفة النهر اجتمع على العجل ستة أسود وهو لم يزل حياٍ ويصرخ والأمل يحذوه بأن يتدخل أفراد القطيع الكبير لإنقاذه وهو ما لم يكن متوقعاٍ من الأسود أنفسهم حيث فوجئوا بسيل من الأبقار تتقدمها الذكور ذوات القرون لتشكل دائرة حول الأسود الممسكين بالعجل وشيئاٍ فشيئاٍ اقترب القطيع وأحكم الطوق حول الأسود وتغيرت موازين القوى.. فالذكور التي ولت هاربة في البداية عادت مهاجمة لتنتصر لفرد من أفراد القطيع وقع في قبضة اسود لا ترحم وفي تلك الاثناء تغيرت الأمور وبدأ الخوف يظهر على الأسود وهي تشاهد سيلاٍ من الأبقار يندفع نحوها دون تردد وهناك بدأت الأسود بالهروب واحداٍ تلو الآخر وذكور الأبقار الضخمة تلاحقها في مشهد قلِ أن يحدث في الغابة..
استطاعت الأبقار استعادة العجل من براثن الأسود والغريب في المشهد أن العجل بعد كل ما لحق به وبعد المحنة الصعبة التي مر بها قام ليلتحق بالقطيع ماشياٍ على قوائمه ولا أحد يعلم ما الذي أصابه من جروح وإصابات وما هو مصيره بعد ذلك¿ فالمهم أنه نجا من موت محقق وعاد ليعيش بين أقرانه ويموت بينهم وعند هذا انتهى الفيلم الذي شاهده الملايين على شبكة الانترنت وتناقلته بعض القنوات المتخصصة بالأفلام الوثائقية.. مثل هذا المشهد يحدث يومياٍ في الغابة التي لها حكمها المعروف وقانونها الخاص وكثيراٍ ما تتقاعس القطعان عن نصرة أحد أفرادها في معركة من هذا النوع وقل أن يعود قطيع ليفعل ما فعله قطيع أبقار الغابة في مواجهة الأسود التي لم تْعد أسوداٍ بعد ذلك..
في حياة الإنسان وبيئته يحدث اسوأ مما يحدث في الغابة وإن أخذ طابعاٍ ظاهره العقل وغلافه الإنسانية في أقاليمنا العربية حدث مثل ذلك ويحدث وسوف يحدث غير أن بقية »القطيع« لا يعودون لنصرة أحد أفراده وكثيراٍ ما يْترك الواحد منهم ليواجه مصيره بمفرده ويكتفي الجميع بالتصوير والحديث وربما لا يتم التصوير وتجرى عملية الافتراس سراٍ والشواهد كثيرة في الغابة البشرية الأشد بشاعة من غابات الحيوان..<