حين أثيرت الضجة الأخيرة حول العلاقات الغرامية للرئيس الأميركي بيل كلينتون لجأت أجهزة الإعلام إلى الصورة وسيلة لإثبات ما يراد إثباته فجرى التنقيب في الأرشيف عن صور مرت في حينها دون أن ينتبه لها أحد فأعادت شبكات التلفزيون داخل الولايات المتحدة وفي أنحاء العالم كله بث شريط تلفزيوني لاحتفال جرى في البيت الأبيض ظهر فيه الرئيس يعانق مونيكا لوينسكي فيما بدت هذه الأخيرة في لقطة أخرى تنظر إلى الرئيس كلينتون بإعجاب والحق أن الدلالة تضفي على الصورة حتى لو كانت هذه الصورة محايدة أو خالية من الدلالات الخاصة لأننا لو كنا نظرنا إلى صورة مونيكا وهي تنظر للرئيس قبل أن يجري الحديث عن العلاقة بينهما لما كنا قد لا حظنا أمرا غير عادي في هذه الصورة فما وجه الغرابة في أن تحدق فتاة جميلة برئيس بلادها حتى ولو بدا أنها تنظر إليه بإعجاب ولكن اللعبة السياسية الإعلامية وهي لعبة مركبة كما نرى إذ لم يعد بوسع السياسة أن تلعب لعبتها بدون الإعلام أكسبت الصورة الدلالة التي تريدها وهي إلى ذلك نجحت بتفوق في إيصال هذه الدلالة إلى ذهن ملايين المشاهدين فضلاٍ عن ملايين القراء بعد أن نشرت الصور في الجرائد ومجلات العالم.
نحن الآن في عصر الصورة والمفكر الفرنسي ريجيس دوبريه قال ذات مرة من يحكم الصورة يحكم العالم الصورة اليوم هي وسيلة التأثير وهي أيضاٍ دليل الإثبات وشاهد الإثبات لمن يريد أن يثبت أي تهمة أو يدعيها.
وبثت قناة »آرتي« الفرنسية- الالمانية المشتركة برنامجاٍ وثائقياٍ عن أهم مئة صورة في القرن العشرين وبين الصور التي جرى اختيارها الصورة الشهيرة المتداولة لتشي جيفارا وصورة الفيتنامية كيم فوك التي تناقل العالم كله صورتها وهي طفلة تركض عارية باكية بعد أن أحرقت قنابل النابالم ذراعها في مطلع السبعينيات وهي اليوم زوجة وأم وبين الصور كذلك الصورة الشهيرة لمارلين مونرو وأخرى للزعيم الزنجي مارتن لوثر كينج مضرجا بدمائه.
د. حسن مدن