أنور نعمان راجح
التعاطي بثقافة الفرصة العابرة والتي شرع البعض لأنفسهم ضرورة استغلالها الاستغلال الأمثل بالنسبة لهم وهو الاستغلال السيئ والقبيح في حقيقته أكثر المصائب التي لحقت بالبلاد وأهله مبتداها من هذه الثقافة.. كل من يشغل منصباٍ يرى أنه لا بد من استغلال الفرصة العابرة التي حانت له وعليه أن يحقق أكبر كم من المصالح الجامعة المتمثلة في شراء السيارات وبناء العمارات وكشط »الذحل« والفقر بمكاشط من ذهب ولا بد من اغتنام الفرصة بأحسن ما يمكن حتى يخرج من منصبه المؤقت ويعود إلى سابق عهده في حضرة الفقر أو الظروف الطبيعية.. آمن الكثير من الناس بأن المناصب الهامة في أية مؤسسة كانت هي فْرص لا بد من الاستفادة منها بكل السْبل المشروعة منها وغير المشروعة ومبدأ الفرصة العابرة يدفع بأولئك نحو الأساليب غير المشروعة قبل أن تتغير الأحوال وتذهب المناصب وتفوت الفْرص.. هذا المبدأ هو المسؤول الأول عن ظاهرة الفساد الذي أتى على الأخضر واليابس في البلاد وفتح أبواب الشر جميعها وينذر بالأسوأ إن استمر على ما هو عليه.. ثمة أناس نعرفهم في حال عادية وإذا بهم استغلوا الفرصة العابرة التي لا تتكرر وفق مبادئ الفساد والشيطان فتغيرت أحوالهم إلى درجة لا تغيرها على ذلك النحو الملايين القليلة بل ملايين لا تحصى ولا تعد.. السؤال هو على حساب مِنú يحدث ذلك التغير والتغيير¿ على حساب مِنú كل تلك الرفاهية المرعبة حقاٍ¿ الإجابة بالمجمل على حساب وطن وضمنها على حساب ملايين الناس الذين يذهبون نحو الفاقة والحرمان والبؤس. لقد فعل مبدأ الفرصة العابرة فعله في البلاد وأهلها وكل ما يبدو اليوم من مشكلات وأزمات جاءت بعد ذلك المبدأ الذي استشرى في الثقافة العامة فوصل من وصل إلى الفرصة السانحة وثمة من يناضل للوصول إليها وهذا الوصول بحد ذاته هو الهدف ولا تصدقوا أكثر المناضلين ضد الفساد والكثير ممن ينتقدونه.. أولئك أيضاٍ ينتظرون دورهم لاستغلال الفرصة أعرف أحدهم كان يبدأ يومه بلعن الفساد وأهله قبل أن يصلي الفجر ويفعل ذلك أثناء الصلاة وفي أذكار ما بعد الصلاة وهكذا في كل الفروض اليومية وإذا به غارق اليوم إلى أذنيه بالفساد ولا يتحدث عنه لا بطيب ولا بغيره حين يْفتح أمامه حديث الفساد.. لقد استغل الفرصة العابرة وضرب ضربته التي لا أقدر أن أحصيها سيارات وعمارات ونقوداٍ وغير ذلك من علامات الفساد المؤكدة قياساٍ بحاله قبل الفرصة حيث لم يكن تاجراٍ ولا شيء يملك من أسباب الرفاهية المشروعة.. وفي كل الأحوال فإن العدو الأول هو تفشي هذه الثقافة ولن يوقفها شيء سوى الردع الواضح الذي يفضح الفاسدين على رؤوس الأشهاد ويحفظ البلاد والعباد من شرور فْتحت أبوابها واللِه يعلم إلى أين ستؤول الأحوال فلا تستهينوا بالأمر..