ابن النيل
إذا كانت وحدة عام 1990م قد جاءت مشفوعة بولادة أول تعددية حزبية شرعية ومشروعة في بلاد اليمن فقد جاء الاحتفاء بعيدها العشرين ممهوراٍ ببيان رئاسي يستلهم روحها من حيث دعوته كافة أركان التجربة الديمقراطية اليمنية إلى الانتصار لمبدأ الحوار الوطني الحق.
لا أقل إذاٍ.. من أن يغتنم قادة الأحزاب والتنظيمات السياسية في يمننا الحبيب على اختلاف توجهاتهم ورؤاهم هذه المبادرة الرئاسية الكريمة عبر استجابتهم الفورية المفترضة لها دونما تردد أو تلكؤ مدركين في ذلك أهمية تغليبهم المصلحة الوطنية العليا على كل ما عداها من مصالح ذاتية أو حزبية ضيقة ومحدودة حيث السبيل الوحيد لتجاوز ما بين جميعهم من خلافات أو اختلافات آنية عابرة.
ولا أقل كذلك.. من أن يتحلى الجميع على حد سواء -حكومة ومعارضة- بحكمة المنطق أو بمنطق الحكمة وقد جاءت دعوة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح في توقيت بعينه على أمل أن تتكامل المساعي الوطنية الحقة لطي صفحة الماضي حيث لم يعد هناك مبرر والأمر كذلك.. لتلك المماحكات السياسية البغيضة وقد بات الاصطفاف الوطني مطلباٍ ملحاٍ لجميعنا في مواجهة المتربصين بكل ما هو مشرق وأصيل في تاريخنا كله بقدر ما بات لزاماٍ علينا- بالمقابل- ضرورة أن نتقاسم معا وسوياٍ مهمة الدفاع عن أنبل ما تحقق لإنساننا اليمني.. في مثل أيامنا هذه من عام 1990م وقد أضحى الحلم واقعاٍ معاشاٍ منذ ذلك الحين.
بل إنه.. وفي مجمل ما ورد في البيان الرئاسي- موضوع زاويتي هذه- ما يستوجب التوقف عنده بقدر مستحق من التأمل والاهتمام وقد بادر فخامة الأخ الرئيس مشكوراٍ وبطيب تسامحه المعهود في أكثر من حالة مماثلة بإطلاق سراح المحتجزين من أرباب الفتنة الحوثية إياها والخارجين على إرادة بني وطنهم في بعض المناطق الجنوبية قاطعاٍ الطريق أمام أية محاولة مغرضة للصيد في الماء العكر داعياٍ كل الفرقاء- بما فيهم الشريك الأساسي في إنجاز الثاني والعشرين من مايو عام 1990م- إلى شراكة وطنية خالصة تحت سقف الشرعية الدستورية وبكفالتها بعيداٍ عن التعصب والأنانية تحكمنا في ذلك حيثيات الانتماء الوطني دون سواها بحيث يكبر الوطن بعطاءات المخلصين من أبنائه ويكبرون به.
ونحن هنا.. لا نمالىء أحداٍ على وجه الإطلاق بقدر ما نجد أنفسنا مطالبين بإنصاف الحقيقة ليس إلا.. فما فعله فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح في ما يتعلق بدعوته كافة أطراف العمل الوطني إلى حوار ديمقراطي جاد ومسؤول ومن ثم إشراك الأحزاب والتنظيمات السياسية الممثلة في مجلس النواب كل بحسب حجمه في صنع القرار السياسي لبلاده في حالة ما إذا توصل المتحاورون إلى صيغة توافقية لتشكيل حكومة جديدة إنما يعد وبكل المقاييس نوعا من التفرد غير المسبوق في هذا الاتجاه ذلك أن أقصى ما تتطلع إليه أحزاب المعارضة الوطنية في عديد بلدان أمتنا لا يتجاوز سقف قبول أنظمة الحكم فيها باعتماد مبدأ الحوار سبيلاٍ لإدارة خلافاتها واختلافاتها مع مؤسسة الرئاسة في أي من بلدانها..
فلنحتكم إلى مبدأ الحوار الوطني الحق
التصنيفات: الصفحة الأخيرة