تناولت في المقال السابق ماهية الإبداع الإعلامي مؤكدة أن الإعلام عمل إبداعي من طراز خاص وأشرت إلى بعض السلبيات التي ترافق الرسالة الإعلامية وتجعلها خالية من الإبداع. وقبل أن أتحدث عن كيفية تحقيق الإبداع الإعلامي يجدر الإشارة بأن هناك عوامل تؤثر سلبا وإيجابا في مدى تحقق الإبداع الإعلامي من عدمه.
ولعل من أهم تلك العوامل المؤثرة سلبا على الإبداع الإعلامي عوامل تتعلق بطبيعة العمل الإعلامي نفسه كعمل يتطلب السرعة في مواكبة الأحداث والفعاليات ويرتبط بحياة الناس اليومية وتطوراتها المستقبلية. فمثلا حين نواكب حدثا ما يصعب علينا أن نتأمل فيه كتأمل الأديب أو الشاعر.
ومع ذلك فالإبداع الإعلامي يتأثر أيضا بالقدرات والمواهب الذاتية للإعلامي فإن كان يمتلك قدرات خاصة وثقافة عميقة ورؤية تجاه الحياة والمجتمع الذي يعيش فيه سيتمكن من الإبداع والعكس صحيح.كما أن مساحة حرية التعبير المتاحة للصحفي وللمجتمع ككل تؤثر سلبا وإيجابا على الصحفي.
ولذلك فإن ما يعانيه الصحافيون حاليا سواء على المستوى المحلي أو العربي أو العالمي من قمع لحرياتهم وسلب حقوقهم في التعبير عن هموم مجتمعاتهم أثر سلبا على قدراتهم الإبداعية. فالإبداع في مجال الإعلام والصحافة يتعرض لحملة شرسة لا هوادة فيها.
ولكي يتحقق الإبداع في مجال الإبداع ينبغي توفر البيئة الصحية الملائمة للعمل الإعلامي من حيث أتساع مساحة الحرية إلى أقصى حد ممكن وتوفير الظروف المادية الملائمة لحياة كريمة للإعلاميين.
كما يتطلب شروطا تتعلق بالمجتمع الذي يعيش ويبدع فيه الإعلامي كأن يكون هناك مجتمع ديمقراطي يحترم الرأي والرأي الآخر ونسبة الوعي مرتفعة بين أفراده. والأهم أن يكون الصحافيون منتمين لوطنهم ومتفاعلين مع قضاياه ولديهم عشق لمهنة الإعلام ( الصحافة).
فلا يمكن للإعلامي أن يبدع إذا لم يكن مولعا بمهنته ومنتميا لها وقريبا من الناس متعايشا مع همومهم وأمالهم فمهما كانت مهارة وثقافة الإعلامي لا يمكنه أن يكون مبدعا إذا كان بعيدا عن الجمهور فالجمهور هو الحكم الذي يحدد من هو الإعلامي المبدع.
