استطلاع وتصوير: صالح الدابيه
في آخر إحصائية لإدارة مكافحة الكلاب المتشردة بمشروع النظافة في أمانة العاصمة قبل حوالي 3 أشهر أكدت الإدارة أن الفرق الميدانية التابعة لها استهدفت 17 ألف كلب متشرد ومسعور ضمن حملاتها الوقائية للعام الماضي 2009م.. واشارت الاحصائية إلى أن ما يقارب مليون كلب ضال ومسعور تسرح وتمرح في أمانة العاصمة.. منوهة بتلقيها عدداٍ من البلاغات من المواطنين حول الأضرار النفسية والمادية والخوف.. الخ
فإن كانت هذه الإحصائية دقيقة جداٍ فلا شك أن سعار الكلاب الضالة سيشكل تهديداٍ قوياٍ لها في حين أن تزاوج وتضاعف الكلاب خلال الثلاثة الأشهر الماضية التي توقفت عنها الحملة سيصل رصيدها ضعف ما أعلنت عن ابادتها الفرق الميدانية إن لم يكن أكثر من ذلك.. فإبادة 17 ألف كلب ضال من مليون لا يشكل 1٪ من هذا الرقم المهول الذي ستحمل لنا إحصائية لاحقة رقما آخر مصحوباٍ باستغاثة دولية.. إذاٍ ما جدوى نشر إحصاءات رقمية عن انتشار الكلاب الضالة في مدينة ما من المدن اليمنية دون مكافحتها¿
هل صار من الحميمية أن ترعى تلك الكلاب تحت مبرر حراسة مصالح خاصة دون الاكتراث بخطورتها على حياة عامة الناس¿
ما وجهة نظر المواطن في تبني بعض البيوتات »الراقية« لموديلات الكلاب الأجنبية بأسمائها الإفرنجية¿
معركة مصيرية
أسئلة شتى لم تعد بمقدورها أن تصل إلى جادة اهتمام إحصائيات الجهات الراصدة للأرقام »الضالة« للكلاب المسعورة أو الـ dog garde كما يطلق عليها البعض بحكم وظيفتها وواجباتها الروتينية اليومية التي لا تخضع لأولوية اعتمادها كحارس أمين لدى صاحب هذه المنشأة أو ورشة الصيانة أو منزل ما إلا من خلال فرض جبروتها وتحرشاتها العدائية بعامة الناس في محيطها الأمني من وجهة نظر راعيها فإن سلمت أجساد البشر من نهشها ففي أحسن الأحوال ينتاب سكان الحارات والمنازل الشعبية ذات الأدوار السفلية رعب عواء ونباح تلك الكلاب التي تشكل لها بيئة آمنة وخصوصاٍ الحارات والشوارع غير المضاءة بأعمدة النور ليلاٍ.
يحدثنا الحاج السلامي 75 سنة بنبرة حادة: كلما اذكر الموقف السابق الذي شهدت فيه معركة شرسة مع الكلاب أحمد الله على نجاتي منها بأعجوبة لحظة إحاطتي في حلقة دائرية بـ8 كلاب ضالة وأنا في طريقي إلى أداء صلاة الفجر فبدأت بصدهم بحركات التهديد بأن أمس الأرض لالتقاط ما يمكن أخذه لرميهم إلا أن محاولاتي باءت بالفشل فانتزعت الجنبية عن غمدها واستمررت بالتهديد في معركة مصيرية حتى امنعها من الاقتراب ناحيتي وبينما أوشكت على الإفلات من عضة أحدها لامست يداي كومة أحجار وأخذت أرميها عشوائياٍ حتى فككت حصاراٍ شرساٍ فرضته حولي تلك الكلاب الضالة رغم تقدمي في السن.
أما المواطن محمد علي ميوني فقد أوضح رأيه قائلاٍ: المواطن لا يهمه الإحصائيات الرقمية بقدر ما يهمه الإجراءات العملية المستمرة لمكافحتها والحيلولة دون انتشارها وخطورتها فإحصائيات كهذه ينبغي أن ترفق بها إحصائية أيضاٍ عن عدد الضحايا الذين لقيوا حتفهم بمخالب وعضات تلك الكلاب المسعورة التي تحظى بالرعاية حيناٍ والاستماتة بها دفاعاٍ عن خدماتها »الجليلة« في استتباب أمن الشركة الحاضنة لأعداد منها والتي تتخذ من وقوف السيارات التابعة لها مأوى لأعداد كبيرة من هذه الكلاب ورعايتها رعاية تامة في حين أن من سلبيات بعض البيوتات أيضاٍ أن ظهرت لنا بتقليعات جديدة تقليداٍ للعادات الغربية والأوروبية وتتمثل بـ»استيراد« إن جاز لنا التعبير اعداد وأشكال »راقية« من الكلاب التي ترجع أصول نشأتها إلى دول أوروبية غربية فأنا اتساءل: هل نحن بحاجة إلى تنوع لهذا الحيوان الذي لم يألفه المواطن في مجتمعنا إلا بنسبة ضئيلة في ريف بلادنا بحكم حياة البداوة والمزارعين أو الرعي¿.. وهل تنقصنا أعداد أخرى من الكلاب التي تملأ شوارعنا وحاراتنا بأحجامها المختلفة فنحن لم نصل بعد كبشر إلى مستوى الحميمية لبعضنا البعض فكيف نستجلب كلاباٍ من الخارج للعيش في بيئتنا تحت رعاية وتغذية مبالغ فيها ليس إلا من باب »المنجهة« فحسب¿.. وعودة إلى إغفال إحصائيات عن ضحايا الكلاب المسعورة فقد خطرت على ذكر هذا الحديث حادثة أحد الاصدقاء وهو تربوي جاءت به الأقدار قبل عدة سنوات من إحدى المحافظات لمتابعة بعض الأمور الإدارية والمالية العالقة في العاصمة صنعاء وعند مروره جوار إحدى المنشآت سيراٍ على الأقدام انقض على ساقه كلب مسعور ضحى ذلك اليوم فأخذ يصرخ في وجه أحد حراس مبنى مجاور مستنجداٍ به ليطلق طلقة واحدة على الكلب الذي يؤكد لعابه وعدوانيته بأنه »مسعور رسمي« إلا أن صِمِمú هذا الحارس أمام صرخات واستنجاد هذا الغريب أودت بحياته أثناء محاولة إسعافه الميؤوس منها وقتذاك.
هجومية تسابق الريح
ومن جانبه يستنجد المواطن الشميري قائلاٍ: هذه عصاي لم تفارقني لحظة واحدة وخصوصاٍ إذا ما خرجت مساء من منزلي أو عند أداء صلاة الفجر فالكلاب زادت عن حدها من الجرأة والمباغتة وأكثر ما يرعبني أنها هجومية تسابق الريح واضاف: بالأمس وبينما كنت ماراٍ بأحد الشوارع المؤدية إلى المسجد أفلت من انياب ثلاثة كلاب كانوا متربصين في زاوية تحت عمود الكهرباء وبينما هموا باتجاهي مرت بجوارهم سيارة مسرعة فإذا بهم يسرعون خلفها وكأنهم التصقوا بها حتى ابتعدوا كثيراٍ فتنفست الصعداء وحمدت الله على نجاتي من قبضتهم لذا ندعو الجهات المعنية بأمور مكافحتها أن تباغت شرور هذه الكلاب في تجمعاتها الاستيطانية في أوقات الليل وقبل طلوع الفجر لأن اعداداٍ كبيرة منها لم نلحظها نهاراٍ بينما يزداد تكاثرها ليلاٍ وبصورة دائمة وتأخذ من أسفل السيارات الواقفة في عدد من الحارات – كما هو حال حارة معين – مرقداٍ دافئاٍ لا تريد من وقع الأقدام أن يوقظها فإذا ما حدث ذلك انتفض الكلب من وكره وصال وجال وتفنن في طبقات صوته لينال شهادة »الحارس الأمين« الفخرية عند صاحبه وكأن الشارع أو الحارة تحت حمايته ولا يجوز ايقاظه بالطريقة التي لا يرغبها.. اذاٍ ينبغي وضع حد لهذه الكلاب التي تقلق أطفالنا قبل أن تقلقنا نحن كبار السن تفادياٍ لحدوث أي مكروه لا سمح الله.
من خلال هذا الاستطلاع القصير الذي استهدفنا من خلاله أفراداٍ اكتووا بهجمات الكلاب الضالة قبل أن تنهش أجسادهم بأنيابها ومخالبها الحادة القاطعة.. نخلص إلى أن ما ورد في إحصائية إدارة مكافحة الكلاب الضالة والمسعورة – إبادة 17 ألفاٍ – عدد لا يكفي أمام سرعة تكاثرها وخطورتها وتهديدها لحياة وسكينة المواطن أياٍ كان في أي مدينة وليس في أمانة العاصمة فقط.. فهل من حملات وقائية مستمرة أم ستظل متزامنة مع نشر الإحصائيات الرقمية التي تضاعف قلق المواطن وليس العكس¿!