أحمد عبدربه علوي❊
عاد البعض من الناس يتساءل في هذه الأيام الأخيرة: هل هناك تغيير وزاري¿ هل هناك تعديل¿ والواضح أن التساؤلات هذه المرة تتسم بشيء من الفتور وعدم الحماس.. ربما لأن الناس قد ملوا من كثرة الحديث عن التغيير الوزاري.. دون أن يكون هناك أي أثر للتغيير سواء الوزاري أو في المناصب القيادية في مؤسسات الدولة.. نقول هذا الكلام لأن هذا لا يمنع قطاعات عريضة من الشعب أن تطلب مجموعة من التغييرات في النظام نفسه وحين يروج البعض أن المسألة ليست تغيير أشخاص فإن الجماهير تؤمن بأن الأفراد الناجحين قادرون على أن يحققوا لمجتمعهم نجاحات عديدة.. كما تؤمن الجماهير أيضاٍ بأن الأفراد الجادين قادرون على أن يصيغوا القدوة الكفيلة بتحقيق المستحيل.. وتؤمن الجماهير ثالثاٍ بأن عفة صغار الموظفين تتحقق تلقائياٍ وأتوماتيكياٍ متى تحققت عفة القيادات ونزاهتها.. وبصراحة القول إن الكثير من الجماهير قد سئمت وجوهاٍ يتكرر بقاؤها طالما يتكرر فشلها في كل تجربة ومع هذا فإنها تصطنع من الضجيج الإعلامي ما يصور فشلها على أنه نجاح وما يصور انتقادات الآخرين لها على أنها حقد وما يصور تكسبها المريع من المنصب على أنها أمر طبيعي وما يصور تباعد المثقفين الحقيقيين عنها على أنه تباعد أقلية فحسب..
لا يخالجنا الشك في هذا الشأن من أن الجماهير قد سئمت أيضاٍ ممن يدعون لأنفسهم الإنجاز الذي تحقق على يد من سبقوهم وليتهم يكملونه لكنهم للأسف يتوقفون به مرحلة بعد أخرى ومع هذا لا يمنعهم الحياء من أن يصرحوا بأن الإنجاز قد تم مع أن الإنجاز ينطق بنفسه إذا تم ولا ينطق إلا بتكذيبهم حين ترى الجماهير تصريحات متكررة عن الانتهاء من المشروعات بينما المشروع لا يزال يتعثر.. سئمت الجماهير ايضاٍ من وجوه ذات فلسفة مهترة تستطيع الدفاع بالمنطق ثم تلجأ بعد أشهر إلى المنطق المعاكس تماماٍ وتختلط الأوراق في أيديها وتخلطها على الناس وتدفع الناس جميعاٍ إلى المعاناة وتخرجهم من معاناة إلى معاناة دون أن يبدو في الأفق حل واضح للمشكلة الكبيرة التي تزداد تضخماٍ ببقاء هذه القيادة في موقع مؤثر.. سئمت الجماهير من يفرضون أنفسهم فرضاٍ ويحتلون الجزء الأكبر من الصورة دون أن يكون لوجودهم مبرر إلا مبرر العادة والتعود على حين أن الحياة ترنو إلى الأفضل وتصبو اليه وتسير بخطوات أسرع لو أنهم ابتعدوا عن الصورة ولو أن دورهم الهلامي والوهمي المتضخم قد ذهب أدراج الرياح.. سئمت الجماهير خامساٍ ذلك النوع المدعي الذي يخلط بين الوسائل والغايات ويكتفي من الغاية بالحديث عن التوسع الكمي في الوسائل دون مبرر وتلقى الغايات السامية على يديه الهزائم مرة بعد أخرى ومع هذا فإن هذا النوع يصور أسلوبه وقد أحاط بكل شيء ولم يترك ثغرة في الدفاع عن صورة الوطن بينما الثغرات الكبيرة هي الطابع الغالب على نشاطه ونشاط الهيئات التابعة له.. سئمت الجماهير سادساٍ ذلك النوع من القيادات الذي يصرح برفع المعاناة لكنه يزيدها ويبرر المعاناة الجديدة التي خلقها لبعض الناس بأنه ينتهج صواباٍ طال البعد عنه بينما هو يخلق في جبهات أخرى أخطاء جسيمة كفيلة بأن تدمر بنية وعافية القطاع الذي هو مسؤول عنه إلى ما شاء الله.. سئمت الجماهير أيضاٍ »وجوها« تنطق بالجهل وقصور الفهم وعدم الإدراك السياسي ومع هذا فهي تخطئ وتكرر الخطأ وتعالج الخطأ بالخطأ دون أن تفكر مرة واحدة في الانسحاب ولا حتى في التهديد ولا حتى في رفع رايته مكتفية بالاحتجاج بحسن النية.. سئمت الجماهير قبل كل هؤلاء من ادعى العلم وهو (!!) وممن ادعى المعرفة وهو مغيب ومن أدعى الخبرة وهو (!!) ومع هذا فإنه يقول التصريحات بلغة يترفع عنها (عقال الحارات) ويقود الحوارات بلغة يترفع عنها الطلبة ويظن نفسه قادراٍ على ان يدير اقتصاديات الوطن بالقفشات ثقيلة الظل وحدها وقبل كل هؤلاء جميعاٍ لا تزال الجماهير على ترحيبها بالذين يحرصون على سيادة هذا الوضع وأمنه وسلامة أراضيه أولئك الذين يسهرون الليالي دون ضجيج من أجل هذا الهدف الأرفع الذي يؤدونه بمنتهى العفة والاحترام سواء في مواجهة أعداء الخارج أو أعداء الشعب في الداخل ولا يزالون يعالجون بكل الجدية وبكل العلم وبكل الإخلاص كل ما من شأنه أن يؤكد على هذا الهدف المرتبط بوجودنا وسيادتنا.. والله من وراء القصد..
❊ رئاسة مجلس الوزراء