يعقد اتحاد نساء اليمن اليوم في صنعاء المؤتمر الوطني الثالث بمناسبة مرور عشرين عاماٍ على وحدة اتحاد نساء اليمن والاحتفال باليوم العالمي للمرأة تحت شعار »عدالة اجتماعية سلام دائم أسرة آمنة«.. حيث سيناقش المؤتمر جملة من القضايا العامة المتعلقة بحقوق المرأة اليمنية وكذا القضايا العامة المتعلقة بحقوق المرأة اليمنية وكذا تقييم دور المرأة اليمنية في مشاركتها لأخيها الرجل في الحياة العملية بشتى المناحي خلال العشرين عاماٍ من عهد الوحدة اليمنية المباركة.
وسيقدم المشاركون في المؤتمر العديد من أوراق العمل الخاصة بأهم إنجازات اتحاد نساء اليمن وكذا وضع المرأة اليمنية في الوقت الراهن بالإضافة إلى عرض دراسات حول العنف ضد المرأة والزواج المبكر وأضرار الأمومة المبكرة.
استطلاع/ عاصم السادة
شهد نشاط المرأة اليمنية خلال سنوات الوحدة المباركة توسعاٍ أفقياٍ وعمودياٍ على صعيد المشاركة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
فقد تبوأت المرأة اليمنية مواقع عديدة وأصبحت الطبيبة والمهندسة والقاضية والمحامية والمحاسبة وضابطة الأمن وغيرها من المناصب لتشكل اليوم جزءاٍ من واقع حياة معاشة وبعض ثمار بذور غرستها القيادة السياسية ممثلة بفخامة رئيس الجمهورية لتكون عنوان الدولة اليمنية الحديثة وأبرز ملامح الدخول إلى الألفية الثالثة.
وبكل تأكيد أن المرأة ما كانت لتصل إلى ما هي عليه اليوم لولا أن تطورها جاء في سياق نمو وطني واستراتيجية شاملة على مختلف الأصعدة المحلية والدولية ساعدت على جعل عناصر التقدم والحداثة بمثابة المناخ الصحي الذي يهيئ فرص نجاح المرأة ودعم حقوقها وحرياتها وإنسانيتها الكريمة.
والحقيقة أننا نجد اليوم حراكاٍ غير مسبوق في مجال حقوق المرأة وتصاعد الأصوات الداعية إلى تمكينها من حقوقها وحرياتها وتفعيل مشاركتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
تكريم
فالحديث الذي كان في عام 1990م يواجه ببعض السخرية ومعارضة شديدة لم يعد كذلك اليوم هكذا بدأت رئيسة اتحاد نساء اليمن بمحافظة عدن وعضو المجلس المحلي بالمحافظة فاطمة مريسي حديثها.
وقالت: إن المرأة اليمنية استطاعت أن تتبوأ مواقع قيادية ومراكز هامة فاليوم لدينا الوزيرة والسفيرة والوكيلة إلى جانب المشاركة الشعبية كناخبة ومرشحة حيث تواجدت في المجالس المحلية بالمحافظة وعلى مستوى المديريات.
وأضافت مريسي: إن القيادة السياسية تؤمن بتواجد المرأة في مواقع صنع القرار وبفضل دعم رئيس الجمهورية الذي وجه بتسهيل دخول النساء والمشاركة في انتخابات المجالس المحلية وتذليل كافة الصعوبات التي تواجهها.
وترى إن يوم 8 مارس من كل عام يجب أن تكرم فيه كل النساء العاملات المخلصات لوطنهن الغالي لما يبذلن من أعمال بناءة في قطاعاتهن المختلفة وجعل هذا اليوم بالنسبة لهن عيداٍ يحتفلن فيه كما هو في بقية بلدان العالم.
حضور فاعل
فيما تقول الأخت قبلة محمد سعيد رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة بمحافظة عدن: لقد ارتبط التاريخ الحضاري لشعبنا اليمني العظيم بعلو مكانة المرأة وحضورها الفاعل في الحياة السياسية والعامة ومشاركتها جنباٍ إلى جنب مع أخيها الرجل في صنع القرار السياسي ولا يكون الانحسار الحضاري إلا حين تغيب المرأة عن أداء دورها في المشاركة شأن ما حدث في عهد التخلف.
وتضيف: إن شعبنا قد أدرك هذه العلاقة الجدلية واستقر في وعيه الحضاري إنه لا بناء ولا تنمية ولا تحديث دون الارتقاء بدور المرأة وتعظيم مكانتها وترجم ذلك إلى واقع ملموس حيث أخذ يعنى بالمرأة وحقوقها وبتعهدها بالتربية والتعليم.
طموحات
مؤكدة أن المرأة اليمنية اليوم قد نالت جل حقوقها التي كانت تفقدها في عهود التخلف حيث تمكنت اليوم من المشاركة الفاعلة في صنع القرار السياسي وخوض معارك الانتخابات النيابية والمحلية.. وفي المقابل لاتزال لدى النساء طموحات كبيرة في تحقيق مزيد من التطورات الاستراتيجية على الأصعدة الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهي بحاجة إلى دعم القيادة السياسية ممثلة بفخامة رئيس الجمهورية لترجمتها على أرض الواقع لما من شأنها أن تخدم المصلحة الوطنية بشكل عام.
سؤال كبير
فيما أوضحت الأخت إشراق الجديري رئيسة دائرة منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان برئاسة الوزراء أن قضايا المرأة اليمنية اليوم أضحت تمثل سؤالاٍ كبيراٍ يطرحه الواقع على الأنساق الثقافية والاجتماعية والسياسية لأن هذه القضايا قد تعرضت وماتزال لبعض الهجمات والاتهامات.
وترى الجديري أنه إذا كانت قضايا المرأة اليمنية ومشاركتها العامة قد طرحت في كتابات مختلفة بشكل جزئي يركز على هذا الجانب أو ذاك وتعرضت أدوارها للابتسار تارة والتشكيك والتشويه تارة أخرى فإن بناء رؤية أمينة لهذه القضية يحتاج من الجميع الاقتراب من أدوار المرأة الحقيقية واستيعاب الظروف الذاتية والموضوعية التي تتحرك في مسارها.
صراع أدوار
وتضيف: ما دمنا نحتفل وكل العالم هذه الأيام بذكرى يوم المرأة العالمي »الثامن مارس« نجد أن المرأة اليمنية في المجتمع أشد الفئات تعرضاٍ لصراع الأدوار فهي ابنة وأم وزوجة وموظفة ونقابية وناخبة وأدوار أخرى عديدة.
فالبحث في إشكالية المرأة اليمنية وقضاياها يقود إلى أنها لاقت تاريخياٍ عدة اعتراضات وحجتنا رداٍ على هذه الاعتراضات أن إشكالية المرأة اليمنية ومثلها المرأة العربية في الحياة العامة تتدرج وتتطور ضمن تطورات المجتمع وضمن الوسائل التي اختارها لتحرره والحقائق الثابتة بينت لنا أن إشكالية المرأة اليمنية مرتبطة بالحالة العامة التي تعيشها المجتمع اليمني بشكل عام ولا ننكر في الوقت ذاته أن آفة الأمية والجهل ماتزال سائدة في أوساط النساء أكثر منها في أوساط الرجال وعلينا أن ندرك أن هذه الإشكالية لا تكمن في التناقض القائم بينها وبين الرجل بل إن تقدمها الكلي رهين بتقدم المجتمع سياسياٍ وثقافياٍ واجتماعياٍ.
متاعب وعقبات
وتؤكد الجديري: إن ثقافة الاعتراف بدور المرأة في المجتمع اليمني الحديث ماتزال تواجه كثيراٍ من المتاعب والعقبات التي تحتاج إلى مزيد من التعليم العصري الإيجابي وإلى الإعلام الهادف من منظور ورؤية جديدة تضع المرأة اليمنية في مكانها الصحيح داخل المجتمع وفي كل مستوياته.
شريك أساسي
أما الأخت إيمان عمر خالد مديرة إدارة التعليم العام بمكتب التربية بمحافظة عدن تقول: إن العملية التعليمية تطورت كثيراٍ خلال العشرين عاماٍ الماضية من عمر الوحدة اليمنية وخاصة تعليم الفتاة الذي حظي باهتمام ورعاية كريمة من قبل رئيس الجمهورية الذي اعتبر أن تعليم المرأة مفتاح التنمية بكل أشكالها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وهذا ما أكده البرنامج الانتخابي لفخامته.
وأضافت: إن نجاح الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم الأساسي يعتبر من المكاسب التي تحققت في بلادنا والذي تعتبر فيه المرأة اليمنية شريكاٍ أساسياٍ في بناء هذا المجتمع المتضرر بسلاح علمي عال وفق أسس علمية حديثة وهذا يتطلب بذل الكثير من الجهود والمتابعة وتسخير الإمكانيات والقدرات المادية والبشرية كون هذه الاستراتيجية إحدى منظومات وسائل التطوير والتحديث في هذا المجال.
تحرر
وأشارت إيمان إلى أن يوم 8 مارس من كل عام يمثل يوماٍ عالميا تكرم فيه النساء اليمنيات برمتهن لما قدمن من خدمات إنسانية واجتماعية وثقافية وسياسية لهذا الوطن حيث أن هذا اليوم ينم عن تحرر المرأة من القيود التي كانت تكبلها في الماضي السحيق وخروجهن من الظلم والظلام المستميت الذي كانت تعاركه منذ أمد طويل.. وبالتالي أصبحت المرأة ولاسيما اليمنية تتربع مراكز قيادية وتشارك أخاها الرجل في صنع القرار فمنهن الوزيرات والوكيلات والسفيرات وأعضاء مجلس النواب وكذا المجالس المحلية وغيرها.
خبز وورود
في عام 1857م خرج آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها ورغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرات نجحت في دفع المسؤولين السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جدول الأعمال اليومية.
كما أنه تم تشكيل أول نقابة نسائية لعاملات النسيج في أميركا بعد سنتين على تلك المسيرة الاحتجاجية.. وفي الثامن من مارس من عام 1908م عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك لكنهن حملن هذه المرة قطعاٍ من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار »خبز وورود«.
طالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع.. وقد شكلت مظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة خصوصاٍ بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف رفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها الحق في الانتخاب وكان اسم تلك الحركة »سوفرا جيستس« (suffragists ).
وتعود جذورها النضالية إلى فترات النضال ضد العبودية من أجل انتزاع حق الأميركيين السود في الحرية والانعتاق من العبودية.
وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم للمرأة الأميركية تخليداٍ لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909م وقد ساهمت الأميركيات في دفع الدول الأوروبية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة وذلك في مؤتمر كوبنهاجن بالدانمارك الذي استضاف مندوبات من سبع عشرة دولة وقد تبنى اقتراح الوفد الأميركي بتخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولايات المتحدة.
غير أن تخصيص يوم الثامن من مارس كعيد عالمي للمرأة لم يتم إلا بعد سنوات طويلة بعد ذلك لأن منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبة سوى سنة 1977م عندما أصدرت المنظمة الدولية قراراٍ يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس.
وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن وتذكير الضمير العالمي بالحيف الذي مازالت تعاني منه ملايين النساء عبر العالم.
كما أن الأمم المتحدة أصدرت قراراٍ دولياٍ في سنة 1993م ينص على اعتبار حقوق المرأة جزءاٍ لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان وهو ما اعتبرته الكثير من المدافعات عن حقوق النساء حول العالم تنقيصاٍ من قيمة المرأة عبر تصنيفها خارج إطار الإنسانية.
وقفة من أجل النصف الآخر
من المؤكد أن هذا اليوم عالمي بكل ما تعنيه الكلمة من معان فالنساء يجتمعن من كل مكان في العالم بغض النظر عن الاختلافات اللغوية والثقافية والاقتصادية والسياسية للاحتفال باليوم العالمي للمرأة.
وحقوق المرأة وواجباتها هي أحدْ الشروط التي يقاس بها تقدم الأمم فالعالم النامي مازال يعاني من تدهور وضع المرأة وعدم الاهتمام بها وعدم الاعتراف بحقوقها الإنسانية نتيجة لظروف اجتماعية واقتصادية سيئة.
واليوم العالمي للمرأة يعد مناسبة مميزة تتيح لنا أن نتوقف كل عام في تحية وإعزاز لنراجع ما قدمته المرأة التي تمثل نصف المجتمع من أجل تطوير وتقدم بلدانها.
وفي ذات الوقت نراجع الحقوق التي حصلت عليها المرأة والتي مازالت تحتاجها فالمرأة شريحة هامة وأساسية من شرائح المجتمع وهي الآن وبعد مرور أزمنة عديدة من حرمانها من حقوقها أصبحت تساهم في حركة التطوير والتحديث في دول العالم المتقدم والنامي على السواء وهذا اليوم هو المناسبة المثالية لاستعراض تقدم الأنشطة التي تقام لصالح مساواة المرأة وتقييم التحديات التي يجب على النساء التغلب عليها في مجتمع اليوم والتعرف على الوسائل التي تم اتخاذها لتحسين وضع المرأة..