استطلاع/ صالح الدابيه
نيزان توفيق
قيمة ثقافية مهمة
رئيس تحرير مجلة الحكمة الثقافية الأستاذ والمفكر عبدالباري طاهر يؤكد أن الساحة الثقافية والوطنية فقدت برحيل أحمد جابر عفيف قيمة ثقافية مهمة جداٍ وشخصية اهتمت بالثقافة والفكر والتعليم منذ الأربعينيات وفقدان مثل هذا الإنسان له معنى كبير في النفوس عدا أنه كان يدير مؤسسة من أهم المؤسسات الموجودة في الساحة اليمنية.. وأضاف نقيب الصحافيين الأسبق: ورحيل العفيف يمثل فارقاٍ مهماٍ في نشاطات مؤسسة العفيف الثقافية فضلاٍ عن إشرافه على المناهج التربوية وإسهامه في تشكيل التعليم الحديث في جامعة صنعاء وأهم انجاز للفقيد المؤسسة الثقافية التي أنشأها والموسوعة الثقافية موسوعة العفيف.
مؤلف كتاب العفيف.. زمن خارج السرب الأديب علي المقري قال: يبرز اسم العفيف ليس في رحيله وإنما أيضاٍ برز في حياته أنه رجل المفارقات المدهشة والأشياء المختلفة التي تميز بها عن زمنه سواء كان في مراحل طفولته أو في ما بعد في مرحلة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
ويسترسل: ورغم أن طفولته كانت متعبة ومرهقة إلا أنه استطاع أن يدرك معارف العصر الحديث بكل ما تعنيه من رؤية مغايرة للسائد اليمني في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي.. فكان في اتجاهه الفكري ينحو نحو الديمقراطية واللبرالية والفكر الحديث كان يحترم العقل ويعطي مكانة مميزة سواء على مستوى الصعيد المعيشي اليومي أو الكْلي اليومي- العام- في تأسيس دولة حديثة ترتكز على المؤسسات المدنية وعلى المستوى الخاص: كان ينحو بسلوكه نحو الإنسان المدني الحديث.. وأنا لا أقول أننا نفتقده اليوم وأتمنى أن يتحول إلى قدوة يتجه صوبها الكثير من الأجيال المعاصرة والمستقبلية..
نحو يمن ديمقراطي تعددي مدني تسود فيه القيم الحديثة ويتخلص من القيم الغابرة والمتخلفة ذات البعد الواحد.
قلب يتسع للجميع
وعن رحيل الفقيد أحمد جابر عفيف قالت الفنانة التشكيلية د. آمنه النصيري: لم نفاجأ برحيل الأستاذ أحمد جابر عفيف بحكم مرضه ونحن نرفض أن نفقد الذين نحبهم وهذا الرجل يوجد شبه إجماع على محبته وهي مسألة مبررة نظراٍ لتاريخه كإنسان وكموقف وكمناضل وعلى يده ظهر التعليم المؤسسي وظهرت جامعة صنعاء كأحد مؤسسيها وهو أحد الرجال الذين أكدوا على أهمية الوعي والعلم والثقافة لهذا البلد وهو أحد الوجوه المدنية في اليمن وحتى رحيله ظل يطالب بالتحديث وظل مؤمناٍ بأهمية مأسسة الدولة والحياة عموماٍ وعلى المستوى الثقافي جميعنا نعلم كيف شكل بمؤسسة العفيف الثقافية حركة نشطة وحيوية في الإبداع والثقافة المحليين وكيف تبنى كل ما هو جريء وجاد وصادق وحتى كإنسان بغض النظر عن هذا التاريخ الطويل لا يمكن أن ننسى الأستاذ والوالد والصديق أحمد جابر عفيف الذي كان دائماٍ يلقانا بكل محبة امتلك قلبا يتسع للجميع يتسامى دوماٍ على الخلافات الشخصية والضغائن والصغائر ويغمر كل من حوله بمحبته رحمة اللِه عليه.. وأشعر أننا فقدناه جميعاٍ فقدنا بعضاٍ أو جزءاٍ كبيراٍ من مدنية هذا البلد فالفقيد الراحل أحمد جابر عفيف كسر القاعدة التي اتسم بها كثير من رجال السياسة في اليمن وهو الغياب الكامل عن الحياة الثقافية والاجتماعية بعد خروجهم من مناصبهم بينما الراحل ظل حاضراٍ حتى آخر يوم في حياته واستمر دوره كمنظر للحياة المدنية اليمنية وكأحد التنويريين وكان من الشخصيات التي لم تنكسر أمام أية عقبات.
قامة أدبية وثقافية
من جانبها عبرت الأخت بلقيس اللهبي عن حزنها العميق برحيل الأستاذ أحمد جابر عفيف وقالت: إن الفقيد أحمد جابر عفيف كقيمة اجتماعية وأخلاقية وغيابه عنا كأب وقامة أدبية وثقافية شكل ملمحاٍ من ملامح اليمن الحديث والمتطور والساعي إلى المدنية والتقدم ويعد رحيله في هذا الوقت انقطاعاٍ لمشروع ثقافي واجتماعي متمدن ومشوار مؤسسة العفيف الثقافية التي حملت اسمه كانت من أوائل المشاريع الأهلية ذات البعد الثقافي وكانت تسعى إلى تغيير مجتمعي باتجاه التحديث في ظل انحسار أشكال الثقافة والتحديث المجتمعي في اليمن فقد مثلت مؤسسة العفيف انفراداٍ في خطابها والخشية من فقدان مشروعه الثقافي واختفاء توجهه الثقافي التحديثي البعيد عن المكايدات السياسية وعدم انحيازه السياسي وفي هذه اللحظة التي نفتقد فيها أباٍ لنا نتمنى أن يستمر مشروع مؤسسة الفقيد الراحل الأستاذ أحمد جابر عفيف بطريقة عمله الفريدة التي سوف تستفيد منها كثير من الأجيال وأن يستمر اسمه كرائد لمشروع أهلي يتواصل بأجيال عديدة بغض النظر عن فقدان المؤسسة لشخصه فإن كنا فقدناه جسداٍ فإنه باقْ كروح زرعت في كل الذين أحاطوا به بقيم متفردة ومختلفة فإن كانت هناك من كلمة عزاء فإنني أوجهها إلى زوجته الوالدة خديجة الشرفي فهي أكثر شخص كانت روحها متواجدة في المؤسسة بل كانت حاضرة باستمرار في كل أعماله وفي كل أنشطة مؤسسته حتى آخر لحـــــظة من حياة الفقيد الذي شكل رحيله عن الساحة الثقــــافية والأدبية والمدنية خـــــسارة كبيرة لي شخصياٍ طوال تجربة ١١ عاماٍ منذ أن عملت معه في مؤسسته الثقافية.
اليمن كما أرادها العفيف
وتضيف القاصة/ رياء أحمد:
- تودع اليمن الرجل التربوي الأكثر تميزاٍ في تاريخها المعاصر والأكثر عملاٍ من أجل وطن أراده مثالياٍ ثقافياٍ واجتماعياٍ.. فهي بذلك تودع مؤسس مؤسسة العفيف الثقافية التي عمل جاهداٍ من خلالها على تنشيط الحراك الثقافي اليمني وقد نجح إلى حد كبير في استقطاب الكثير من الأدباء والمثقفين في اليمن من خلال أماس ثقافية وفنية وأدبية على مدار سنوات طويلة بواقع فعالية في كل أسبوع وضمن برنامج سنوي معد من قبل العاملين في المؤسسة وغالبيتهم من الشباب المثقف الطموح.. وفي سنوات لاحقة أعلن عبر مؤسسته عن مشروعه الرائد (يمن بلا قات) بحيث تقام الحلقات النقاشية والندوات حول أضرار القات وحول مستقبل اليمن في ظل استئصال شجرة القات التي لاشك وأنها تعبث باليمن اقتصادياٍ واجتماعياٍ من خلال إهدار المياه واقتلاع أشجار البن والفواكه لتحل محلها شجرة القات وكذلك من خلال إهدار اليمنيين لوقتهم أثناء مضغ هذه الشجرة لساعات طويلة كان الأجدر أن تكون ساعات عمل من أجل الارتقاء بهذا البلد.
إن انجاز الراحل لمؤسسة العفيف ومن ثم العمل على مشروع (يمن بلا قات) ما هي إلا انجازات لا حقة ذلك أن الراحل يعتبر من التربويين الأوائل الذين ساهموا في الارتقاء بالوطن علمياٍ وذلك من خلال مساهمته الفاعلة في تأسيس جامعة صنعاء ومركز الدراسات والبحوث اليمني.
اليوم وقد رحل عنا الأستاذ أحمد جابر عفيف جسداٍ فلا شك أنه حاضر وبقوة في تفاصيل يومنا ككتاب ومثقفين ومبدعين وطلاب وباحثين فهاهي أعماله الخالدة للوطن تحاصرنا كحلقة ضوئية تنير لنا الدرب العلمي والبحثي والإبداعي.. فمؤسسة العفيف ساهمت في إصدار الكثير من الكتب الهامة لعل أهمها الموسوعة اليمنية بالإضافة إلى عدد من مؤلفات عدة لسياسيين ومفكرين ومبدعين.
رحم اللِه أستاذنا أحمد جابر عفيف الذي كان وما يزال رمزاٍ وطنياٍ عمل بجهد من أجل يمن أراده بلا قات وأراد شبابه وفتيانه منابر ثقافية وعلمية تشد من أزر اليمن ليصبح مستقبلها زاهراٍ ومفعماٍ بالنجاحات تماماٍ كما كان تاريخها مليئاٍ بالانجازات فتمسي كما كانت (العربية السعيدة) فوداعاٍ أب اليمن وإلى جنة الخلد بإذن الله..
من جانبه أشار الشاعر والكاتب محمد عبدالوهاب الشيباني إلى أن حضور الأستاذ أحمد جابر عفيف في تاريخ اليمن المعاصر مثلِ حالة متقدمة إذ عمل من خلال المواقع التي تبوأها على انتاج لحظة تنوير ستحفر عميقاٍ في وعي المتابع لمسيرته التي لم تقف عند حدود منطقة تهامة التي ينتمي اليها بالولادة أو اليمن التي وهبها جل عصارة ذهنه بل تجاوزتها إلى أفق اللحظة الإنسانية الكبيرة التي تعتمد على الانفتاح الفكري والمعرفي الذي ينحاز الى العلم أولاٍ وأخيراٍ..
وتابع الشيباني مستذكراٍ اللحظة العفيفية: حين قام الفقيد الكبير مطلع التسعينيات بتأسيس مؤسسة العفيف الثقافية إنما لإيمانه الكبير بأن المعرفة هي السبيل الاوحد أمام الأجيال للدخول إلى العصر والتعاطي مع مخرجاته بدون تحيزات أو تعصب أو مصادرة كما يفعل التكوينات المحافظة في مجتمع لم يزل نهباٍ للقوى التقليدية والتي عمل العفيف على تعرية خطابها ومناهضة حضورها بوسائل شتى تشير اليها سيرته الدافقة التي تمتد إلى نحو اثنين وثمانين عاماٍ فيها الكثير من التحولات على غير صعيد.
الأديب محمد الغربي عمران قال: أنا حزين جداٍ فقد تمنيت أن أْعبر وهو موجود بيننا عن مدى حبي وتقديري له..
لقد افتقدنا اليوم إلى أبُ غير عادي أبْ ينور الناس وينهض بهم.. وأذكر أنه زارنا قبل عامين في ذمار أنا ومجموعة من المثقفين والأدباء فكان يتساءل أين الشباب.. أريد الشباب¿!
ما يدرك أن هذا الإنسان صاحب رسالة وليس إنساناٍ عادياٍ كان صاحب مشروع ورسالة عظيمة كان لا ينام إلا وهو يفكر كيف يحقق حلمه في بناء المرأة والشباب.. كان يحدثنا عن فقره وكيف صنع نفسه كأن يريد أن يعلمنا كيف يجب أن نصبح.. وكان يتساءل لماذا لا يهب أصحاب الأموال شيئاٍ للجانب الثقافي والتنويري¿! واليوم فقدت اليمن أحد الأعمدة الاساسية في الوطنية والتنوير.. وكم أنا حزين أن صنعاء واليمن برمته أصبح بلا عفيف.. فالرجل لم يكن يراهن على ماله أو حزبيته أو قبيلته بل كان يراهن على الشباب ويتباهى بهم.. لم يكن يدعو إلى طائفية أو تشطير أو مذهبية إنما إلى يمن موحد وشعب عظيم.. ولهذا نقول عظم اللِه أجر الشعب اليمني عامة.
الدقة والإدارة الجيدة
الفنان جابر علي أحمد قال: كان الأستاذ العفيف شخصية ثقافية مرموقة وهو صاحب مشروع ثقافي عبر عنه في مؤسسة العفيف الثقافية ومن خلال احتضانها للكثير من الفعاليات في اليمن ولا ننسى في هذا الصدد الدور الخاص الذي لعبه في تأسيس جامعة صنعاء عندما كان وزيراٍ للتربية والتعليم.
وفي مؤسسته الثقافية تبنى الفقيد أحمد جابر عفيف مجموعة من الفعاليات الثقافية التي كانت تندرج في اهتماماته الحضارية التي من خلالها كان يتمنى دائماٍ أن تدخل اليمن بوابة التاريخ الحديث.. وأضاف: الفقيد شخصية تتمتع بفراسة عجيبة وحس حضاري واضح إلى جانب حبه العميق لليمن وكان دائماٍ يتحدث معي عن طموحاته التنويرية وكان يرى في مؤسسته التي أنشأها فرصة لتنفيذ بعض ما يدور في خواطره وعرفت عنه أنه كان من المهتمين جداٍ بالمرأة اليمنية وكانت ولا تزال مؤسسة العفيف تحتضن مجموعة من النساء اللاتي ينزعن للتحرر من ربقة العادات والتقاليد السلبية المعيقة لحركتها.. وعلى مؤسسة العفيف أن تستمر في الدور الذي تلعبه الأن.
في حين تقول الأديبة والشاعرة الدكتورة ابتسام المتوكل بإنه لا يمكن وصف رحيل العفيف إلا بالفاجعة والخسارة الفادحة لإنه كان داعماٍ ومشجعاٍ لكل أبناء جيلي وما بعده من أجيال.. كان مؤسسة وبيتاٍ لنا على الصعيد المعرفي والثقافي وأتمنى أن تظل كذلك لأنها الأثر الذي تمنى العفيف أن يخلده فينا.. كان علماٍ مميزاٍ قيادياٍ جاداٍ كانت أبرز مميزاته الدقة والإدارة الجيدة للوقت والإمكانيات كان منظماٍ جداٍ جداٍ في مجتمع مازلنا نتعامل بعقلية المقايل.. وتضيف بحزن بالغ: لقد خسرت اليمن برمتها وليس المشهد الثقافي فقط هذا القدوة.
لم يكن رجلاٍ مثقفاٍ فحسب بل كان وزيراٍ ورئيساٍ ومديراٍ ورجل حوار أدار مؤسسة ثقافية رصينة وجادة قامت بما عجزت مؤسسات رسمية كوزارة الثقافة عن القيام به..<