يرى أن استحقاق السلطة لا أصل له في الإسلام ومقاصده
الباحث الحاضري: التعليم المذهبي المتعصب أكبر خطر يهدد »الوحدة الوطنية«
> يرى أن التيار الإمامي يستند في حركته اليوم على إحياء التعليم المذهبي باصطياده لأبناء بعض المناطق القبلية التي لايزال حظها من التعليم بسيطاٍ باعتباره أكبر خطر يهدد الوحدة الوطنية التي تمثل نقطة الخلاف الأساسية بين الشعب اليمني الوحدوي المناضل والتيار السلالي العنصري.
ويشير إلى أن الفكر الإمامي المتغلغل في جهاز الدولة المالي والإداري بشكل غير مباشر ينشر الفساد ويبث الإشاعات بين أبناء الشعب لخلخلة الالتفاف الوطني في شكل الحملات الإعلامية الواسعة التي تتحدث عن الفساد وتدهور الأوضاع عبر التأثير في التحالفات السياسية الداخلية والاتصالات الخارجية.. ويخلص إلى أن الحوثيين فرقة هادوية تؤمن بالحق الالهي في الحكم في منهم من البطنين وأن الفكر الذي تتبناه هذه الحركة هو فكر شيعي ابتداءٍ بإمامة علي بالنص وهذا هو مرتكز الجارودية كما أن فكرها يقوم على التمييز السلالي في استحقاق الإمامة كما يؤكد أن العودة إلى القرآن الكريم بكلياته وأصوله هو الخطاب الذي يشع نوراٍ على نور لمواجهة المخاطر المتعلقة بالوطن.. كل ذلك ناقشته »الوحدة« مع الأستاذ أحمد محمد الحاضري الباحث والمتخصص في الشؤون الإسلامية والفكرية في هذا الحوار فإلى الحصيلة:
حاوره: عبده حسين الأكوع
alakoa777@hotmail.com
> بادي ذي بدء من هم الحوثيون ¿
>> هم فرقة هادوية تؤمن بالحق الإلهي في الحكم في من هم من البطنين وتؤمن بمبدأ الخروج بالسيف بدون ضوابط وهي فئة يساندها أتباع هذا الفكر العنصري السلالي في مختلف مناطق الشمال.
ولا تمتد جذورهم إلا في الجهل فهم يسعون إلى عزل مناطق نفوذهم عن كل فكر تجديدي وجواز تمزيق الأمة بجواز قيام إمامين في آن واحد …
جارودية
> ما الفكر الذي تتبناه هذه الحركة ¿ وما أبرز ما تدعو أليه ¿ وما العوامل التي ساهمت في تطورها ¿
>> هو فكر شيعي أبتداءٍ بإمامة علي بالنص الخفي وهذا هو مرتكز الجارودية ويقوم فكرها على التميز السلالي في استحقاق الإمامة .
أما أهم العوامل التي ساهمت في تطورها فهو بقاء التعليم المذهبي في محافظة صعدة الذي أدى إلى بث عقائد الفكر الهادوي السلالي و تنفذ أتباع هذا الفكر في أجهزة الدولة و تدني قدرة الدولة على التدخل وبسط نفوذها في المناطق النائية وضعف وانعدام دور أجهزة الدولة الإرشادية والتعليمية والإعلامية في تصويب الثقافة والتدين الشعبي بشكل عام وفي صعدة خاصةٍ وساعد على ذلك أيضاٍ عدم توازي سيادة القانون مع التعددية وحرية التعبير وأنتشار تجارة السلاح في اليمن وتركزها في صعدة والمكانة التي احتلها تجارالسلاح كقوى متنفذة .
> نسبة الحوثية في اليمن ¿وما هي أهدافهم ¿
>> إن نسبتهم قليلة جداٍ إلا أنهم يتماسكون كشأن كل أقلية بالإضافة إلى تركيزهم على مفاصل الدولة ومفاصل الإرشاد والقضاء .
أما أهم أحلامهم فهي عودة الإمامة التي لفظها الزمان والمكان
أما وضعهم الحالي فهم أداة في يد ايران .
استعلاء سلالي
> نظرية الحق الإلهي “الاختيار والاصطفاء “من أي عقيدة أستمدوها¿
>> أنني لا أجد من قال بالتميز والاستعلاء السلالي أو القومي أو الأصل الوجودي إلا بني إسرائيل كما وصفهم القرآن وكذلك من قال ( أنا خير منه ……….)
> ما رأيكم في دعواهم أنهم مفوضون من الله ¿
>> للإنصاف أنهم لم يقولوا بهكذا دلالة إلا أنهم يقولون بالاصطفاء والاختيار الإلهي لأبناء الحسن والحسين في استحقاق السلطة والثروة يقول الهادي ” وتثبت الإمامة للإمام وتجب له من الأنام في من كان من أولئك (أي من البطنين) فقدحكم الله له بذلك رضي الخلق أم سخطوا وليس تثبت الإمامة بالناس للإمام كما يقول أهل الجهل من الأنام ” وقد فصلت ذلك في كتابي ” تاريخ الأئمة الهادويين الفكر والتطبيق ” .
إن هذه الدعوى في استحقاق السلطة لا أصل لها في الإسلام ومقاصده التي سارت بين الناس في علاقة الإنسان بالله وعلاقة الإنسان بالإنسان وعلاقة الإنسان بالكون .
ويخالف أصل العدل في الدين الذي يقوم على جعل مكانة الإنسان في الدنيا والآخرة كنتيجة لحسن وصلاح عمله قال تعالى: (كْلْ امúرئُ بمِا كِسِبِ رِهينَ) 1 (كْلِ نِفسِ بمِا كِسِبتْ رِهِينِةٍ)2 وهم يدعون الزيدية لإستقطاب أتباع الزيدية.
غلاة الشيعة
> متى كانت البداية الحقيقية للتمرد الحوثي في اليمن ¿
>> نعتقد أن بدايتها كانت منذ عام 1985م حينما تم ضبط خلية من غلاة الشيعة حاولوا تشكيل تنظيم تخريبي نفذت بعض الأعمال التخريبية وحوكموا وسجنوا .
هذه الخلية كانت البذرة الأولى لوجود غلاة الشيعة فقد قامت هذه الفئة بإرسال الشباب من أبناء الأسر الإمامية للتعليم والتدريب إلى سوريا ثم طهران وقم من ذلك التاريخ كانت البداية للتدخل الفارسي ببث فكرة بإستقطاب الشباب وإعدادهم هؤلاء ربما كانوا النواة المؤسسة لحركة الحوثيين .
13 إماماٍ
> ما العلاقة بين الزيدية والحوثية ومحاولتهم التلبس بالمذهب الزيدي ¿
>> إن الفارق الأساسي والأختلاف المحوري بين الزيدية والحوثيون الهادويون أن الزيدية تقوم على المساواة في استحقاق الحكم وفقاٍ للجدارة والصلاح وأن الإمامة أمر دنيوي وتقوم على الشورى والبيعة ولا تنكر خلافة الشيخين وتحرم لعن وتسفيه الصحابة وبينما يقوم فكر الهادويين الحوثيين على مبدأ الخروج على الحاكم لمن هو من البطنين بدون ضوابط تحدد موجبات الخروج ومن ينصب الخارج مما جعل اليمن في حالة حرب منذ دخول الهادي إلى قيام الثورة فلقد ظل الصراع بين أبناء تلك السلالة الإمام والخارج عليه حتى وصل عدد المتنازعين من أدعياء الإمامه إلى (13) إمام في زمن مهدي المواهب (لمزيد من الشرح أرجع إلى كتابي تاريخ الأئمة الهادويين الفكر والتطبيق).
معركه الفكر
> أين تكمن أوجه التشابه والخلاف بين الزيدية والاثنا عشرية¿
>> من المعلوم أن الزيدية أنبعثت من ثورة الإمام زيد على الفكر الشيعي والحكم الأموي في آن واحد فقبل معركة السيف قامت معركة الفكر بين الإمام زيد والشيعة حين حسم أمره منهم بقوله (أذهبوا فأنتم الرافضة ……….)
إن الزيدية هي الخروج على الظالم هي ثقافة المقاومة والتجديد والاجتهاد ووسيلتها الدليل والاعتدال وهي عضو فعال في عائلة السنة .
أما أبرز خلافها مع الشيعة فهي لا تقول بالعصمة للأئمة ولا بالرجعة ولا بتقديس وزيارة قبور الأولياء وتعتمد على كتب أهل السنة.
بتر وانتقاء
> ما مظاهر تحول الحوثيين إلى الاثنا عشرية ¿
>> لا يجمعهما إلا القدح في الصحابة رضوان الله عليهم والتميز السلالي والبتر والإنتقاء للآيات القرآنية في الاستدلال على آرائهم وإخراجها من سياقها الموضوعي في إثبات الوصية وإمامة علي .
> هل الإصلاح والبناء ومواجهة المخاطر المتعلقة بوطننا بحاجة إلى خطاب ديني ووطني مستنير ¿
>> إن العودة إلى القرآن بكلياته وأصوله هو الخطاب الذي يشع نوراٍ على نور الخطاب الذي يقوم على العدل والمساواة .
> ما الفرق بين النظام الملكي والفكر الزيدي ¿
>> كما هو معلوم أن النظام الملكي نظام فردي وراثي والزيدية تقوم على البيعة والمساواة بين البشر في استحقاق الحكم حسب الجدارة والاستحقاق وتقوم على الشورى فليس سلطة فردية إلا أن فكر الزيدية في هذا الجانب لم يطبق لدى كل من انتسب إلى الزيدية.
تغلغل
> برأيك من يقف وراء إشعال فتنة أهليه وإيقاظها باللعب بورقتي المذهبية والعنصرية .. ولمصلحة من يشق تاريخ اليمن وهويته وثقافته ¿
>>على المستوى الداخلي هم أعداء الوحدة من دعاة الانفصال ومن المفسدين كما أسلفنا الإماميون الهادويون المتغلغلون في أجهزة الدولة وأخطرهم من يدلون بالرأي والمشورة.
أما على المستوى الخارجي فهي إيران كما تؤكد ذلك بالدعم الإعلامي المتواصل للحوثيين.
من باب الدين
> الحوثيون امتداد للإمامة نكبة اليمن التاريخيه ¿ مارأيك¿
>> فنحمده تعالى إذ هدانا
ومن داء الإمامة قد شفانا .
ان يوم السادس والعشرين من سبتمبر هو ذلك اليوم الذي انطلقت فيه عزائم الرجال لتدك صروح أعتى ظلم وأعنف طغيان ظلم يعتمد على سلاح تقليدي من تلك الأسلحة التي يمتلكها الشعب فيقاوم بها وطغيان لم يعتمد على جبروت شخص أو أشخاص من الممكن التآمر عليهم وإنهاؤهم كما هو الحال في معظم بلاد الله .. إلا أنه طغيان وظلم جاء للشعب اليمني من باب لايستطيع فيه الإنسان اليمني أن يغلقه .. إنه من باب الدين والإنسان في اليمن مشدود إلى الدين بطبعه.. بحب الدين وبحب متين .. يتعلق قلبه بكل من يعيدونه إلى الدين .. فلبس الطغاة الظلم لبوس الدين وتحلوا به في ظاهرهم .. وطرقوا باب الشعب اليمني ففتح قلبه وبلاده لهم .. غره مظهرهم وانخدع بتمتماتهم وهمهماتهم وظن أنه بذلك إنما يعلي راية الإسلام. من هذا الباب وبنفس الوسيلة والأساليب وجد الحوثيون كامتداد واستمرارية للأئمة الهادويين إنهم امتداد لنكبة اليمن التاريخية .ويؤكد تلك الحقيقة القاضي عبد الرحمن الأرياني رئيس الجمهورية السابق بقوله :
يا ابن همدان أنت بلغت لكن
خادعونا وأظهروا الاستكانة
خادعونا بالله بالرسل بالقرآن
بـــالــزهد بالتقوى بالديانة
وخالفوا أصل العدل القائم على المساواة فعملوا على ترسيخ التمييز السلالي والعنصري فجعلوا أنفسهم سادة والشعب مسودا ورسخوا كثقافة مجتمعية أن الرجل من هذه السلالة سيد والمرأة شريفة ومن البديهي أن عكس دلالة الوصفين لغيرهم من المسلمين ذلك الفكر ألبس اليمنيين الدونية والاحتقار والمهانة ويصف ذلك القاضي عبد الرحمن الأرياني بقوله:
قم تجد أمة فروها بأظــفار
حــداد وجــرعوها الإهانة
ليس في الدين سيد ومـسود
فــأقرؤوه وحقـقوا قرآنــه
إن دين الإسلام دين التساوي
لـيـــس فيه تعاظم واستكانة
لا تقولوا سيدي لشخص ومن
ينطق بها فاقطعوا بحد لسانه
تمييز سلالي
> ماهي وسائلهم لترسيخ هذا التمييز السلالي¿
>> كانت وسيلتهم تجهيل أبناء الشعب باحتكار وظائف الإرشاد والإفتاء في سلالتهم وجعلوا وسيلة المعرفة الدينية مذهباٍ أعدوه ليصنع لهم التمييز السلالي في التدين الشعبي والجماهيري مذهباٍ يقوم على تحريف معاني القرآن واعتسفوا تفسيره فجعلوا القرآن كأنه ما أنزل إلا لخدمتهم ولإقامة مملكتهم .. أخذوا بالمتشابه من آيات القرآن .. وضعوا الأحاديث لتخدمهم وتؤسس مملكتهم ونسبوها ظلماٍ وزوراٍ إلى بعض الأئمة ممن ينتسبون للإمام (على) رضي الله عنه مثل جعفر الصادق ومحمد الباقر وزيد بن علي رضي الله عنه وغيرهم وهم في اعتقادي أبرياء من كل مانسب إليهم مخالفاٍ لكتاب الله وسنة رسول الله (ص).
وهو في الحقيقة فكر الهادي يحيى بن الحسين الذي أصل للتمييز السلالي في استحقاق السلطة والثروة كحق إلهي لمن هم من البطنين وأشعل الفتنة بمبدأ الخروج والسيف (الإمامة لمن قام بها ودعا القبائل إليها شاهراٍ سيفه من أبناء هذه السلالة ) إن العمل بهذا المبدأ دون ضوابط تبين موجبات الخروج ودون أن يبين من ينصب الخارج قد أشعل الفتنة بطول اليمن وعرضها فأوجد الصراع والحروب بين أبناء هذه السلالة لأنه غذى الطموح لدى أبناء هذه السلالة.. فلم يوجد إمام إلا وخرج عليه مدع للإمامة حتى وصلوا في بعض المراحل التاريخية إلى ما يزيد على عشرة أدعياء للإمامة فمزقوا اليمن تمزيقاٍ وزرعوا بين أبنائها العداوة والبغضاء بدفع قبيلة على أخرى ومنطقة على أخرى ورسخ ذلك ايضاٍ قيام الفكر الإمامي الهادوي على جواز قيام إمامين في آن واحد وهذا يخالف أصل الوحدة والتوحد في الإسلام.
مسخ وتشويه
> استاذ احمد الا ترى ان ذلك الفكر هو العقيدة الباعثه لتمرد الحوثيين .. وأنه مسخ وتشويه لتاريخ اليمن المشرق¿
>> ذلك الفكر هو العقيدة الباعثة لتمرد الحوثيين وإكمالاٍ لمسيرة ترسيخ التمييز السلالي والعنصري تحرك الطغاة الظلمة على تاريخ اليمن المشرق ومسخوا حركة العلم في اليمن وغيبوها .. مسخوا تاريخ علماء اليمن وغيبوه وشوهوه .. مثل نشوان بن سعيد الحميري والمقبلي وابن الأمير والشوكاني وبذلك استطاعوا إجراء غسيل مخ لأبناء اليمن .. إن هؤلاء الطغاة الظلمة استغلوا تعلق أبناء اليمن بالإسلام وحبهم لرسول الله (ص) وكل من اقتدى به استغل الطغاة هذا الحب وذلك التعلق بالإسلام فقدموا لأبناء اليمن مذهباٍ يخدم مصالحهم هم ويؤسس ملكهم هم .. قدموه على أنه الإسلام وغيره باطل جعلوا العلم حكراٍ عليهم وكل معارفه تؤيد مذهبهم وكل علم من غيرهم يعتبر باطلاٍ مالم يكن ذلك العلم محققاٍ لرغباتهم وأهوائهم .. جعلوا الحكم حكراٍ لهم .. بل زعموا أن ذلك بأمر الله وبأن الله سبحانه وتعالى قد جعل الحكم فيهم وحاشا الله سبحانه أن يفرق بين الناس ويميز بينهم على غير التقوى.. وحاشا رسول الله (ص) أن يكون قد جاء ليؤسس ملكاٍ أو يبني أسرة .. أو يجعل أناساٍ سادة وأناساٍ عبيداٍ فإنما هو رحمة للعالمين . ولكن ماذا نعمل وقد ابتلينا بنفوس طاغية مريضة حرفت معاني القرآن ووضعت الأحاديث وزورت التاريخ واتخذت أساليب الغدر والمخادعة .. لتبني طبقة وتؤسس ملكاٍ وتفرق الناس جعلوا من أنفسهم سادة وغيرهم .. عبيداٍ.. إن هناك من عرف العهد البائد الذي دكته ثورة 26 سبتمبر وهناك من لم يعرف ذلك العهد البغيض .. فالذين عرفوا بالتأكيد لا ينسون الفقر والجهل والمرض الذي كان مخيماٍ على ربوع اليمن وأبناء اليمن.. بالتأكيد عرفوا كيف أن الشعب اليمني كان مقسماٍ إلى طبقات ما أنزل الله بذلك من سلطان ولا جاء محمد (ص) بل أن ما أنزله الله وما جاء به رسول الله (ص) إنما كان ليدك به كل تقسيم جاهلي وكل تفريق بين الناس وكل استعباد للناس .
مسخ وتجهيل
> إذاٍ ما نعانيه اليوم هو امتداد لعصور مظلمة …كيف تقرأ ذلك ¿
>> إن تمرد الحوثيين و ما نعانيه اليوم هو امتداد لتلك العصور المظلمة .. فالذين حكموا اليمن بعد الثورة لم ينزلوا من السماء .. إنما هم من أبناء هذه الأمة ولا نظن وقتاٍ قصيراٍ هو عمر الثورة إلى الآن يمكن أن يمحو كل قرون المسخ والتجهيل والاستعباد والاستبداد وسنجد من بعض تصرفاتنا في بيوتنا مع أهلنا وأولادنا مع جيراننا مع موظفينا مع زملائنا سنجد هناك رواسب قد تختلف من شخص لآخر رواسب من تلك العصور المظلمة. عصور الطغيان الرهيب التي مرت بآبائنا وأجدادنا .. تربوا عليها وتعلموا عليها وعاشوا بها كأمور مسلمة.
إن ثور السادس والعشرين من سبتمبر قد نقلتنا فعلاٍ من ذلك النفق المظلم .. أخرجتنا إلى الهواء الطلق .. إننا لازلنا نطرد الهواء الفاسد من داخلنا والذي أرغمنا على استنشاقه منذ أواخر القرن الثالث الهجري ولكننا في طريقنا إلى استبداله كله بصورة نهائية بالهواء النقي والتخلص من الهواء الفاسد واسترداد صحتنا وعافيتنا كما كانت في صدر الإسلام عندما كنا في مقدمة الصفوف ننشر ما جاء به من عدل ومساواة وحرية وعلم وسنصل بإذن الله فكل الدلائل والمؤشرات تدل على هذا وما ذلك على الله بعزيز.
ثورة ثقافية
> ماهي الوسيلة المناسبة لمواجهة هذا الانبعاث الإمامي المتغلغل من وجهة نظرك¿
>> اليوم وبعد مرور 48 عاما من عمر الثورة تنبعث قوى الهدم التاريخية من جديد ينبعث تمرد الحوثيين بتلك النفسية وبتلك الخصائص وبتلك النزعة التي تغلب الدم على القيم وأواصر الطين على أواصر الدين في شكل فئات متعددة الوجوه موحدة الوجهة والهدف هو إعادة الفكر الإمامي الذي يقوم على التمييز السلالي في استحقاق الحكم والسلطة ويعمق الفتنة بين أبناء الأمة بالتعصب المذهبي والتقليد الأعمى الذي يبث لتضليل جماعة تنقاد لهم فتشعل الحرب والفتنة باعتبار أن عودة النظام الإمامي لن تكون إلا بإيجاد أرضيته المناسبة المتمثلة في إشعال الحروب والفتن كوسيلة مباشرة في الفكر الإمامي وبشكل غير مباشر بالتغلغل في جهاز الدولة المالي والإداري والوصول إلى مراكز حساسة فتفسد في كيان الدولة وتنشر الفساد وتبث الإشاعات بين أبناء الشعب لخلخلة الالتفاف الوطني في شكل الحملات الإعلامية الواسعة التي تتحدث عن الفساد ومدى تدهور الأوضاع وتعقد المقارنات بالنظام الإمامي وأنه كان أرحم وأخف كما أن من وسائلها العمل على التأثير في التحالفات السياسية الداخلية والاتصالات الخارجية مع القوى المشابهة والتغلغل داخل الأحزاب ومحاولة توجيهها وتأجيج الصراع في ما بينها وضرب بعضها ببعض وفي شكل التآمر على المناهج الدراسية التي كرست الخط الوسطي المعتدل البعيد عن التعصب وفي شكل التشكيك في شرعية الدولة القائمة بشريعة الإسلام باعتبار دستورها يجعل الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للقوانين والتشريعات التيار الإسلامي الذي هو امتداد للخط التجديدي لعلماء اليمن أمثال المقبلي والوزير والأمير والشوكاني ووصمه بالوهابية .
دغدغة المشاعر
> الى ماذا يرمي هؤلاء من وراء الاشاعات التي يطلقونها بين الفينه والاخرى¿وما الهدف منها¿
>> هكذا يطلقون الإشاعات على كل توجه إسلامي تجديدي يدعو إلى العدل والمساواة كما وصموا من قبل أولئك العلماء وثوار اليمن عبر مراحل الثورة المتعاقبة باعتبار أن هذا التيار هو القوة الوحيدة القادرة على فضحهم والوقوف أمامهم وفي شكل دغدغة المشاعر العرقية لدى بعض القيادات الحزبية آملين من خلالها أن يسقطوا النظام الجمهوري ويقيموا النظام الإمامي وإن كنا نعتقد أن تلك القيادات بثقافتها المعاصرة ووعيها بخطورة النزعة العنصرية على مستقبل اليمن لن تستجيب لهؤلاء المتبعين لمبدأ الشيطان (أنا خير منه ).
مخطط صهيوني
>التعليم المذهبي يمثل اكبر خطر يهدد الوحدة الوطنية يستند عليه هذا التيار الامامي في حركته اليوم.. فأين تتمثل نقطة الخلاف الاساسية بين ابناء شعبنا وهذا التيار العنصري¿
>> يجمع المراقبون والمحللون والخبراء السياسيون اليوم أن المخطط الصهيوني القادم في المنطقة العربية يرتكز بشكل أساسي على إثارة النعرات الطائفية والمذهبية وإحياء وتشجيع الأقليات الدينية والعرقية والمذهبية ودعم كل توجه يفضي إلى تعميق تلك النزعات .. فالمخطط الصهيوني يقوم على أساس تفتيت المنطقة المحيطة به ودعم قيام دويلات طائفيه ومذهبية وعرقية وهو ما يفسر لنا الكثير من الظواهر والممارسات التي نشاهدها اليوم في بلادنا ودول أخرى من محاولات حثيثة لإحياء النعرات المذهبية والعنصرية والطائفية هو جزء من مشروع يشمل المنطقة كلها سواء أدرك ذلك المتورطون فيه أم لم يدركوا .. وكنت أظن أن التيار العنصري الذي يقود هذه النزعات سيؤوب إلى رشده بعد سقوط المخطط الأول الذي شهدته الفترة الانتقالية وبلغ ذروته أثناء الأزمة السياسية ولفظ أنفاسه بالانتصار الوحدوي على المشروع الانفصالي في يوليو 1994 م لكن على ما يبدو فإن هذا التيار لم يتعظ من دروس وعبر تلك الفترة ولم يتعلم ماذا تعني (الوحدة الوطنية) لشعب عانى من التمزيق فترات طويلة على يد الأنظمة الأمامية والسلاطينية والاستعمارية التي لم يكن لها من هم سوى تدمير هذا الشعب وتفتيته إلى طوائف ومذاهب وطبقات وتكريس النزعات القبلية والمناطقية حتى قيام ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر اللتين شكلتا نقطة الانطلاق بالوطن إلى دخول العصر الحديث وتكريس كل قيم الخير والوحدة والمساواة والحرية والشورى وخاصة منذ يوم الثاني والعشرين من مايو الذي التأم فيه الإنسان والأرض والإرادة ورغم الفرحة اليمنية العارمة إلا أن هذا التيار اعتبر أن التعددية والحرية التي جاءت مع الوحدة هي فرصته لتدمير هذه الوحدة وتمزيقها من جديد وأخذت محاولاته تفشل الواحدة تلو الأخرى لذلك فما أن حلت أعياد الثورة اليمنية (سبتمبر واكتوبر) حتى انفلتت أعصابهم وراحوا يتخبطون في مقالاتهم وخطاباتهم بهدف النيل من الثورة ومنجزاتها وأخذوا يتحدثون عن المذهب والمذهبية وكأن اليمن واليمنيين ماعرفوا لأنفسهم وجوداٍ ولا هوية إلا بالمذهب والمذهبية .. رغم أن هذا التيار العفن يدرك جيداٍ أنه لم يتسيد على هذا الشعب ولم يذله ويغرقه في التخلف والفقر والجهل والجوع والمرض إلا باسم العصبية المذهبية والعرقية .
وعلى العموم فمن الواضح أن هذا التوتر العصبي والنفسي الذي يعيشونه في ما يكتبون ويقولون يعبر عن حالة من القلق والخوف على مخططاتهم المستقبلية الهادفة إلى إحياء فكرهم السياسي الذي يجعلون الحديث عن المذهب غطاء لذلك الهدف وإلا فهل يعقل ونحن على أبواب القرن الحادي والعشرين أن يستميت أناس في الدفاع عن مذهب أياٍ كان المذهب – وكأنه قادر على حل المشاكل والمعضلات المعقدة التي تواجه اليمن والعالم ¿! والغريب في موقف هؤلاء أنه يستوي بينهم المتدين والمخرف والمتشدد والعلماني. والمعمم والديبلوماسي والمثقف والجويهل. ودعونا نتحدث بوضوح أكثر.. نقطة الخلاف الأساسية بين الشعب اليمني وهذا التيار العنصري تتمثل في قضية (الوحدة الوطنية) بما تعنيه هذه الوحدة من اندماج اجتماعي ومنطلقات فكرية وأسس ثقافية موحدة بينما يرى هذا التيار أن كيانه ووجوده قائم على تفكيك الوحدة الوطنية والحيلولة دون أي تماسك اجتماعي ومنع أي توحد ثقافي وفكري وتدمير كل الوسائل التي تستهدف أن يجتمع الناس على رؤية فقهية موحدة ترتكز على الكتاب والأصح والأقوى من السنة كما كان عليه الأمر قبل أن تحل بهذا الشعب العظيم نكبة الإمامة قبل أكثر من ألف عام والتي أخذت تمزقه وتدمر كل خصائصه النفسية والحضارية وتهيمن عليه باسم السلالية والمذهبية.
وهذا التيار يستند اليوم في حركته على أحياء التعليم المذهبي باصطياده لأبناء بعض المناطق القبلية التي لا يزال حظها من التعليم بسيطاٍ فيقوم هذا التيار بتلقينهم مبادئه وأفكاره وهي مبادئ وأفكار تتصادم كلياٍ مع التوجهات التربوية والتعليمية والفكرية والوطنية التي جاءت بها الثورة والجمهورية والتي ساهمت بشكل حاسم في إنشاء أجيال موحدة الفكرة والوجهة منذ أواخر الستينات وحتى اليوم من خلال المناهج الدراسية والتشريعات القانونية ذات الرؤية الفقهية الموحدة .. وقد أدرك التيار العنصري مخاطر هذه التوجهات الوطنية على كيانه ومستقبلة فاستغل أجواء الحرية والتعددية التي جاءت بها الوحدة اليمينة ليشرع في إحياء التعليم المذهبي ويحاول تدارك ما يمكنه تداركه ناهيك عن أدواره السياسية التي قام بها خلال السنوات الماضية في الفتنة السياسية سواء بين المؤتمر والاشتراكي في الفترة الانتقالية أو بين المؤتمر والإصلاح والاشتراكي عقب انتخابات 1993م .
إضافة إلى أدواره المعرفية في إذكاء النعرات القبلية والمناطقية والطائفية خلال تلك الفترة الصعبة !ووفقاٍ للمثل الشعبي (مخرب غلب ألف معمر) يمضي رهان هذا التيار على تدمير كل المكتسبات التي حققتها الثورة على رصيد الوحدة الوطنية خصوصاٍ إذا ما تركت له الساحة ليعبث بها وإلا فإنه يعلم أنه لا يمثل أي ثقل شعبي وأنه لا يملك مشروعاٍ وطنياٍ وأنه في أحسن الأحوال سيحرم نفسه من الاندماج داخل المجتمع وسيحيل نفسه إلى أقلية معزولة يشار إليها بكل سيئة ونقيصة .. إلا إذا قام عقلاء هذا التيار بالحجر على عناصره الطائشة ووقفها عند حدها والانضمام إلى الإجماع الوطني والإسهام في الجهود الهادفة إلى ترسيخ الوحدة الوطنية اليمنية وإذابة كل النعرات والنزعات في بوتقة الوطن !
إننا عندما نتحدث عن الدور الخطير الذي يتبناه هذا التيار من خلال التعليم المذهبي الذي يشجعه لا ننطلق من فراغ بل نستند على حقائق تاريخية وممارسات معاصرة معروفة للجميع .. فإذا كان الجيل الذي يتعلم هذا النوع من الفقه لا يعترف بالنظام الجمهوري ويعترف بولاية زعمائه منذ المشير السلال وحتى الرئيس علي عبد الله صالح خاصة وأن النظام الجمهوري قام على أنقاض نظام يعتبر في نظر هذا التيار هو النظام الشرعي ¿! هذا نموذج واحد وأمامنا من النماذج الأخرى ما هو أسوأ وأبشع لندرك خطورة هذا التعليم المتعصب ليس فقط على الوحدة الوطنية ولكن على الدين نفسه لأنه لن يبقى للدين أي معنى بعد الإساءة إلى شخصيات أبي بكر وعمر وعثمان واعتبارهم مغتصبين للسلطة مخالفين لأوامر الله ورسوله !!
بكل قلب صادق نقول لحملة هذا الفكر إنه لا مكان له اليوم في اليمن ولا مكان له في هذا العصر وإن التحديات الموجودة اليوم تحتاج إلى جهود الجميع و إلى أصحاب الرأي والعلم والاجتهاد ليتعاملوا معها في ضوء الكتاب والسنة الصحيحة والمقاصد العامة للشريعة .. ولا بد أن يدرك هؤلاء أن اليمن قد تجاوز مرحلة الخطر بالنسبة للوحدة الوطنية وأن أية محاولات للإساءة إليها وتدميرها لن تكون أكثر من فتنة تعرض أصحابها لما يكرهون خاصة إذا اتجهت الدولة والحكومة لبذل جهود تستهدف توحيد مناهج إعداد العلماء والفقهاء والمجتهدين وسحب البساط من تحت التعليم المذهبي العنصري بكل أنواعه وبحيث يرتكز على نفس النهج الوحدوي الذي يعتمد على الكتاب والأصح من الدليل في السنة لتحافظ اليمن على هذا النهج المتميز الذي كان ولا يزال يشكل ضرورة حتمية لتجاوز مخلفات عهود الإمامة وفكرها المريض
عهود الرق
كلمه أخيرة تودون قولها¿
>> إن الله قد من علينا بنظام ديمقراطي شوروي من خلاله يمكن التعبير ومن خلاله يمكن المنافسة للوصول إلى الحكم ومن خلاله يكون النقد لتصويب الاختلالات وفي مقدمتها الفساد بكل صوره.. إن ما تبقى من تخلف تراكمي أفرزه فكر وتطبيق الأئمة الهادويين يستغل للتبشير بالإمامة ومحاولة تهيئة النفوس لقبولها يا أمة الأنصار إن التمرد الإمامي للحوثيين غايته هو العودة إلى عهود الرق التي داست على كرامة هذا الشعب قبل أن تدوس على قوته والتي زيفت وعيه وأفسدت عقيدته قبل أي شيء آخر يا أمة الإيمان والحكمة إن الملكيين بارعون في إطلاق الإشاعات وتوظيف الغير لصالحهم من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون .
ولقد تحققت الرؤية الاستشرافية للشهيد الزبيري من أن الإمامة ستظل خطراٍ مستقبلياٍ على اليمن والسر في ذلك أن الثورة هدمت الإمامة كنظام ولم تهدمها كثقافة وتدين شعبي في المناطق التي ظلوا يحجبونها عن مسيرة التطور كفكر وكعقيدة .
إن الإمامة مذهب عقدي تتبع المتشابه من الآيات والأحاديث على طريقة أهل الزيغ وتفسر الدين تفسيراٍ عنصرياٍ يخالف أصل العدل والمساواة في كتاب الله وسنة نبيه .
إن ثورة سبتمبر التي هدمت الإمامة نظاماٍ تحتاج إلى ثورة ثقافية لهدم الإمامة فكرة وعقيدة محرفة وهذا ما يجب أن يكون بعد وأثناء دحر واستئصال أدعياء الإمامة من الحوثيين…<