التطرف والعنف.. الأسباب والحلول
> قال اكاديميون أن مكافحة العنف والتطرف يعتمد على منظومة متكاملة من الحلول والمعالجات تتبلور في الحل التربوي والنفسي والفكري والاخلاقي والاجتماعي والاقتصادي وكذا الحل السياسي والقضائي والأمني.
وأكدوا في ندوة لمركز منارات .. ضرورة أن تكون منافذ التربية تحت سلطان الوضوح وتقييم المراكز التربوية والدينية بكيف تفهم هذه المراكز للإسلام والآخر.. والكثير من التفاصيل في السطور المقبلة..
متابعة: نيزان توفيق
وأكدوا في ندوة لمركز منارات .. ضرورة أن تكون منافذ التربية تحت سلطان الوضوح وتقييم المراكز التربوية والدينية بكيف تفهم هذه المراكز للإسلام والآخر.. والكثير من التفاصيل في السطور المقبلة..
متابعة: نيزان توفيق
قال الدكتور احمد الدغشي أستاذ أصول التربية وفلسفتها في جامعة صنعاء أنه لايمكن مواجهة ظاهرة العنف إلا بمراجعة أمينة وصادقة لمناهجنا التربوية من ذوي الكفاءة والاخلاص بعيداٍ عن التهويل والمبالغة.
وأضاف استاذ التربية في مداخلته »ظاهرة العنف قراءة في الدوافع وتصورات الحلول« التي قدمها في ندوة نظمها مركز »منارات« للدراسات مؤخراٍ: أنه ممكن عزو بعض أساسها إلى نمط التنشئة السائدة في المجتمع الذي يبرز فيه العنف ونمط التنشئة يعتبر المعنى العام الذي تشترك فيه إلى جانب المدرسة والأسرة ووسائط التربية الأخرى من مسجد وأجهزة إعلامية ومواقع إلكترونية وجماعة رفاق وأندية شبابية وجماعات ونقابات وأحزاب.
وأشار الدغشي في مداخلته إلى سبعة دوافع لممارسة العنف أولها دوافع تربوية فالمقررات المدرسية سواء في التعليم الإساسي أم الثانوي لاتولي شيئاٍ يذكر لمفردات التربية المدنية والحضارية السليمة في المواد ذات العلاقة العضوية بالتنشئة الفكرية السليمة.
متسائلاٍ : فأين مفردات القبول بالآخر القريب – فضلاٍ عن الآخر البعيد وأين اهتمامها بالتعايش الحضاري بين الأمم ذات الأديان المختلفة وتحرير النزاع حول مفهوم الجهاد وفق رأي جمهور خصوصاٍ والخلاف المشروع بآدابه وقيمه واخلاقه وفريضة الحوار الغائبة وفقة تغيير المنكر ودرجاته وطرقه والتوازن في التنشئة بين الروحي والعقلي والوجداني والجسمي .
والتأكيد على نسبية الحقيقة في قضايا الإجتهاد ذات العلاقة بفروع الأصل أو الأحكام العملية ومايندرج في إطارها من رؤى وتباينات تتصل بالسياسة الشرعية أو الأحكام السلطانية.
هذا إلى جانب ضعف في القدرة العملية »المنهج الخفي« وهو – أي هذا المنهج – من أكثر العوامل تأثيراٍ في الناشئة تجاة تجسيد هذه المسائل وتمثلها سواء في ذلك الأسرة أم الإدارة أم التوجية أم الوزارة أم القيادة المجتمعية عامة.
واسترسل في حديثه قائلاٍ: ومن المحزن أكثر أن لاتولي أي من الوسائط التربوية هذه القضايا إهتماماٍ يذكر. وفي الوقت الذي تطرق فيه بعضها قدراٍ من ذلك فإنه يظل مرهوناٍ بالمناسبات والظروف الطارئة وفي العادة يتم تناوله بشكل ضعيف مجتزئاٍ هش مسطح أضف إلى ذلك الوقوع في تناقض سافر حيناٍ وخفي حيناٍ آخر بين أطاريح وفتاوى بعض القائمين على شئون التوجية والتوعية في المساجد وبعضهم من جانب وبينهم وبين وسائل الإعلام وماتبثه أو ماتذيعه أو تنشره من جانب آخر .. وهنا تزداد المشكلة تعقيداٍ والجيل حيرة ويبقى المصلحون المخلصون يحترقون في أماكنهم .
ومن الاسباب التي تقف وراء ظاهرة العنف الدافع النفسي »السيكولوجي« الذي سكن نفوس بعض الشباب العائدين من أراضي الجهاد الأفغانية أو الشيشانية أو البوسنة أو حتى من أولئك الذين كان لهم اسهام مباشر أو غير مباشر في مقاومة بعض الاطراف السياسية المسلحة التي مثلت يوماٍ ما خصماٍ مسلحاٍ لهذا النظام السياسي أو ذاك في هذا البلد أو ذاك ففي تلك الأجواء عْبئ الشباب »المجاهد« بأفكار مفادها أن حياة الجهاد هي الأصل وأن السلم هو الاستثناء ليس العكس كما هو مقرر عند جمهور الفقهاء في القديم والحديث وأن الحياة بغير جهاد – حتى لو لم تتوافر دواعيه وأسبابه – تفقد معناها إذ هي اخلاد إلى الدنيا ومتاعها ومن ثم فلا بد أن يعيش الشاب المؤمن »المجاهد« أجواء الجهاد على الحقيقة فإن لم تتوافر تلقائياٍ في بلده فإن عليه السعي نحو خلقها فهم لايستوعبون إلاِ أن يظل المسلم شاهراٍ سيفه أو متمنطقاٍ بندقيته ماعاش وإلاِ فإنه متوعد بميتة منافق أو امرئ جاهلي!!
ولاريب أن تلك التعبئة كانت من الخطأ بحيث آلت مخرجاتها إلى اعمال عنف يذهب ضحيتها أبرياء مسلمون حيناٍ ومسالمون من غير المسلمين حينا آخر.
أما الدافع الثالث فهو دور التكوين الفكري والتنشئة الاخلاقية في المجتمعات الإسلامية حيث أن جمهور هذه المجتمعات قد نشأوا على تقديس المعتقدات الدينية ولاسيما الذات الإلهية وعدم التفريط بالقيم الاجتماعية والأخلاقية بل والدفاع المسلح عن ذلك إن اقتضى الأمر
أما الدافع الرابع فالدوافع الاجتماعية والاقتصادية والتي تتمثل في غياب العدالة الاجتماعية وتلاشي مايعرف بالطبقة الوسطى واستئثار فئة من ذوي النفوذ في المجتمع بالمال والثروة والتسلط السياسي والاجتماعي وضعف أو انعدام تكافؤ الفرص في المشاريع والحقوق الاجتماعية الطبيعية والمدنية المتمثلة في التعليم الجيد والعمل المناسب والعلاج الصحي السليم والسكن الملائم والزواج الشرعي هذا مع إنتشار ظواهر التمييز الطبقي الاجتماعي.
خامساٍ : الدوافع السياسية والقضائية وتتمثل في غياب المشاركة السياسية لشتى شرائح المجتمع ومبدأ التداول السلمي للسلطة وتضييق حرية الصحافة كما أن غياب دور القضاء وتطبيق مبدأ سيادة القانون وتفشي الفساد في الأجهزة القضائية وعدم أو ضعف تطبيق الحدود الشرعية التي لاشبه في تطبيقها ذلك كله يعني لجوءاٍ إلى أقرب الطرق وأسرعها وهو أسلوب »الثورة« وفق مفهوم »ريماغوجي« مدمر كتعبير عن اليأس والاحباط وفشل أي مشروع سلمي سادساٍ : دوافع أمنية فإعتماد الأسلوب الأمني أساساٍ في معالجة ظاهرة العنف هو الداء بعينه .إذ كثير من أعمال العنف هذه إنما ترد كرد فعل مضاد للعنف السلطوي والأمني . ولوتتبع باحث ما نشأة الظاهرة في العقود الأخيرة لألفى السجون هي الحقل الأنسب لنشأة الظاهرة ونموها وانتشارها رغم غيابها العام قبل ذلك من هذا الطرف المنتمي إلى الفكر الإسلامي تحديداٍ .
سابعاٍ وأخيراٍ الدوافع الأجنبية والخارجية وتتبلور هذه الدوافع في الصراع الحضاري الذي تتولاه اليوم الولايات المتحدة الامريكية إذ يمثل دافعاٍ أساسياٍ من أسباب انتعاش ظاهرة العنف وتفاقمها إذ أن التدخلات الخارجية في السياسة الداخلية لأي قطر لاتقف عند حد إملاء سياسات تحفظ لقوى الهيمنة بعض المصالح التقليدية بل غدت سافرة.
العلاج
وطرح الدكتور الدغشي جملة من الحلول كتصورات موضوعية لأفضل سْبل علاج لظاهرة العنف يتكون من شقين شق جملي عام يتمثل في قطع السبيل أمام تلك الدوافع المؤمية إلى نمو الظاهرة وتصاعدها وشق تفصيلي يقتضي البيان وهي:
- الحل التربوي ويتجلى في إدراك خطورة إغفال المناهج التربوية لمفردات التربية المدنية والحضارية والمسارعة إلى إدراجها عبر جميع المقررات الدراسية الشرعية وما في حكمها أو قريب منها كالتربية الاجتماعية والوطنية إلى جانب توجية النصوص الشرعية وإعادة النظر في بعض الأفكار والقراءات والنصوص التراثية والحديثة التي أدى فهمها يوما ما إلى تبني أفكار وأحكام لا تنسجم وروح الدين ومقاصده في التعامل مع الآخر القريب فضلا عن البعيد.
وكذا قيام الوسائط التربوية الأخرى من مسجد وأجهزة إعلام بدعم هذا التوجه عن طريق بث وإذاعة ونشر الوعي الحضاري السلمي والمدني دون إغفال لفريضة الجهاد ولكن بعد تحرير النزاع حول مدلول هذا المصطلح وفق رأي جمهور الفقهاء كما أنه لابد أن تقوم الوسائل الإعلامية بأدوارها التربوية بدلاٍ من الاستمرار في مسلسل الهدم عبر مايبثه الإعلام المرئي خاصة من مسلسلات العنف وأفلام الكرتون المعززة لهذا المسلك ولابد أن تتفاعل الاجهزة الرقابية الاعلامية في هذا الاتجاه لضبط مسار الإعلام الرسمي والخاص فليس ثمة حرية مطلقة تعبث بناشئتنا وتصوغه كما يهوى أعداؤه الحضاريون الأهم في الأمر أن لا توكل هذه المهمة – مهمة الرقابة – إلى غير المؤهلين من الإعلاميين غير التربويين كي لا تقع تحت »إرهاب« مقص الرقيب بما يستاهل ومالا يستاهل.
-الحل النفسي إذ لابد من سياسة رسمية تعمل على استيعاب أولئك الشباب العائدين من مناطق الجهاد الخارجية أو »الداخلية« بإدماجهم في سلك القوات المسلحة ووضع كل منهم في مقامه المناسب ولاشك أن للوضع النفسي والاجتماعي من حيث »تقدير الذات« وللوضع الاقتصادي من حيث سد »الحاجة« إلى نمط من العيش الكريم أثرا في كفهم عن الاستمرار في التوجه نحو فكر العنف ومسلكه.
- الحل الفكري والاخلاقي وذلك يقتضي ابتعاد الجهات التي تنزلق أو تتورط أحياناٍ على مستوى الأحزاب أو الأفراد أو سواهما المساس بالمعتقدات الدينية أو التفريط بالقيم الاجتماعية والأخلاقية الثابتة وجعل ذلك خطاٍ أحمر لا يجوز الاقتراب منه.
الحل الاجتماعي والاقتصادي وحل هاتين المشكلتين يتطلب السعي الجاد للحكومة نحو تحكيم مبدأ سيادة القانون في معايير توزيع المشاريع وتكافؤ الفرص وتحقيق مشروع البنية التحتية لأبناء المجتمع جميعاٍ أي حصول كل مواطن على حقوقه الطبيعية والمدنية في الثروة التعليم والعمل والصحة والسكن والزواج والتخفيف من الأعباء الحكومية المثقلة لكاهل المواطن ثم مقاومة ظواهر التمييز الاجتماعي والطبقي والعنصرية والتعصب بشتى صوره والكراهية والثأر بتعاون الجهات ذات العلاقة من تربية وإعلام وأمúن وقضاء وأوقاف.
الحل السياسي والقضائي
إذ لا بد أن تعيد السلطة السياسية النظر في سياستها تجاه مسألة مشاركة غيرها معها وافساح المجال أكثر للتعبير عن الرأي وفتح أبواب الحريات العامة في ظل الاتفاق على القواسم المشتركة والثوابت الدينية والوطنية الجامعة مع صدق التوجه لإصلاح الأجهزة القضائية والأمنية والمسارعة إلى تطبيق الحدود الشرعية تطبيقاٍ عادلاٍ وعاماٍ مع مراعاة الأوضاع الاقتصادية والسياسية السائدة في بعض المجتمعات تلك التي تمثل سبباٍ مباشراٍ للوقوع في بعض جرائم السرقة والفواحش الأخلاقية ليصبح التوجه الأساس نحو إصلاح تلك الأوضاع التي أدت إلى الوقوع في مثل هذه الجرائم ممكناٍ ومعقولاٍ وهذا لا يعني تعطيل تلك الحدود أو إلغاءها بالكلية وإنما دراسة الأسباب والدوافع الحقيقية الكامنة وراء السلوك المتصل بها ومعالجتها.
الحل الأمني
يجب إعادة النظر في السياسة الأمنية المتعلقة بمقاومة ظاهرة العنف فأولى خطوات الحل هنا: التخلي عن الحل الأمني وحده والاقتصار عليه عند الضرورة التي تقدرها شريطة أن يظل محتكماٍ إلى الشرع خاضعاٍ لأحكام القانون النافذ من حيث فترة الاحتجاز وأسلوب التعامل مع المتهم ونحو ذلك واعتماد أسلوب الحوار الجاد المسئول: البديل الأصيل عن الحل الأمني كما أن الموضوعات التي يتم تناولها يجب أن تكون من الوضوح والصراحة والمباشرة بحيث تولد القناعة الحقيقية التي يمكن أن تثبت ويكتب لها الاستمرارية والنجاح أما أسلوب الحوار فلا بد أن يكون من التنوع والإثراء بحيث يشمل أساليب التغيير للمنكرات التي تم التزامها وتجسيدها عند سلف هذه الأمة في ظل حكم الإسلام وكيف تعامل الراسخون الثقات من علماء الأمة معها كما لا بد أن يكون أسلوب الحوار من المحاججة الهادئة والدامغة وفق المنطقين الشرعي والعقلي بحيث يقطع أية حجة يتكىء عليها دعاة العنف ويدحض أية شبهة يتشبث بها مروجوه ومالم يتم تعاضد القوى المختلفة وفي مقدمتها السلطة السياسية مع هؤلاء المحاورين – بكسر الواو – لتعزز المصداقية لديهم وتثبت بأنهم ليسوا خاضعين لأية جهة دفعت بهم إلى إجراء الحوار دون أن يكون لديهم صلاحية تنفيذ ما يتفق عليه فإن أسلوب الحوار يظل ناقصاٍ وقد يفقد معناه ومن المعلوم أن بعض هؤلاء الشباب إنما يلجأون إلى العنف بعد محاولات سليمة في التغيير ربما تقمع أو يعاقب أصحابها بالسجن أو الحرمان من بعض حقوقهم المدنية الطبيعية أو يظلون في عداد المطاردين ولذا فإن رد الفعل يكون من العنف بحيث يصعب أن يصدق الشاب الذي سلك هذا المسلك جدية التوجهات في معالجة الاختلالات المختلفة على نحو سلمي.
أما آخر الحلول فهو الحل الأجنبي الخارجي إذ يقتضي معالجة ظاهرة العنف من زاوية الدوافع الأجنبية الخارجية بتعاون الجانبين الداخلي والخارجي.
التربية والارهاب
بالمقابل يقول القاضي محمد الباشق في مداخلته »التربية والارهاب نظرية فلسفية« أن التربية بالمفهوم الواسع تشمل التغذية والتنشئة لكافة مكونات الانسان لا بد من تربية الروح فلا غذاء لها إلاِ الدين فهماٍ لحقائق الشريعة قبل القيام فقط بمظاهر العبادات وهو في هذا القيام بفهم يحقق المطلوب منه في تعظيم شعائر الله فيجد كل مخلوق في الكون السلوك السوي فيعيش مع خالقه بنية خالصة وعمل وسلوك يتذوق معاني كمال وجلال وجمال كتاب الله فيعرف مصدر الكمال والجلال والجمال هو الله فتكون غاية المؤمن رضاه ولسان حاله ومن كانت هذه تربيته فتكون أفعاله منسجمة مع أقواله بل يكون باطنه أفضل وخيراٍ وأحسن من ظاهرة فضلاٍ وخيراٍ واقترح القاضي الباشق جملة من الاقتراحات أنه يجب أن تكون منافذ التربية تحت سلطان الوضوح رقابة الأمة أي الشعب على مصدر فكر ومصدر رزق كل مربي تقييم المراكز التربوية والمراكز الدينية والجامعات بكيف تفهم هذه المراكز والجامعات الإسلام والآخر وكيف تفهم البناء والإعمار والتنمية محاربة الارهاب الموجود في سلوكيات بعض أبناء الأمة يبدأ بمحاربة أمراض النفوس.<
وأضاف استاذ التربية في مداخلته »ظاهرة العنف قراءة في الدوافع وتصورات الحلول« التي قدمها في ندوة نظمها مركز »منارات« للدراسات مؤخراٍ: أنه ممكن عزو بعض أساسها إلى نمط التنشئة السائدة في المجتمع الذي يبرز فيه العنف ونمط التنشئة يعتبر المعنى العام الذي تشترك فيه إلى جانب المدرسة والأسرة ووسائط التربية الأخرى من مسجد وأجهزة إعلامية ومواقع إلكترونية وجماعة رفاق وأندية شبابية وجماعات ونقابات وأحزاب.
وأشار الدغشي في مداخلته إلى سبعة دوافع لممارسة العنف أولها دوافع تربوية فالمقررات المدرسية سواء في التعليم الإساسي أم الثانوي لاتولي شيئاٍ يذكر لمفردات التربية المدنية والحضارية السليمة في المواد ذات العلاقة العضوية بالتنشئة الفكرية السليمة.
متسائلاٍ : فأين مفردات القبول بالآخر القريب – فضلاٍ عن الآخر البعيد وأين اهتمامها بالتعايش الحضاري بين الأمم ذات الأديان المختلفة وتحرير النزاع حول مفهوم الجهاد وفق رأي جمهور خصوصاٍ والخلاف المشروع بآدابه وقيمه واخلاقه وفريضة الحوار الغائبة وفقة تغيير المنكر ودرجاته وطرقه والتوازن في التنشئة بين الروحي والعقلي والوجداني والجسمي .
والتأكيد على نسبية الحقيقة في قضايا الإجتهاد ذات العلاقة بفروع الأصل أو الأحكام العملية ومايندرج في إطارها من رؤى وتباينات تتصل بالسياسة الشرعية أو الأحكام السلطانية.
هذا إلى جانب ضعف في القدرة العملية »المنهج الخفي« وهو – أي هذا المنهج – من أكثر العوامل تأثيراٍ في الناشئة تجاة تجسيد هذه المسائل وتمثلها سواء في ذلك الأسرة أم الإدارة أم التوجية أم الوزارة أم القيادة المجتمعية عامة.
واسترسل في حديثه قائلاٍ: ومن المحزن أكثر أن لاتولي أي من الوسائط التربوية هذه القضايا إهتماماٍ يذكر. وفي الوقت الذي تطرق فيه بعضها قدراٍ من ذلك فإنه يظل مرهوناٍ بالمناسبات والظروف الطارئة وفي العادة يتم تناوله بشكل ضعيف مجتزئاٍ هش مسطح أضف إلى ذلك الوقوع في تناقض سافر حيناٍ وخفي حيناٍ آخر بين أطاريح وفتاوى بعض القائمين على شئون التوجية والتوعية في المساجد وبعضهم من جانب وبينهم وبين وسائل الإعلام وماتبثه أو ماتذيعه أو تنشره من جانب آخر .. وهنا تزداد المشكلة تعقيداٍ والجيل حيرة ويبقى المصلحون المخلصون يحترقون في أماكنهم .
ومن الاسباب التي تقف وراء ظاهرة العنف الدافع النفسي »السيكولوجي« الذي سكن نفوس بعض الشباب العائدين من أراضي الجهاد الأفغانية أو الشيشانية أو البوسنة أو حتى من أولئك الذين كان لهم اسهام مباشر أو غير مباشر في مقاومة بعض الاطراف السياسية المسلحة التي مثلت يوماٍ ما خصماٍ مسلحاٍ لهذا النظام السياسي أو ذاك في هذا البلد أو ذاك ففي تلك الأجواء عْبئ الشباب »المجاهد« بأفكار مفادها أن حياة الجهاد هي الأصل وأن السلم هو الاستثناء ليس العكس كما هو مقرر عند جمهور الفقهاء في القديم والحديث وأن الحياة بغير جهاد – حتى لو لم تتوافر دواعيه وأسبابه – تفقد معناها إذ هي اخلاد إلى الدنيا ومتاعها ومن ثم فلا بد أن يعيش الشاب المؤمن »المجاهد« أجواء الجهاد على الحقيقة فإن لم تتوافر تلقائياٍ في بلده فإن عليه السعي نحو خلقها فهم لايستوعبون إلاِ أن يظل المسلم شاهراٍ سيفه أو متمنطقاٍ بندقيته ماعاش وإلاِ فإنه متوعد بميتة منافق أو امرئ جاهلي!!
ولاريب أن تلك التعبئة كانت من الخطأ بحيث آلت مخرجاتها إلى اعمال عنف يذهب ضحيتها أبرياء مسلمون حيناٍ ومسالمون من غير المسلمين حينا آخر.
أما الدافع الثالث فهو دور التكوين الفكري والتنشئة الاخلاقية في المجتمعات الإسلامية حيث أن جمهور هذه المجتمعات قد نشأوا على تقديس المعتقدات الدينية ولاسيما الذات الإلهية وعدم التفريط بالقيم الاجتماعية والأخلاقية بل والدفاع المسلح عن ذلك إن اقتضى الأمر
أما الدافع الرابع فالدوافع الاجتماعية والاقتصادية والتي تتمثل في غياب العدالة الاجتماعية وتلاشي مايعرف بالطبقة الوسطى واستئثار فئة من ذوي النفوذ في المجتمع بالمال والثروة والتسلط السياسي والاجتماعي وضعف أو انعدام تكافؤ الفرص في المشاريع والحقوق الاجتماعية الطبيعية والمدنية المتمثلة في التعليم الجيد والعمل المناسب والعلاج الصحي السليم والسكن الملائم والزواج الشرعي هذا مع إنتشار ظواهر التمييز الطبقي الاجتماعي.
خامساٍ : الدوافع السياسية والقضائية وتتمثل في غياب المشاركة السياسية لشتى شرائح المجتمع ومبدأ التداول السلمي للسلطة وتضييق حرية الصحافة كما أن غياب دور القضاء وتطبيق مبدأ سيادة القانون وتفشي الفساد في الأجهزة القضائية وعدم أو ضعف تطبيق الحدود الشرعية التي لاشبه في تطبيقها ذلك كله يعني لجوءاٍ إلى أقرب الطرق وأسرعها وهو أسلوب »الثورة« وفق مفهوم »ريماغوجي« مدمر كتعبير عن اليأس والاحباط وفشل أي مشروع سلمي سادساٍ : دوافع أمنية فإعتماد الأسلوب الأمني أساساٍ في معالجة ظاهرة العنف هو الداء بعينه .إذ كثير من أعمال العنف هذه إنما ترد كرد فعل مضاد للعنف السلطوي والأمني . ولوتتبع باحث ما نشأة الظاهرة في العقود الأخيرة لألفى السجون هي الحقل الأنسب لنشأة الظاهرة ونموها وانتشارها رغم غيابها العام قبل ذلك من هذا الطرف المنتمي إلى الفكر الإسلامي تحديداٍ .
سابعاٍ وأخيراٍ الدوافع الأجنبية والخارجية وتتبلور هذه الدوافع في الصراع الحضاري الذي تتولاه اليوم الولايات المتحدة الامريكية إذ يمثل دافعاٍ أساسياٍ من أسباب انتعاش ظاهرة العنف وتفاقمها إذ أن التدخلات الخارجية في السياسة الداخلية لأي قطر لاتقف عند حد إملاء سياسات تحفظ لقوى الهيمنة بعض المصالح التقليدية بل غدت سافرة.
العلاج
وطرح الدكتور الدغشي جملة من الحلول كتصورات موضوعية لأفضل سْبل علاج لظاهرة العنف يتكون من شقين شق جملي عام يتمثل في قطع السبيل أمام تلك الدوافع المؤمية إلى نمو الظاهرة وتصاعدها وشق تفصيلي يقتضي البيان وهي:
- الحل التربوي ويتجلى في إدراك خطورة إغفال المناهج التربوية لمفردات التربية المدنية والحضارية والمسارعة إلى إدراجها عبر جميع المقررات الدراسية الشرعية وما في حكمها أو قريب منها كالتربية الاجتماعية والوطنية إلى جانب توجية النصوص الشرعية وإعادة النظر في بعض الأفكار والقراءات والنصوص التراثية والحديثة التي أدى فهمها يوما ما إلى تبني أفكار وأحكام لا تنسجم وروح الدين ومقاصده في التعامل مع الآخر القريب فضلا عن البعيد.
وكذا قيام الوسائط التربوية الأخرى من مسجد وأجهزة إعلام بدعم هذا التوجه عن طريق بث وإذاعة ونشر الوعي الحضاري السلمي والمدني دون إغفال لفريضة الجهاد ولكن بعد تحرير النزاع حول مدلول هذا المصطلح وفق رأي جمهور الفقهاء كما أنه لابد أن تقوم الوسائل الإعلامية بأدوارها التربوية بدلاٍ من الاستمرار في مسلسل الهدم عبر مايبثه الإعلام المرئي خاصة من مسلسلات العنف وأفلام الكرتون المعززة لهذا المسلك ولابد أن تتفاعل الاجهزة الرقابية الاعلامية في هذا الاتجاه لضبط مسار الإعلام الرسمي والخاص فليس ثمة حرية مطلقة تعبث بناشئتنا وتصوغه كما يهوى أعداؤه الحضاريون الأهم في الأمر أن لا توكل هذه المهمة – مهمة الرقابة – إلى غير المؤهلين من الإعلاميين غير التربويين كي لا تقع تحت »إرهاب« مقص الرقيب بما يستاهل ومالا يستاهل.
-الحل النفسي إذ لابد من سياسة رسمية تعمل على استيعاب أولئك الشباب العائدين من مناطق الجهاد الخارجية أو »الداخلية« بإدماجهم في سلك القوات المسلحة ووضع كل منهم في مقامه المناسب ولاشك أن للوضع النفسي والاجتماعي من حيث »تقدير الذات« وللوضع الاقتصادي من حيث سد »الحاجة« إلى نمط من العيش الكريم أثرا في كفهم عن الاستمرار في التوجه نحو فكر العنف ومسلكه.
- الحل الفكري والاخلاقي وذلك يقتضي ابتعاد الجهات التي تنزلق أو تتورط أحياناٍ على مستوى الأحزاب أو الأفراد أو سواهما المساس بالمعتقدات الدينية أو التفريط بالقيم الاجتماعية والأخلاقية الثابتة وجعل ذلك خطاٍ أحمر لا يجوز الاقتراب منه.
الحل الاجتماعي والاقتصادي وحل هاتين المشكلتين يتطلب السعي الجاد للحكومة نحو تحكيم مبدأ سيادة القانون في معايير توزيع المشاريع وتكافؤ الفرص وتحقيق مشروع البنية التحتية لأبناء المجتمع جميعاٍ أي حصول كل مواطن على حقوقه الطبيعية والمدنية في الثروة التعليم والعمل والصحة والسكن والزواج والتخفيف من الأعباء الحكومية المثقلة لكاهل المواطن ثم مقاومة ظواهر التمييز الاجتماعي والطبقي والعنصرية والتعصب بشتى صوره والكراهية والثأر بتعاون الجهات ذات العلاقة من تربية وإعلام وأمúن وقضاء وأوقاف.
الحل السياسي والقضائي
إذ لا بد أن تعيد السلطة السياسية النظر في سياستها تجاه مسألة مشاركة غيرها معها وافساح المجال أكثر للتعبير عن الرأي وفتح أبواب الحريات العامة في ظل الاتفاق على القواسم المشتركة والثوابت الدينية والوطنية الجامعة مع صدق التوجه لإصلاح الأجهزة القضائية والأمنية والمسارعة إلى تطبيق الحدود الشرعية تطبيقاٍ عادلاٍ وعاماٍ مع مراعاة الأوضاع الاقتصادية والسياسية السائدة في بعض المجتمعات تلك التي تمثل سبباٍ مباشراٍ للوقوع في بعض جرائم السرقة والفواحش الأخلاقية ليصبح التوجه الأساس نحو إصلاح تلك الأوضاع التي أدت إلى الوقوع في مثل هذه الجرائم ممكناٍ ومعقولاٍ وهذا لا يعني تعطيل تلك الحدود أو إلغاءها بالكلية وإنما دراسة الأسباب والدوافع الحقيقية الكامنة وراء السلوك المتصل بها ومعالجتها.
الحل الأمني
يجب إعادة النظر في السياسة الأمنية المتعلقة بمقاومة ظاهرة العنف فأولى خطوات الحل هنا: التخلي عن الحل الأمني وحده والاقتصار عليه عند الضرورة التي تقدرها شريطة أن يظل محتكماٍ إلى الشرع خاضعاٍ لأحكام القانون النافذ من حيث فترة الاحتجاز وأسلوب التعامل مع المتهم ونحو ذلك واعتماد أسلوب الحوار الجاد المسئول: البديل الأصيل عن الحل الأمني كما أن الموضوعات التي يتم تناولها يجب أن تكون من الوضوح والصراحة والمباشرة بحيث تولد القناعة الحقيقية التي يمكن أن تثبت ويكتب لها الاستمرارية والنجاح أما أسلوب الحوار فلا بد أن يكون من التنوع والإثراء بحيث يشمل أساليب التغيير للمنكرات التي تم التزامها وتجسيدها عند سلف هذه الأمة في ظل حكم الإسلام وكيف تعامل الراسخون الثقات من علماء الأمة معها كما لا بد أن يكون أسلوب الحوار من المحاججة الهادئة والدامغة وفق المنطقين الشرعي والعقلي بحيث يقطع أية حجة يتكىء عليها دعاة العنف ويدحض أية شبهة يتشبث بها مروجوه ومالم يتم تعاضد القوى المختلفة وفي مقدمتها السلطة السياسية مع هؤلاء المحاورين – بكسر الواو – لتعزز المصداقية لديهم وتثبت بأنهم ليسوا خاضعين لأية جهة دفعت بهم إلى إجراء الحوار دون أن يكون لديهم صلاحية تنفيذ ما يتفق عليه فإن أسلوب الحوار يظل ناقصاٍ وقد يفقد معناه ومن المعلوم أن بعض هؤلاء الشباب إنما يلجأون إلى العنف بعد محاولات سليمة في التغيير ربما تقمع أو يعاقب أصحابها بالسجن أو الحرمان من بعض حقوقهم المدنية الطبيعية أو يظلون في عداد المطاردين ولذا فإن رد الفعل يكون من العنف بحيث يصعب أن يصدق الشاب الذي سلك هذا المسلك جدية التوجهات في معالجة الاختلالات المختلفة على نحو سلمي.
أما آخر الحلول فهو الحل الأجنبي الخارجي إذ يقتضي معالجة ظاهرة العنف من زاوية الدوافع الأجنبية الخارجية بتعاون الجانبين الداخلي والخارجي.
التربية والارهاب
بالمقابل يقول القاضي محمد الباشق في مداخلته »التربية والارهاب نظرية فلسفية« أن التربية بالمفهوم الواسع تشمل التغذية والتنشئة لكافة مكونات الانسان لا بد من تربية الروح فلا غذاء لها إلاِ الدين فهماٍ لحقائق الشريعة قبل القيام فقط بمظاهر العبادات وهو في هذا القيام بفهم يحقق المطلوب منه في تعظيم شعائر الله فيجد كل مخلوق في الكون السلوك السوي فيعيش مع خالقه بنية خالصة وعمل وسلوك يتذوق معاني كمال وجلال وجمال كتاب الله فيعرف مصدر الكمال والجلال والجمال هو الله فتكون غاية المؤمن رضاه ولسان حاله ومن كانت هذه تربيته فتكون أفعاله منسجمة مع أقواله بل يكون باطنه أفضل وخيراٍ وأحسن من ظاهرة فضلاٍ وخيراٍ واقترح القاضي الباشق جملة من الاقتراحات أنه يجب أن تكون منافذ التربية تحت سلطان الوضوح رقابة الأمة أي الشعب على مصدر فكر ومصدر رزق كل مربي تقييم المراكز التربوية والمراكز الدينية والجامعات بكيف تفهم هذه المراكز والجامعات الإسلام والآخر وكيف تفهم البناء والإعمار والتنمية محاربة الارهاب الموجود في سلوكيات بعض أبناء الأمة يبدأ بمحاربة أمراض النفوس.<