> يتعرض المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه والخدمات التي يقدمها للوطن والمواطن في كل الظروف والمحن إلى عملية تدمير غير مسبوقففة وعلى مختلف الصعد والمجالات المتعلقة بالجوانب والخدمات الصحية خصوصاٍ وأن المركز هو الجهة الوحيدة والمسؤولة عن توفير احتياجات المرضى والمصابين من الدم المأمون عالي الجودة والجهة الوحيدة المسؤولة عن خدمات نقل الدم في الجمهورية وعمل جميع الفحوصات المخبرية التي تضمن سلامة المواطن وخلوه من الأمراض المعدية.
وبحسب الوثائق التي حصلت عليها »الوحدة« فإن المركز الذي ضاق به المكان قد استغاث بعشرات المذكرات الرسمية يطالب عبرها الجهات المعنية التدخل لدى قيادة إدارة مستشفى السبعين تسليمه الأرضية الواقعة خلف المستشفى لغرض التوسع وإقامة منشآت جديدة تابعة للمركز وذلك بعد أن أدى ضيق المكان إلى تكدس تجهيزات ومعدات ومحاليل وثلاجات الدم التابعة للمركز على ممرات وردهات المركز واحتكاكها المستمر بالمرضى والعاملين والمعاملين الأمر الذي يعرض تلك التجهيزات والمحاليل للتلف والتدمير.
باءت بالفشل
غير أن محاولات المركز جميعها باءت بالفشل على الرغم من كل الاستغاثات التي تم بها التوجه إلى وزارة الصحة ومسؤوليها وأمانة العاصمة ومجلس محلي مديرية السبعين والبرلمان ومجلس الشورى ومجلس الوزراء ومكافحة الفساد وعلى الرغم من التوجيهات الصادرة عن تلك الجهات بضرورة تسليم الأرضية الواقعة خلف مستشفى السبعين والتي لا تحتاجها هذه الأخيرة إلى المركز غير أن إدارة المستشفى امتنعت وأصرت على عدم تسليم قطعة الأرض تلك إلى المركز.
موقف المتفرج
وبدلاٍ من أن تقوم الجهة المعنية والمخولة بالإشراف والرقابة بالتدخل وهي وزارة الصحة اتخذت هذه الأخيرة موقفاٍ لا يمت إلى المسؤولية والمهنية بصلة.. وبدلاٍ من إيقاف التدهور الذي وصل إليه المركز الوطني لأبحاث الدم فوجئت إدارة هذا الأخير باقتحام مسؤولين من وزارة الصحة لحرمة المركز والعبث بمحتوياته وذلك تحت مبرر أنهم من لجنة دور الاستلام والتسليم وأنهم قاموا بذلك بموجب أمر من وزير الصحة..
ووفقاٍ للمذكرة المرفوعة من مدير عام المركز إلى رئيس مجلس النواب بتاريخ ١٢/١/٠١٠٢م برقم »٥٢« فإنه قد قام كل من د. ناصر محسن باعوم وكيل وزارة الصحة العامة والسكان وعلي عبدالكريم جبران مدير عام الشؤون القانونية بالوزارة ومساعد حسين الفائق مدير عام الرقابة والتفتيش بالوزارة ومعهم ثلة من الأفراد غير المعروفة شخصياتهم وصفاتهم باقتحام مبنى المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه وكسر أقفال مكتب الإدارة العامة والعبث بمحتوياته وموجوداته دون اعتبار لحرمة المكان تحت مبرر أنهم من لجنة دور الاستلام والتسليم المْشكلة من وزير الصحة ودونما تواصل مع إدارة المركز أو إبلاغها بذلك.
إلغاء قرار جمهوري
ولم تتوقف وزارة الصحة عند هذا الأمر.. فبحسب المذكرة أعلاه المرفوعة إلى رئىس البرلمان فإن الوزارة أصدرت قراراٍ وزارياٍ يلغي قراراٍ جمهورياٍ يتم بموجبه تعيين »فني مختبرات مديراٍ عاماٍ للمركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه« مما يعد قراراٍ معيباٍ وجب إلغاؤه لتعارضه مع القرار الجمهوري رقم »٥٨« لسنة ٥٠٠٢م والصادر بتاريخ ٨٢ ربيع أول ٦٢٤١هـ الموافق ٧/مايو /٥٠٠٢م الذي نص في الفقرة »أ« من المادة »٤١« على أن:
»يتولى إدارة المركز طبيب أخصائي بأمراض الدم ونقل الدم مع خبرة عملية تحددها اللائحة ويصدر بتعيينه قرار من رئيس مجلس الوزراء بناءٍ على عرض من الوزير«.. وتلفت المذكرة إلى القول: »ولما كان من غير الجائز قانوناٍ أن يخالف القرار الأدنى القرار الأعلى فإن ذلك يعتبر قراراٍ باطلاٍ لا ينتج أثره ولا يعتد به«.
كما أبدت المذكرة تخوفها من أن يكون الاعتداء السافر على المركز قد أدى إلى حدوث اختراق أو عبث بمخزون الدم ومكوناته وتلويثه إلى جانب الأجهزة والمعدات والموجودات التي كلفت خزينة الدولة المليارات.. مطالبة بمساءلة المتسببين وتحميلهم الآثار المترتبة على أفعالهم إلى جانب إلغاء القرار المشار إليه لعدم قانونيته.
تحديات حقيقية
وتواجه المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه تحديات حقيقية وخطيرة إن كان ذلك لجهة ضيق المكان الذي أدى إلى تكدس تجهيزاته ومحاليله وثلاجات الدم في الممرات والردهات أو إن كان ذلك لجهة كثرة الانقطاعات للتيار الكهربائي الأمر الذي يؤثر وبدرجة عالية وخطيرة التأثير على عملية حفظ المحاليل والدم والمخزون بمختلف مكوناته في أجهرة التبريد إلى جانب عطب الأجهزة والمعدات التي كلفت الخزينة الكثير من الأموال وذلك على الرغم من وجود مولد كهربائي لم يتم تركيبه.
وبحسب المذكرة المرفوعة من مدير عام المركز إلى مدير عام مديرية السبعين بتاريخ ٧١/٧/٨٠٠٢م وبرقم »٨٨٢« فإن المركز طالب مديرية السبعين وبحسب الاتفاق مع هذا الأخير ببناء غرفة للمولد الخاص بالمركز في المكان المحدد مؤقتاٍ حتى يتم اسقاط الموقع للمبنى الجديد جوار المبنى الحالي للمركز الأمر الذي استدعى مدير عام مديرية السبعين بعمل توجيه إلى مدير مستشفى السبعين للاطلاع واستكمال تركيب المولد الكهربائي بحسب الاتفاق مع الاهتمام ولما فيه المصلحة العامة مما يشير إلى الحصار الذي ضرب على المركز إلى حد أنه لم يستطع حتى الحصول على مكان للمولد الكهربائي لتركيبه وتشغيله.
مستشفى السبعين
ووفقاٍ للعديد من الوثائق والتوجيهات والتوصيات الصادرة من أعلى المستويات وما دونها فإن إدارة مستشفى السبعين التي كما يبدو لم تكن على قدر من المسؤولية فراحت تضرب الحصار تلو الحصار على المركز ورفضت تسليم المركز الوطني لأبحاث الدم الجزء المتبقي من المبنى الحالي وغير المستخدم كما هو الحال بالنسبة للأرضية الواقعة خلف المستشفى والتي لا تحتاجها وذلك وفق المذكرة المرفوعة من قطاع التخطيط والتنمية الصحية بوزارة الصحة الإدارة العامة للشؤون الهندسية إلى وكيل وزارة الصحة لقطاع الطب العلاجي بتاريخ ٨/٣/٨٠٠٢م برقم »٥٩« التي أكدت على إتمام تحديد موقع المبنى الجديد للمركز المقترح إنشاؤه وبموجب مخططات هندسية يقوم بإعدادها مهندسون متخصصون وبالاستعانة بمخططات لمنشآت مماثلة في بعض الدول الشقيقة والصديقة غير أن المذكرة تلفت إلى أن العمل في التصاميم توقف بسبب العوائق التي حالت دون إتمام العمل من قبل إدارة مستشفى السبعين.
وفي مذكرتين مرفوعتين إلى أمانة العاصمة من إدارة المركز الوطني لنقل الدم بتاريخ ٧١/٢١/٨٠٠٢م برقم »٨٣٤« وبتاريخ ٢/٢/٩٠٠٢م برقم »١٢« تطالب أمين العاصمة التدخل والتوجيه بتحديد وتسوير الأرضية الواقعة بجوار المركز وتنتظر من الزيارة للمركز للوقوف عن كثب على مدى ضيق المكان وتكدس الأجهزة والمعدات التي كلفت المليارات مما يعيق حركة العمل وينعكس سلباٍ على أداء العمل والعاملين.. مشيرة إلى استعداد منظمات وجهات داعمة لبناء مبنى جديد للمركز على المساحة المجاورة له كما طالبت من خلال المذكرة الثانية إلى التكرم والتوجيه بالسماح ببناء غرفة خاصة للمحرقة الخاصة بإتلاف قرب الدم المصابة بالجراثيم وذلك ليتم تركيب المحرقة وبما يمكن المركز من الاستفادة من المحرفة والحفاظ على سلامة البيئة.
مكافحة الفساد
ولما طال الأمر واستطال وبدأ الضجيج بالارتفاع حول مصير التجهيزات والمحاليل والمعدات التابعة للمركز جراء ضيق المكان الناتج عن ضيق أفق المسؤولين وعدم الاكتراث بما يمثله المركز الوطني لنقل الدم كان لا بد من التواصل مع هيئة مكافحة الفساد التي تواصل أعضاؤها مع إدارة المركز وقاموا بزيارة ميدانية إلى المركز للاطلاع على أوضاعه فكانت مذكرة هيئة مكافحة الفساد إلى زير الصحة بتاريخ ٥٢/١/٩٠٠٢م برقم »٣١٣« تطالب الوزير بضرورة الاسراع بتوفير مساحة أرض كافية للمركز ذلك أن محدودية مساحة المركز الحالية لا تسمح له بتأدية مهامه على أكمل وجه كما أن عدم سماح مدير مستشفى السبعين لم يسمح للمركز بتركيب المحرقة الخاصة بالمخلفات الأمر الذي يجعل المركز يقوم بالتخلص من المخلفات في حفريات داخل حوش المستشفى مما جعل هذه الطريقة سبباٍ أكيداٍ في انتشار الأمراض..
وأكدت مذكرة هيئة مكافحة الفساد أن المبنى الشرقي لمستشفى السبعين غير مستخدم فضلاٍ عن وجود مساحة كبيرة بجواره فإن الهيئة ترى ضرورة تعاونكم مع المركز من خلال توجيهاتكم لإدارة مستشفى السبعين السماح للمركز باستخدام المبنى الشرقي للمستشفى ومنحهم جزءا من الأرض المجاورة للتوسع وتركيب المحرقة الخاصة بالمخلفات خصوصاٍ وأن هناك جهات تمويلية أبدت استعدادها لإنشاء مبنى جديد للمركز غير أن إدارة المستشفى لم تأبه ولم تكترث ولم تجد من يحاسبها أو يوقفها عند حدها..
مجلس الشورى
فيما أكد تقرير لجنة الصحة والسكان بمجلس الشورى في اجتماعها المنعقد بتاريخ ٦١/١١/٩٠٠٢م أن من الصعوبات والعوائق التي تحول دون تحقيق أولويات ومهام وظائف المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه قضية »التوسعات وبناء مبنى جديد للمركز بالإضافة إلى عدم تسليم إدارة مستشفى السبعين للجزء الشرقي من المبنى الحالي للمركز على الرغم من وجود توجيهات عديدة من قبل كافة الجهات المعنية »نائب الرئيس – مدير مكتب رئاسة الجمهورية – وزير الصحة – أمانة العاصمة – هيئة مكافحة الفساد – جهاز الرقابة«.. مشيراٍ إلى عدم استجابة وتعاون إدارة مستشفى السبعين بتسليم الجزء الشرقي من مبنى المركز الحالي غير المستخدم والمغلق منذ فترة طويلة لإدارة المركز على الرغم من مشتقات الدم وتوزيعها على جميع المستشفيات العامة والخاصة والمراكز المتخصصة كمركز السرطان والقلب التي يضطلع بها المركز فضلاٍ عن تغطيته بالكامل للاحتياجات الحيوية للمستشفيات الأمنية والعسكرية »٨٤ العسكري العرضي الشرطة« والمستشفيات الميدانية أو المتنقلة في مواقع الشرف والبطولة والقريبة من أحداث ومخيمات النازحين.
وخلص التقرير إلى ضرورة تمكين إدارة المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه من بناء مقر المبنى الحديث للمركز في الأرضية المجاورة للمبنى الحالي والمحددة بستمائة لبنة وبحسب الأبعاد الموضحة والتصاميم المعدة لذلك حتى تتم الاستفادة وعدم ضياع التمويل الخارجي مرة أخرى وكذا إلزام إدارة مستشفى السبعين بتسليم الجزء الشرقي من المبنى لإدارة المركز والذي يمثل جزءاٍ من المقر الحالي مع ضرورة محاسبة المتسببين في عدم تنفيذ التوجيهات وسرعة تركيب المحرقة الطبية وحتى يتمكن الفنيون من إتلاف الدم المصاب بالأمراض المعدية وكافة مستلزمات الدم بالطريقة الصحية الصحيحة ولما فيه الحفاظ على سلامة البيئة والإنسان على وجه الخصوص.
واستكمال الإجراءات المتعلقة بمنح العاملين الفنيين بالمركز كادراٍ خاصاٍ وتأمينهم لما يمكن أن يتعرضوا له بالتنسيق مع وزارتي الخدمة المدنية والمالية.
خلاصة
كثيرة هي المذكرات المرسلة وكثيرة هي التوجيهات الصادرة لكن قليلة أو بالأصح منعدمة هي الآليات والإجراءات المتخذة.. كيف لا والمخزون الاستراتيجي للدم يتم استباحته واستحالته من قبل مسؤول أحد المستشفيات الحكومية وهو » مستشفى السبعين« ويضرب بعرض الحائط جميع التوجيهات ويمعن وبإصرار على حصار وتضييق وتقويض مركز أبحاث الدم.. ولماذا كل ذلك يعلم الله وحده ¿!.
في شتى أرجاء الدنيا ينظر إلى مثل هذه المراكز بأنها ذات طابع استراتيجي محض وطبيعة أمنية في غاية الحيوية ويجب إحاطتها بكافة مستويات الرعاية والاهتمام كيف لا وهي تمثل المخزون الاستراتيجي للدم الذي يفوق أي مخزون آخر في وقت النكبات والأزمات والحروب والمحن.. نحن اليوم نواجه خطر التمرد في الشمال وأمراض قد تطهر وتستوطن في مخيمات لاجئي الحرب وإرهاب قاعدة يضرب ويقتل ويجرح في كل مكان فمن لهؤلاء المرضى والجرحى غير هذا المخزون الاستراتيجي من الدم الذي يضرب عليه اليوم حصار من إدارة المستشفى تحمل اسم كسر أطول حصار في المنطقة العربية لخنق ثورتها.. فما بالنا اليوم لا نفرق بين ما هو استراتيجي وطني وبين ما هو رجعي وشوفيني ومتخلف وفاسد.
أما يكفي أننا بدون مخزون استراتيجي من القمح والحبوب والمياه¿! وإن كانت مشاكل هذه كبيرة حتى نسعى إلى أن نكون بدون دم.. فالمسألة لا تعدو كونها مسألة قطعة أرض ومبنى.. فلماذا هذا الانحدار..<