ثم دعونا نطرح تساؤلاٍ آخيراٍ.. ما الذي يكتب اليوم عل ظهر صفحات صحفنا المحلية.. هل يندرج تحت حرية التعبير أم تراه مجرد حرية الكلام¿!!
الإجابة في ثنايا السطور المقبلة..
استطلاع/ رجاء عاطف
>> في البدء يرى محمد الغباري مراسل صحيفة »البيان« الإماراتية أن هناك فرقاٍ بين حرية التعبير وبين النقد القائم على اساس غير معرفي وأن ما يكتب الآن في صحفنا في غالبه لا يمس جوهر قضية حرية الرأي والتعبير وإنما على أن هناك رأياٍ ورأياٍ معاكساٍ له وبهذا نتبادل النقد والقصف عبر وسائل الإعلام فقط ولا نمارس حرية التعبير بمعناها الحقيقي.
ويرى الغباري أن أي عمل صحفي أو حرية تعبير لا بد أن تقوم على اساس المعلومة وفي غياب هذه المعلومة يبقى هناك نوع من التعبير السياسي عن المواقف فقط ولا علاقة له بحرية التعبير وفي اليمن مساحة من الحريات وحرية كبيرة في القول والتعبير ونقد القضايا ومتابعة ما يدور من أحداث سياسية ولكن لم نصل إلى مرحلة نستطيع فيه معرفة أن لدينا أداء إعلامياٍ مهنياٍ حقيقياٍ قائماٍ على المعلومة والتحرير الموضوعي والأخذ في الاعتبار على وجهتي نظر لا وجهة نظر واحدة وما هو موجود لدينا هو قائم على وجهة نظر واحدة مطلقة في الإتجاه الآخر.
وقال محمد الغباري أن أكثر من ينتهك حرية التعبير هم السياسيون على اعتبار أن الكاتب الصحافي إذا لم يعبر عن وجهة نظر ترضي السياسيين ففي نظر السلطة هو حاقد وغير موضوعي وفي نظر المعارضة هو عميل للسلطة وبالتالي السياسيون هم أكبر عائق وأكبر منتهكين لحرية التعبير بمعناها اللفظي وأضاف مراسل صحيفة »البيان« أن الاستخدام السيىء لحرية التعبير إساءة من الصحافيين لأنفسهم أيضاٍ وفي تقديري أنهم عندما سمحوا بأن يكونوا أدوات ويوظفوا حرية الرأي لأجل تحقيق مصالح شخصية ولابتزاز أطراف سواء تجار أو مسؤولين أو معارضين فهم أكثر من ينتهك حرية التعبير لأنهم يفقدون الصحافة قيمتها وأهميتها لدى الجمهور وبعكس ذلك حين يكون النقد موضوعياٍ وبعيداٍ عن المصالح الشخصية فيكسب احترام وتقدير القراء وحتى المعنيين بالنقد قد يصححون من سلوكياتهم ولكن عندما تتحول حرية التعبير إلى أداة ابتزاز فهم بهذا يسيئون إلى مهنة الصحافة ويقللون من مستوى تأثير الإعلام لدى الجمهور ولدى صناع القرار أيضاٍ..
حريات مطلقة
أما حسين سلم مدير تحرير صحيفة »المنبر الوطني« فيرى العكس وذلك بأنه لا يوجد فرق بين حرية التعبير وحرية الكلام وأن حرية التعبير هي الطرح للموضوع بكل شفافية ووضوح ولكن بحدود دون أن يدخل أحد في المحضور أو المسائل الدينية أو التي تمس السياسة الوطنية التي لا يمكن أن نتحدث بها ونقول أنها حرية تعبير فهناك مجال ووجهة حددها القانون رقم »25« الذي كان واضحاٍ كما أن الدستور كفل حرية التعبير عبر وسائل الإعلام ولكن هناك محظورات وليست حرية مطلقة ومن الضروري أن يلتزم الناس بهذا القانون فلا يوجد في العالم حرية مطلقة ولا بد أن يعرف كل شخص متى تبدأ حرية الآخرين وهناك سيتوقف.
وعبر سلم في حديثه بأن هناك صحفاٍ تنتهك هذه الحرية وهي الصحف التي تصنف ضمن الصحافة الصفراء والتي تلجأ للإثارة وأن يكون للنقابة دور لمراقبة أعضائها لكي لا يتجاوزوا القانون والأخلاق.
عقلانية
في حين تقول أنتصار خالد مدير عام المرأة والطفل بوزارة الإعلام: أن حرية التعبير وحرية الكلام مفهومان يكملان بعضهما وأن حرية التعبير بالمعنى الثقافي العالي هي الحرية المسؤولة وأما حرية الكلام بالمفهوم العامي هي الفضفضة بما في النفس وطرحها على مستوى الصحافة ولكن حرية التعبير هي الأقوى والتي يفترض أن تكون سائدة في صحافتنا اليمنية وهي موجودة فعلاٍ بدليل ذلك الصحف الرسمية وصحف المعارضة بالذات وهي صحف حزبية والأهلية وكلها تلتزم بمبادئها وأهدافها ومن حقها أن تطرح مواضيعها في صحفها وتعبر عن رأيها كما هو من حق أي مواطن يمني أن يمتلك الحق في أن يطرح ويشارك في التعبير عن آرائه في مختلف مجالات الحياة واليمن على مستوى الجزيرة والخليج تشكل حالة أفضل في إتاحة المساحة الواسعة للحرية الصحفية بالذات.
وترى انتصار: أنه يشترط في حرية التعبير أن تعالج أو تضع النقاط على الحروف على مستوى الواقع لا العكس وكما يجب أن يكون الصحافي أكثر عقلانية وأن يتحسس للواقع ومعطياته وينطلق من هذه الحيثيات ليضع الموضوع بشكل هادئ غير مستفز ويضع الحلول التي يرى بأنها تناسب القضية التي أمامه بعيداٍ عن العصبية الحزبية والمهاترات ونحن كمثقفين نستطيع معرفة من يضع فقاعات في موضوعه أو عنده الحس والمسؤولية الوطنية باتحاه الحلول المناسبة لكافة القضايا المجتمعية داخل المجتمع اليمني.
وأردفت مدير عام المرأة والطفل القول: ان بعض الصحف هي التي تساهم في انتهاك حرية التعبير وبعض الأقلام الصحفية »الهزيلة« على حد قولها.
وأشارت انتصار إلى أن المسؤولية جماعية وإذا انطلق كل واحد منا لتقييم نفسه وإصلاح ذاته فلن يحتاج إلى قيادات توجهنا وأن السبب في الفوضى الموجودة سواء الفوضى الإعلامية أو الصحفية هو غياب مبدأ الثواب والعقاب هذا المبدأ الرئيسي المعدوم في اليمن هو سبب الأزمات وعدم وجود الحل الصارم والعقاب لكل من يساهم في الإخفاقات ويفترض أن يحاسب فعدم وجود المحاسبة هو ما وسع تلك الفجوات وكذلك عدم الثقة بين أبناء المجتمع هو ما عمق علاقة الفوضى وعلاقة المصالح الذاتية والأنانية دون الرجوع إلى مصلحة الوطن.
وترى انتصار خالد: أن عدم احترام قوانين الصحافة والمطبوعات وعدم مراعاتها وتنفيذها هو ما أعطى هذه المساحة الواسعة للتطاول على الصحافة أو الحياة العامة ولن نلقي كل اللوم على أصحاب الأقلام أو الصحافيين بدرجة رئيسية لأنهم جزء من هذا المجتمع ويتعايشون معه وقضاياه وعندهم حس بأن هذه الكلمات قد تؤثر أو تكسر حاجزاٍ معيناٍ في المجتمع وكل همهم أنه إذا لم يجدوا آذاناٍ صاغية تسمعهم يكتبون وهم يعرفون بأنهم إذا كتبوا لا أحد سيحاسبهم وليس هم فقط من ينتهك حرية التعبير وإنما هناك الكثير منهم كالأجهزة الأمنية والسياسية وأحياناٍ أصحاب النفوذ.
ابتزاز
الدكتور محمد الفقيه أستاذ الإعلام السياسي بجامعة صنعاء يؤكد من جهته أن حرية التعبير تعني المسؤولية وتحملها وليست هناك حرية مطلقة وكل ما لا يتجاوز القيم والثوابت الوطنية والدينية يدخل في حرية التعبير وما يتجاوزها يخرج عن هذا الإطار إلى عكس ذلك وتصبح فوضى ومن جرائم النشر التي يعاقب عليها.
وأوضح الفقيه: أن الصحافة اليمنية تعيش حرية ملحوظة على مستوى الوطن العربي والصحافي يستطيع أن يتحدث بما يشاء ولكن في إطار القوانين والعادات التي تحفظ هذا المجتمع.
ولكن مقابل هذه الحرية لا توجد نصوص في قانون الصحافة وقضاء سريع يستطيع أن ينصف كل من يتظلم ضد ما ينشر عنه في الصحف ولذلك تمادى الكثير من الصحافيين في استخدام هذه الحرية وأساءوا استخدامها وتحولت عند بعض الصحافيين إلى سوط يْجلد به الآخرون وأحياناٍ هذه الحرية تتحول إلى شكل من اشكال الابتزاز لبعض المؤسسات فلا تستطيع هذه المؤسسات أن تتظلم وتلجأ إلى القانون لأنه متسع ومرن ومتراخ مع الصحافيين ومحاسبتهم ومعاقبتهم وسحب العضوية منهم كما يحدث في كثير من بلدان العالم.
وأضاف الدكتور محمد: صحيح أننا نريد حرية تعبير وصحافة حرة ولكن من أجل البناء ومكافحة الفساد لا من أجل الهدم وإشاعة الفساد من أجل انصاف الآخرين لأمن أجل ظلمهم!!
وأشار أستاذ الإعلام إلى أن الأخ الرئيس قد حذر بأنه لا داعي لنشر ثقافة الكراهية ونشر الأخبار والموضوعات التي تعمل على إحباط الرأي العام والتي تعمل على إشاعة روح العجز واللامبالاة في أوساط المجتمع وينبغي أن تعمل الأقلام الحرة من أجل البناء والتنمية والتحفيز إلى المزيد من الانتاج و إلى حماية هذا الوطن ولكن للأسف هناك فهم خاطئ للديمقراطية وحرية التعبير فالبعض يفهمها بأنها »حرية« نقد الناس وإلقاء التهم عليهم بدون اثبات!!
وقال محمد الفقيه في سياق حديثه أن الصحافيين هم أكثر من ينتهك حرية التعبير لأنهم يكتبون للناس ويتعاملون مع المجتمع وهم أكثر من ينتهك حقوق الإنسان فبعض الصحافيين وليس الكل ينتهكون هذه الحقوق بقصد نتيجة لحملة سياسية بين الأحزاب وبغير قصد أو جهلاٍ بهذه الحقوق أو عمداٍ بحيث يصبح هؤلاء الصحافيون أبواقاٍ وأسلحة بأيدي أحزاب سياسية أو لتحقيق مصالح شخصية.
واختتم أستاذ الإعلام السياسي حديثه بالقول: لا بد من العمل على تطهير المجتمع الصحافي من الدخلاء ولا بد أن نجمع على ميثاق شرف صحفي وفي مخالفته يكون لنقابة الصحافيين الحق في محاكمة ومساءلة من ينتهك هذا الميثاق ويتجاوز القوانين وأن يسحب ترخيصه لكي لا يستطيع ممارسة العمل الصحافي في مكان آخر هذا هو دور النقابة وليس فقط من أجل حقوق الصحافيين والسعي للحصول على تذاكر ودورات لهم وتوظيفها لمصالح أحزابهم السياسية فالنقابة هي لحماية المهنة ووضع ضوابط لمن يمارس هذه المهنة وتنظيمها لأن هناك كثيراٍ من الصحف لا ينطبق عليها شرط مؤسسات صحفية وإنما »حقيبة صحفية« فأين دور النقابة من هذا كله وأين شروط المؤسسات الصحفية حتى لا يدخل هذه المهنة كل من هب ودب¿!!