منى صفوان
المشروع الكبير “المواطنة” يمكن ان يبدأ في سن صغيرة لان التربية على المواطنة أمر تحتاجه المدارس والبيوت لكن بشرط خروجه عن النمطية والاعتياد المكرر لشعارات لم تعد تثري الشعور الوطني الذي لا يحتاج ان يكون كبيرا وضخما ومبالغا في العواطف.
منظمات محلية تسعى منذ سنوات لترسيخ مبادئ جديدة في تدريس المواطنة التي تعني المساواة وتحاول إيجاد مشروع مشترك مع المتولين لأمور التعليم في البلد كمشروع ملتقى المرأة للدارسات والتدريب الذي بدأ منذ سنوات في تعز مع المتولين لأمور التعليم هناك.
تفاصيل المواطنة الصغيرة التي تكبر لتسبب يوما كوارث سياسية المواطنون الصغار في المدارس الذين يرتدون الزي المدرسي بألوانه القاتمة لاتهمهم الكوارث السياسية والمواطنة التي يتم تلقينها في وسائل الاعلام لا تعنيهم أيضا الوطن يعني لهم مدرستهم الرتيبة والشارع الذي يلعبون فيه بعد انتهاء الدوام و المنزل الذي يغادرون اليه نهاية المساء.
عالمهم الصغير هذا هو الذي يعلمهم أول دروس المواطنة في وطنهم الصغير الذي يقضون فيه نصف يومهم” المدرسة” لا يحضرون دروسا للموسيقى ولا للألعاب الرياضية ليس هناك مسرح ولا رحلات مدرسية منتظمة لا نشاط يخرج طاقاتهم وإبداعاتهم ويعيد اكتشافهم ويتعرف عليهم من جديد فقط مدرس يلقي درسه وكتب معقدة للبعض ومملة للبعض وأفضل ما يحصلون عليه المباراة التي قد ينظمونها بأنفسهم في الباحة “الحوش” إذا كان ما يزال يتسع لنشاط كهذا أما الطالبات فهن يجدن في المدرسة وقتا ممتازا للهروب من أعمال المنزل الملقاة على عاتقهن وفرصة للتعارف مع فتيات أكثر وقضاء الوقت في الثرثرة.
المدرسة كوطن صغير غير مهتم بالتعرف على مواطنيه.. وخارج المدرسة يمتد شارع طويل يعلم التلاميذ الذين ينهون يوما دراسيا مملاٍ ومرهقاٍ دروسا أخرى في الوطنية “في التجاهل والتحقير في الشتم و الإهانة وفي كيفية إقصاء الآخر” لا أهمية لك هنا
الصورة أصبحت قاتمة كثيراٍ الآن ولكنها هي كذلك في الأساس المدرس التربوي الذي في غالب الأحيان صار يؤدي وظيفة أحيانا لم يعد يهتم.. لكن هناك أشياء جميلة تحدث في المدارس هناك الطابور الصباحي و الإذاعة المدرسية هذه الإذاعة تعوض النقص الشديد في توفير حصص التربية الفنية والبدنية في إذاعتهم خاصة يعدون موادهم يقرأون نشرة الأخبار والأناشيد والقصص ولكن أيضا هم لا يخرجون عن الرتابة يكررون ذات الحكم والأمثال والقصائد وحكمة اليوم هي نفسها حكمة الأمس.
الروتين درس غليظ تعلمه أولادنا في سن مبكر إنهم لا يعرفون كيف يبتكرون وليس هناك موجه يعتمد عليه في كل المدارس والحصة الدينية والجرعة الوطنية المبالغ فيها هي مادة متوفرة في الإذاعة المدرسية.. وهي ذاتها الجرعة التي تعطى في الاذعات الحكومية وتذاع ذات الأغاني الوطنية لا يؤلف الأطفال هنا قصيدة تخصهم و تعبر عنهم حتى لو لم تكن مترفة الإبداع لم يعد لدى المواطنين الصغار حس إبداعي وفني وخيالهم ليس خصبا ولم يعد الكثير منهم لديهم طموح او تفكير خارج السور.. حتى أن كثيراٍ منهم لا يعرفون لماذا هم هنا بالأساس¿ ويجدون ان وقتهم في المدرسة تضييع لوقتهم و ليسوا مقتنعين تماما بما يسمعونه عن أهمية التعليم و ينسون بسرعة ما يدرسونه.
الصورة هكذا زادت قتامه لكن هناك أيضا أشياء جميلة هناك صفوف يوجد بها مدرسون يقدمون المادة العلمية بشيء من الابتــــكار وينفسون عن طلابهم بروح النكتة ويفتحون نقاشـــــات متعددة توســـــع مداركهم و يقضون معهم وقتا جيداٍ خارج الصـــــف يكملون حــــواراٍ ونقاشـــــات عامة ليتعرفوا على بعضهم أكثر وعلى أنفسهم.
من أين نبدأ¿ دائما نقول ان علينا ان نبدأ من المدرسة نراقبها ونستوعب ما فيها ونناقش كل ما يحدث هناك ونتعرف عليه عن قرب.
اليمن وطن يمتد متجاوزا لغة الحوار التي تحولت جمراٍ وفي داخل أسوار مدارسه يمن صامت وخامل ومحبط ومقيد داخل نفسه.