يكتبها/ بدر بن عقيل
ديننا الإسلامي الحنيف يحرم علينا أكل لحم الخنزير طبقاٍ لما جاء في الآيتين الكريمتين »حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير« سورة المائدة آية ٣ »إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير« سورة النحل آية ٥١١.
ويترتب على ذلك تحريم الاستفادة من أي جزء من الخنزير كالجلد والدهن.
وفي الشريعة اليهودية يحرم – أيضاٍ – أكل لحم الخنزير وينطلق ذلك من أسباب تاريخية حيث يذكر سفر المكابيين والتلمود أن بعض الحكام السلجوقيين والرومان أجبر اليهود على أكل لحم الخنزير وذبح الخنازير في هيكل سليمان مما آثار غضب قادة اليهود في ذلك الحين ودفعهم إلى تشديد التحريم كذلك فرض على اليهود الذين اضطروا لاعتناق المسيحية في أوروبا خاصة في القرن الـ ٦١ أكل لحم الخنزير برهاناٍ على تبني المسيحية.
في اسرائيل اليوم تثير مسألة تربية الخنازير وبيع لحومها خلافاٍ عميقاٍ بين المتحفظين الذين يدعون إلى فرض قيود على تربية الخنازير والليبراليين الذين يعارضون قيوداٍ من هذا النوع وتجدر الإشارة إلى أنه وجد في اسرائيل حتى أبريل ٩٠٠٢م قرابة ٠٠٠.٠٧١ رأس خنزير!
أما في الديانة المسيحية فهي لا تحرم أي نوع من المأكولات أو المشروبات ففي الانجيل يقول يسوع رسول المسيحية: »إن ليس كل ما يدخل جوف الإنسان هو نجس بل الذي ما يخرج منه« ولكن في أغسطس من عام ٧٠٠٢م نصح البابا شنودة بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية اتباع كنيسته بعدم تناول لحم الخنزير قائلاٍ »انه رغم عدم تحريم أكل هذا النوع من اللحم فإن تناوله يتسبب في إصابة الإنسان بالعديد من الأمراض كونه يحتاج إلى طهي جيد ولأنه من الحيوانات التي تتناول القاذورات والمخلفات غير النظيفة«.
وإذا كان الخنزير يعتبر من الحيوانات الأليفة في العالم الغربي وهو شخصية محببة للأطفال في أفلام الكرتون لذا يظهر كتلميذ في المدرسة وأنه صديق للجميع ومسالم ولذلك يتم استخدام تماثيل الخنازير المصنوعة من الصيني أو الفخار الوردية اللون كحصالة لحفظ العملات علماٍ بأن هناك مواجهة حربية كانت قد وقعت بين أميركا وبريطانيا بسبب نزاع حدودي في منطقة أرخبيل سان جوان سميت بـ»حرب الخنزير« لأنها بدأت بإطلاق النار على خنزير مسالم!!.
وفي الثقافة العربية والإسلامية نجد الخنزير مضرب مثل في القبح والنجاسة يقول بشار بن برد:
فإن قلت إني ماجد وابن ماجد
فقد قال خنزير السواد أنا الأسد
فإن نفع الخنزير ما قال كاذباٍ
ولا سرني ضغن الضغائن والحسد
لكن الخنازير استطاعت أن تجعل من عام ٩٠٠٢م عاماٍ عالمياٍ لها »عام انفلونزا الخنازير« ورغم أن عدوى وظاهرة هذا المرض ظهرت في بعض بلدان العالم في أعوام مختلفة ففي عام ٨١٩١م عرف بفيروس الانفلونزا الاسبانية وتسبب بمقتل ما يقارب ٠٥ مليون شخص ورجح أن يكون المصدر الرئيسي للفيروس هو ولاية كنساس في الولايات المتحدة.
وفي عام ٦٧٩١م أصيب ٤١ جندياٍ في قاعدة عسكرية بالولايات المتحدة بعدوى انفلونزا الخنازير وأدت إلى موت أحد الجنود وأمر آنذاك الرئيس الأميركي جيرالد فورد بتحصين جميع سكان الولايات المتحدة ضد الفيروس ولكن تأخر تطبيق برنامج التحصين وحصل ٤٢٪ فقط من السكان على التطعيم المناسب.
وفي عام ٨٨٩١م أدت عدوى انفلونزا الخنازير إلى وفاة امرأة في ولاية ويسكونس الأميركية أما في عام ٩٠٠٢م فظهر انفلونزا الخنازير بفصيلة فيروس جديد »H1N1 « وانتشرت عدواه بين البشر في فبراير الماضي في المكسيك وكان لها ولكندا والولايات المتحدة العدد الأكبر من الحالات ثم انتشر على مستوى العالم وبلغ عدد الوفيات حسب احصاءات منظمة الصحة في يوم ٤ ديسمبر الجاري ٩٠٠٢م »٨٦٧٨« حالة وفاة!!.
فيما نقرأ ونسمع كل يوم عن حالات جديدة بالإصابة أو الوفاة.
والخلاصة:
إذا كان خنزير واحد قد أشعل ذات يوم حرباٍ بين أميركا وبريطانيا وخلد اسمه بتلك الحرب فإن كل الخنازير تجمعت تشعل في عام ٩٠٠٢م حرباٍ عالمية بمرض الانفلونزا الخاص بها وفرضت علينا ارتداء كمامات على أنوفنا مثل كمامات الوقاية من الأسلحة الكيماوية والنووية بل وخصصت مواقع وملفات خاصة بها على الشبكة العنكبوتية – الانترنت – واحتلت الصدارة في نشرات الأخبار وعناوين الصحف..
لقد أشعلت الخنازير حرباٍٍ كونية وأجبرتنا على عمل أشياء كثيرة تجنباٍ لانتقال العدوى بين البشر.. أجبرتنا أن لا نقبل أهلاٍ وأصدقاء وأحباباٍ حتى ولو طالت فترة غيابهم!!
أجبرتنا أن نغسل الأيدي بالماء والصابون عدة مرات في اليوم فلم ترحمنا فاتورة استهلاك المياه..
أجبرتنا على استخدام كمامات على الأنف والفم لمنع انتشار الفيروس فحرمتنا من استنشاق الهواء النقي ورائحة الأشياء.
أجبرتنا على تجنب لمس العين أو الأنف إلا بعد التأكد من نظافة أيدينا وذلك منعاٍ لانتشار الجراثيم..
وبذلك لم نزل منهما ما يضرهما..!
ثم الأنفع أن انفلونزا الخنازير منعت الكثير من المسلمين هذا العام من أداء شعائر الحج..!!..