تختلف الرحلات وتتفاوت درجات انجذاب المسافر حسب طبيعة تفاصيلها والرحلة ضمت قافلة دعم شعبي متجه نحو صعدة أو حرف سفيان بالنسبة للصحفي هي تجربة من نوع خاص تستحق تدوين مشاهدها والتقاط تفاصيلها من الواقع مباشرة دون أي حواجز.
بالنسبة للقافلة التي تسنى لي الاسبوع الماضي مرافقتها فأهم ما يمكن الحديث عنه باختصار هو ان التحضير لها انطلق من خطبة الجمعة التي استطاع من خلالها الخطيب – هذه المرة – ايضاح الحقائق وإبراز ما استغفله »للأسف« من ظلوا يفرضون انفسهم على المنابر وعلى هذه المهنة الجليلة.. فكان البيان والحكمة والموعظة الحسنة المعززة للوعي والانطلاق بتلك القافلة التي تجاوز حجم الإعداد لها كل التوقعات من وجهة نظري لكن ذلك لم يكن بمستغرب أمام تلك السماحة وذلك الإصرار الذي تحول إلى عزيمة ألهب جذوتها الوازع الديني والوطني في نفوس الجميع وإلى حرف سفيان انطلقنا.
بالطبع لا يهمني هنا الوقوف أمام ما احتوته القافلة أو بالأصح القوافل التي انطلقت ذلك اليوم في نفس الاتجاه لكن قراءة وجوه اعضاء القوافل كانت بالنسبة لي الزاوية الأهم فالجميع متحمس ويتمتع بأقصى اللياقة لتحمل حرارة الشمس اللاسعة وطول البال على مواجهة الاعطال الفنية لأي شاحنة والانتظار والتروي ثم الانطلاق وهكذا الطيبة والتكاتف مفردات جسدت نبل الهدف والمقصد والإصرار والتآزر غيض من فيض والغاية واضحة ولا مجال للتردد..
تناغم يرسم لوحة مشرقة غاية في النقاء تجسد عمق التلاحم الوطني وفعل إنساني عنوانه استشعار الواجب والتفاعل الخلاق لوأد الفتنة واستئصال عناصر الإرهاب والتمرد.. وتطهير صعدة السلام من دنس المارقين والقتلة وقطاع الطرق.
تمضي القافلة وفي الطريق إلى حرف سفيان القادم مبتسم والعائد كذلك والمواطن الذي يصادفك على جانب الطريق يدعو لك بالتوفيق ولأبطال القوات المسلحة والأمن المرابطين في مواقع الشرف والبطولة بالنصر على البغاة واعداء الوطن والانسانية في صعدة أما ذلك الجندي الذي يقابلك في النقاط الأمنية فتقرأ من إشراقة وجهه الأسمر وفي هامة وقوفه في أشد أوقات الشمس الحارقة قصة الوفاء والتضحية والتحدي ومعنى الاستبسال بكل أبعاده الأخلاقية والوطنية.
مشهد يستحق الوقوف والتأمل هي تلك اللحظات التي شهدتها ساحة اللواء 29 مشاة مكانيك عمالقة التي حطت القافلة فيها رحالها فكان اللقاء فكانت حميمية العناق مع أولئك الأماجد من منتسبي هذا اللواء البطل.. يقف المقدم عبدالرحمن الربيعي نائب قائد اللواء للشؤون السياسية مرحباٍ بكل القادمين وملامح الارتياح النفسي لمثل هذه المبادرات الاخوية تسطرها كلماته فيما يقف العقيد عبدالله محمود الجائفي المتحدث باسم اللواء محيياٍ باسم قيادة هذا اللواء الصامد الجميع بهذه القوافل التي وصفها بقوله »انها تنسج شرايين النصر وتؤكد روح المصداقية من قبل ابناء الوطن وتشعر الجندي في أرض المعركة بأنه ليس وحيداٍ في صفوف القوات المسلحة والأمن البواسل بل يشاركه ويدعمه في ذلك الملايين من ابناء الوطن في هذه المعركة الوطنية الكبرى.. مجدداٍ العهد باسم جميع ضباط وجنود هذا اللواء الأشاوس لله والوطن أنهم سيكونون أوفياء وأمناء على الوطن وأن يدافعوا باستبسال حتى آخر قطرة من دمائهم.. مؤكداٍ أن النصر قادم بإذن الله على هذه الشرذمة الإرهابية.. فيما جاءت كلمات المتحدثين والوافدين إلى ساحة هذا اللواء من أصحاب القوافل تحمل ذات الدلالات الوطنية في تحمل المسؤولية إلى جانب إخوانهم من ابناء القوات المسلحة والأمن في الدفاع عن الوطن وسحق واستئصال التمرد.. واستعدادهم لبذل الغالي والرخيص والتضحية في سبيل الانتصار لأمن الوطن واستقراره..
اختتم هذا المشهد ببعض أبيات قصيدة شعبية جادت بها قريحة احد المرافقين للقافلة يدعى »أبو فؤاد« هزت وجدان الجميع ويقول فيها:
والله ما جينا لنتصور ونستعرض أمام القافلة
لأجل الظهور عبر الوسائل والصحف تتناقله
جينا لأجل الموت والموت من أجل الوطن ما أجمله
جنب الجيوش بالقن المرتد اقسى درس لازم يفهمه
لبيك يا داعي الوطن ذا عهد منا سجله
لقائد الأمة بأنا جند له ما نخذله
تتواصل قوافل النصر وتتشابك الأيادي ويتوحد الموقف الوطني ضد عناصر الفتنة والإرهاب الذين تجاوزوا في تماديهم وأعمالهم الإجرامية كل القيم الإنسانية.. وصارت نهايتهم قريبة إن شاء الله..
قطوف من مشاهد التلاحم الوطني
التصنيفات: الصفحة الأخيرة