عبدالجبار سعد
في وطني أقوام تستحيي منهم الملائكة يلتحفون الثرى و يسترون عوراتهم بالخرق الباليةيالهم من أقوام يزاحمون الناس بأكتافهم وقلوبهم معلقة بعرش الرحمن.
وفي وطني أقوام تتعلم منهم المروءة أبجديتها.. وتترقرق من أفواههم أنوار الحكمة ومباهج الأنس والورع والتقوى.
وجوههم السمراء لا تخفي بريق نور أرواحهم التي تشع بها تلك الأجساد الفقيرة النحيلة الواهية.
****
في وطني أقوام يتعززون بالله الواحد الأحد وحده ويستنصرون بإيمانهم به و بقهره وقوته ويلوذون من فقرهم بغناه وقيوميته تنهش أجسادهم أنياب الحاجةمثلماتنهشهم ذئاب البشر المتوحشة ويصبرون.
ويتصيدهم الهواة من أهل الطغيان وعبدة الطواغيت تماما كماكان الرجال البيض يتصيدون سكان أمريكا الأصليين “الهنود الحمر” ويتبارون بعدد ما قتل كل واحد منهم في رحلات القنص الدموية هذه ليس لمجرد التسلية فحسب ولكن في طريق الإبادة لهذا النوع الغريب من البشر.
****
وفي وطني جمع من السفلة الذين احترفوا الشهوات واحترقوابها حتى صارت وجوههم مسودة قبل يوم الحساب رغم بياض بشرتهم..
وفي وطني جمع من السفلة أثوابهم الحرير وعمائمهم موشاة بخيوط الذهب والفضة تعرف في وجوههم نضرة نعيم زائل و آثار انتفاخ النعمة وتلمس تحت جلودهم معالم رجس الخطيئة.
أكلوا الحرام فاستلذوه وشربوا الحرام فأدمنوه فأصبحوا كلابا مسعورة لايغفل إنسان عن حقه الا وانقضوا على هذا الحق مغتصبين نهابين.. ولا يدب الضعف في قوى رجل مؤمن إلا واغتالوه عامدين.. ولهم علماء يفتون بحسن صنيعهم فيما يستحلون من حرمات الناس وقضاة يحكمون لهم وحكام يسخرون لهم قادة العسكر ورجال الأمن لحمايتهم ممن يدافع عن نفسه وعرضه وماله منهم ولهم محامون يعبثون بالشرائع والقوانين كما يعبث الصبية والانعام بالطين والصلصال وما شاكلها من الفضلات.
****
في وطني حكماء صامتون وسفهاء ناطقون ومابينهما ضعيف تبح كلماته وتعجز قبل أن تصل مبتغاها وصامت يموت حسرة من طول انتظار كلمة حق تواسيه عما فقد وعانى..
في وطني أخيار كثار مشتتون وأشرار يتآلفون على الشر كما تتآلف الحروف لتشكل أسفار الخطيئة وشهادات الزور وأحكام الجور فهم عبدة الدرهم والدنيا وهم عباد العجل الذهبي ودولتهم أقوى بالباطل والحق ضعيف في مواجهة طغيان المال سيد خلائق هذاالرجس.
****
في وطني بقاع اتخذها الأطهار مواطن لهم فكانت محياهم ومماتهم وفيها أنفاس الرحمن تروح وتغدو عليهم وفيها روابي الحكمة والإيمان
فيها منابت العز و العزة وثمرات الكرم والكرامة.. في وطني أولياء لله إن أرادوا أراد الله.. بهم تسقى الربوع وبهم تحيا الأرواح هم الذاكرون الله كثيراوالذاكرات وبهم تفرج الكروب وترفع النوازل عن عباد الله لا يزالون شفعاء مشفعين لدى الحق لهم عنده دولة في الدنيا وفي الأخرى كدولة من نراهم من أصحاب الدولة.. مجهولون في أهل الأرض معروفون في الملأ الأعلى.. تصلي عليهم الملائكة وتتنزل عليهم بالبشارة والرحمات..
****
وفي وطني لبوس الشياطين وقرونها من البشر لا يقر لهم قرار حتى يروا الدم مسفوحا والجثث ممزقة والأضواء والبهارج مثل الأشلاء في كل زاوية تملأ و تنير مخادع الشهوات الحرام في ديارهم وقصورهم يرون أنفسهم قادة وزعماء وسادة وهم سادة العهر وقادة الرذائل وزعماء الجهالة ويرون مادونهم من العباد عبيدا وهم عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما..
****
في وطني أبرار وفجار وفي وطني شوك وأزهار وفي وطني آمال تستقي من كوثر الرحمة الربانية فتتبرعم لتثمر رضا ويقينا بأن الحق دولته لا تزول وأن الباطل سائر نحو الأفول.
وطني ياهذا الوطن الحبيب يامن تنفي الرجس عنك والأرجاس وتتبرأ منهم كما يتبرأون من طهرك وتنفيهم كما تنفي النار خبث الحديد.
أنا منك وفيك يايمني عبدَ لله وحده أصبر وأجاهد و استنصربه على كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب.. ولي في ربوعك من الإخوة الكثير يا أيها الأغر..
وطني يا هذا الحبيب الأغر
التصنيفات: الصفحة الأخيرة