ومن بينها ما ترجم عن لغات شعوب غير عربية تثبت حقيقة جلية تتمثل بسعة وعي ومعارف وعلم الأجداد الأدباء والفلاسفة.
وعندما يطلع المرء على بعض تلك الكتب (المؤلفات) يجد نفسه تلميذاٍ بليداٍ أمام كلماتها وعباراتها وأساليبها التي كانت غاية في الجمال وعميقة المعنى والهدف.
لا أعلم اليوم كم عدد أو ما نسبة من قرأ مثلاٍ من طلابنا الجامعيين أو من ذوي التخصصات الادبية – العلمية – المهنية – في مراحل أخرى الكتب الخاصة بـ(عبدالله بن المقفع) أو (ابن زيدون) أو (المتنبي) أو (ابن عبدربه) وغيرهم الكثير من عمالقة الزمن القديم وكم منهم قرأ لـ(الزيات) و(جبران) و(طه حسين) و(العقاد) و(الجرادة) و(نشوان) و(البردوني)!!
الحقيقة أن في متون كتب الأجداد ما هو جدير بالافتتان به ومطالعته واستيعابه بعيداٍ عن السياسة.. ها نحن نقدم مقتطفات من (الأدب الصغير والأدب الكبير) لـ(عبدالله بن المقفع) تصلح لكل زمان وما أحوج قارئها للغوص في أعماق معانيها والأخذ بها وسيلاحظ القارئ كم كان (ابن المقفع) عليماٍ بطبائع الناس وتطلعاتهم ومشاعرهم في إطار ليس مجتمعه فقط ولكن مجتمعات أخرى توالدت وأتت بعده حتى يومنا هذا.
(1)
إذا سمعت من صاحبك كلاماٍ أو رأياٍ يعجبك فلا تنتحله تزيناٍ به عند الناس واكشف من التزين ما تجتني الصواب إذا سمعته وتنسبه لصاحبه.
واعلم أن انتحالك ذلك مسخطة لصاحبك وأن فيه مع ذلك عاراٍ وسخفاٍ فإن بلغ بك ذلك أن تشير برأي الرجل وتتكلم بكلامه وهو يسمع جمعت مع الظلم قلة الحياء وهذا من سوء الأدب الفاشي في الناس.
(2)
إن رأيت صاحبك مع عدوك فلا يغضبنك ذلك إنما هو أحد رجلين:
إن كان رجلاٍ من أهل الثقة فإن أنفع مواطنه لك أقربها من عدوك لشر يكفه عنك أو لعورة سترها منك أو غايته يطلع عليها لك فأما صديقك فما أغناك أن يحضره ذو ثقتك.
وإن كان رجلاٍ من غير خاصة إخوانك فبأي حق تقطعه عن الناس وتكلفه ألا يصاحب ولا يجالس إلا من تهوى¿!
(3)
احذر المراء واعرفه ولا يمنعنك حذر المرء من حسن المناظرة والمجادلة.
(4)
إذا تراكمت عليك الأعمال فلا تلتمس الروح – الراحة – في مرافضتها بالروغان – المداورة – منها فإن لا راحة لك إلا في إصدارها وإن الصبر عليها هو الذي يخففها عنك وإن الضجر منها هو يراكمها عليك.
>>>
إلى الاستاذ/عباس الديلمي
برنامجكم الإذاعي (على ضفاف النغم) بحاجة ماسة إلى مستشار يغذيك بمعاني الكلمات الشعبية الدارجة فلا يجوز أن تكون أنت المعد والمقدم والشارح والمجتهد.. إلخ ومن خلال عدة حلقات استمعت إليها وجدت في شرحك لبعض الأبيات الشعرية أخطاء كثيرة ليس لعدم قدرتك على شرحها ولكن لأنك تجهل المعنى الشعبي الدارج لبعض كلمات الأغاني وخاصة الأغاني الحضرمية واللحجية والعدنية هذا أولاٍ أما ثانياٍ: فقد سمعتك تقول: (خلوا جمالكمو يرعين في كبدي) واستغربت أنك لا تفرق بين الجمل والناقة بالتذكير والتأنيث.
ثالثاٍ: لماذا تصر على قول (قصيطة) بدلاٍ من (قصيدة) نحن نعرف ما تريد قوله أما المستمع العربي المتابع لبرنامجك فأنت تدري أنه لن يفهم ماذا تعني بذلك!..