مازال خطابنا الإعلامي عبر الصحف الحكومية والأهلية والحزبية على حد سواء خطابا مشخصنا أي أنه يتوجه بالنقد اللاذع للأشخاص مركزا على انتماءاتهم أو الأسرية أوالمناطقية والحزبية أكثر من تركيزه على أفعالهم والسياسات والممارسات التي يتخذونها وخاصة إذا كانوا في مراكز اتخاذ القرار.
وغالبا ما ينحرف الخطاب الإعلامي عن مساره الصحيح في النقد الموضوعي البناء الذي يتعرض للسلبيات والايجابيات على حد سواء . ويتحول إلى خطاب ناري يأكل الأخضر واليابس ولا يراعي أخلاقيات المهنة.
ويتجلى ذلك في كثير من الموضوعات التي تلقي التهم جزافا وتكيل الشتائم على شخصيات معينة ولا تركز في محاكمتها لتلك الشخصيات على صفحات الجرائد على السياسات والممارسات السلبية لتلك الشخصيات من حيث مخالفتها للأنظمة والقوانين واللوائح ولكنها تولي اهتماما كبيرا لأصول تلك الشخصيات وتنقب في تاريخها وتقوم بعملية تحليل نفسي لتلك للشخصية من منظورها الخاص دون أن تكون مستوعبة لأصول التحليل النفسي.
ولست أدري إلى متى ستظل صحفنا مجالا خصبا لتصفية الحسابات الشخصية في الأساس وتبعد عن مناقشة القضايا المجتمعية دون شخصنتها. فحين تقوم بعض الصحف بشن حملة صحفية ضد شخصية ما.
فكم من موضوعات تنشر تباعا على صفحات الجرائد اليومية والأسبوعية تفوح منها روائح كريهة فيها قذف وسب واضح لشخصيات في مواقع اتخاذ القرار ولا نوليها اهتماما رغم خطورتها على المدى القريب والبعيد.
كأن تتهم بعض الصحف شخصا ما بالعمالة أو الخيانة العظمى أو بأنها أي الشخصية موضوع الحملة ضد النظام الجمهوري و الوحدة الوطنية دون أن يكون لديها دليل مقنع ودامغ في هذا الشأن.
ولست هنا بصدد الدفاع عن شخصية ما بقدر ما أثير هذه الإشكالية المهنية التي تعاني منها صحافتنا حيث لا تلتزم بآداب وأخلاقيات المهنة.
فلو أجرينا دراسات علمية للمضامين الصحفية وذلك لنتعرف على مدى التزامها بأداب مهنة الصحافة وأخلاقيتـها سواء ما أكدت علـيه الدساتير والتشريعات والقـوانين الدولـية أو العربيـة أو المحـلية سيتضح لنا بما لا يدع مجالا للشـك أن صحافتنا تشخصن الخطابات الإعلامية بدرجة كبيرة. ولذلك ينبغي أن تركز بحوثنا الإعلامية على هذا الجانب أي المتعلق بكيفية الكتابة الصحفية الملتزمة بالقيم والتشريعات والقوانين السائدة لأن المخالفات الفاضحة للتـشريعات ولقـانون الصحافة ستؤثر سلبا على سـمعة الصــحافة وقدســيتهاـ وهيبــتها كســلطة رقابية.
samiaagbary@hotmail.com