محمد عبدالرحمن المجاهد
كثيرة هي القضايا والأحداث التي قد يرى البعض من الكتاب أن لها الأسبقية والأفضلية لتناولها والحديث عنها وقد يرى آخرون عكس ذلك إلا أني وفي هذه المرحلة بالذات أعارضهم جميعا وأرى أن ما يحدث في صعدة وفي غيرها من المناطق اليمنية من فتنة وخروج ليس على السلطة فحسب وإنما هو أيضا خروج عن وعلى كل الثوابت الوطنية ليمن الثورة يمن الوحدة والديمقراطية والحرية ومحاولة شرسة لتضليل السذج من عامة الناس بمشاريع أشد خطورة على البلاد والعباد وعلى كل مكتسباتنا الوطنية في التنمية والوحدة والديمقراطية والتعددية وحرية الرأي والتعبير تكون هذه المرحلة أهم وأولى بالتركيز عليها والكتابة عنها ..
فأولئك المجرمون والمخربون والظلاميون دعاة الإمامة والانفصاليون الخارجون على الشرعية التي ارتضاها الشعب اليمني يومي 26سبتمبر عام 1962م و 22عام 1990م يريدون وبإصرار قوي إعادتنا إلى عهود الإمامة المتخلفة عهود القرون الوسطى بل و يريدون أخطر من ذلك أن نعود عبيدا وسخرية لهم بعد أن تحررنا يوم 26 سبتمبر المجيد وبعد أن انعتقنا من كل عوامل الجهل والتخلف والخوف والاستبداد وليس هذا فحسب بل يريدون أيضا إعادة السلاطين والمشيخات لعديد من المناطق اليمنية التي كانت قبل ثورة 14أكتوبر الخالدة وربما لو استطاعوا إعادة الاستعمار لما توانوا أو قصروا أبدا لأنهم مشدودون جدا إلى الماضي فهم لا و لم ولن يستطيعوا التعايش مع الحاضر ولا العهد الثوري الوحدوي لتعارض ذلك مع مصالحهم وأطماعهم وطموحاتهم بأن يعودوا أسيادا يمارسون هواياتهم السادية في قتل الناس وجلدهم واستعبادهم ..
فهم يرون أنهم ظل الله في أرضه وأنهم من طينة مقدسة غير الطينة التي خلق منها كل البشر فهم كما أظن – وبعض الظن أحيانا ليس إثما – يتشبهون بإبليس اللعين عندما رفض السجود لآدم عليه السلام امتثالا وطاعة لأمر الله سبحانه وتعالى متعللا بأنه خلق من نار وآدم من تراب فهو يرى قبحه الله أنه أرفع مقاما من آدم عليه السلام مع أنه رأى كل الملائكة تسجد لآدم طاعة لله تعالى ولم تقل أنها خلقت من نور والنور أعلى مقاما من النار ..
وهكذا أولئك الضالون المتعالون والمتكبرون حفدة الأئمة الطغاة لا يرون الآخرين من عباد الله إلا عبيدا خلقوا لطاعتهم و لخدمتهم وتقديم الولاء والخنوع لهم أي أنهم لا يختلفون في مسلكهم ودعواهم عن اليهود الذين يزعمون أنهم أبناء الله وشعبه المختار وأن أمم الأرض جميعا ما خلقت ووجدت إلا لخدمتهم وطاعتهم وأنه مباح لليهود اضطهادهم وسرقة أموالهم واستباحة نسائهم وإبادتهم إذا لزم الأمر .. والمؤسف أن الأغلب من الأجيال الجديدة التي لم تعايش عهود الإمامة ولم يعانوا ما عاناه آباؤهم فيها ومنها هم عرضة للتضليل عليهم والتشويش على عقولهم نتيجة لقصور كبير وضعف في التوعية والشرح والتوضيح المتواصل لهم عن مساوئ وجرائم و فظائع العهد الإمامي البغيض حصل ذلك من جانب النظام الجديد نظام الثورة والوحدة ومن قبل غالبية المثقفين ورجال الأدب والفكر وحملة العلم والعلماء ورجال التربية والتعليم وجميع الجهات والمؤسسات الرسمية والشعبية التي ورغم مضي أكثر من سبعة وأربعين عاما من عمر الثورة السبتمبرية الأكتوبرية إلا أنها لم تقم بكامل دورها وواجبها في التوعية الكاملة والتعريف الدائم والمستمر بمظالم ومآسي عهود الإمامة والسلاطين وما مورس فيها وخلالها من ظلم وجبروت وتجهيل لعامة الشعب وما بذله شعبنا من تضحيات وشهداء ودماء ليتخلص من تلك العهود ..
فما وصلنا إليه وما يحدث الآن من محاولات وتضليل لعقول العامة من الناس وخداعهم وتغييب وعيهم عما ارتكب في عهود الإمامة والسلاطين والاستعمار من جرائم ومجازر وآثام بحق كل المواطنين في شمال الوطن وجنوبه يتطلب حملة توعوية إعلامية مركزة ومستمرة و ليست موسمية أو مناسباتية تتكاتف فيها ومن أجلها جميع الوسائل والإمكانيات المسموعة والمقروءة والمرئية وجميع الوسائل والمرافق الثقافية باستكتاب الذين عاشوا وعايشوا تلك العهود الرديئة المظلمة وإجراء اللقاءات الصحفية معهم وعمل المقارنات الصحيحة بين عهود الإمامة والسلاطين وبين عهد الثورة والوحدة المشرق وما تحقق من إنجازات تنموية وسياسية وكيف كانت حياة الإنسان اليمني في تلك العهود الظلامية وكيف هي الآن في عهد الثورة ..
كما أن البرامج والتمثيليات والأفلام الوثائقية والروائية والمسلسلات عبر الإذاعات والقنوات الفضائية سيكون لها بلا شك الأثر الكبير والفعال في وعي الناس ومعلوماتهم ليروا ما هم فيه من نعمة وما كان يعيش فيه آباؤهم من بلاء ونقمة فهذا دور وعمل يستلزم الاهتمام به والإسراع في تنفيذه من كل الوزارات المختصة الثقافة والإعلام والتربية والتعليم والتعليم العالي وكل المؤسسات الإعلامية والثقافية ..
فالمؤامرة على أشدها داخليا وخارجيا والأخطر فيها هو عملية التضليل وبث الإشاعات الكاذبة والخداع التي يمارسها ويقوم بها دعاة الإمامة والانفصال وطرح الأفكار الفاسدة والمضللة في صفوف العامة الذين لا يعرفون ولا يدركون خطورة ما يسمعونه وما يتناقلونه في ما بينهم خصوصا وأن أعداء الوطن ومن والاهم أو يواليهم يضربون غالبا على أوتار حساسة وقضايا يلمسها المواطن كمثل ظاهرة انتشار الفساد وطغيانه وحصول بعض الاختلالات والقصور في الجوانب التنموية والخدمية كالكهرباء مثلا فيضخمونها معللين أن ذلك لم يكن حاصلا في عهد الإمامة عهد العدل وحزم الدولة وهيبتها كما يحاولون إسباغ ذلك على عهودهم قبل الثورة المباركة ولأن الغالبية من الناس لم تعايش تلك العهود الإمامية الظلامية فإنهم أحيانا بل غالبا يصدقون ما يقال لهم غير مدركين أو واعين أن عهد الإمامة لم يكن فيه إلا كما قال أبو الأحرار الشهيد محمد محمود الزبيري:
جهل وأمراض وظلم فادحَ
ومخافة ومجاعة وإمام
فالمقارنة مستحيلة جدا وغير منصفة بتاتا ويجب أن يوعى الناس بذلك فلا يتركون لجهلهم فنعرفهم بما كان يعاني منه آباؤهم في عهود ما قبل الثورة وما تكبدوه في ذلك الزمان من جهل ومرض وعزلة وانغلاق وتمزق بين نظامين إمامي مستبد في شمال البلاد وسلاطين واستعمار في الجنوب التوعية والتثقيف والتعرية والتعريف بمظالم وسوء العهود الإمامية الاستعمارية السلاطينية سلاح مهم جدا ولا يقل أهمية عن أهمية الجيوش وأسلحتها النارية والواجب يحتم أن تهتم الدولة بكل مؤسساتها بهذا الجانب وتعطيه الأقدمية أسوة بما تعطيه للجانب العسكري فكلاهما يتكاملان في خوض المعارك ضد أعداء الوطن وكل منهما يكمل الآخر..
نأمل أن يحدث ذلك حتى يقطع دابر المشككين ودعاة الإمامة والانفصال وتخرس ألسنتهم بفضح سوء مقاصدهم وماضيهم البغيض وفي الأخير لنتساءل: أي عدل كان في عهد الإمامة¿ والإنسان فيه كان يعدم لمجرد عدم الاستلطاف¿ كما حدث للشهيد القاضي حمود السياغي رحمة الله تغشاه..
الأجيال الجديدة لا يجب تركها فريسة للتضليل
التصنيفات: منوعــات