ابن النيل
للثورة اليمنية – بشقيها السبتمبري والأكتوبري – خصوصيتها الوطنية الخالصة التي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار في حالة ما إذا كنا بصدد ربطها بظروفها هي وليس بظروف غيرها من الثورات الإنسانية المماثلة.
صحيح.. أن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م هي التي مهدت الطريق أمام ثورة الرابع عشر من أكتوبر التي أعقبتها في عام 1963م وبعد ما يزيد عن عام واحد بأيام قلائل.
لكن الصحيح أيضاٍ أنه لم يكن يتسنى لثورتنا السبتمبرية هذه أن تحقق كامل أهدافها دونما تتفجر الثورة الأكتوبرية – بالمقابل – كشرط لابد منه لاكتمال المشهد الثوري في بلاد اليمن ككل.
وهنا تكمن حيثيات واحدية الثورة اليمنية ببعديها الوطني والإنساني وقد جاءت في ظل ظروف بالغة الدقة والتعقيد في حينه حيث واقع التشطير القسري من جهة وحيث تسلط حكم الإمامة الكهنوتي البغيض في شمال وطننا اليمني وهيمنة المستعمر الأجنبي على مقدرات جنوبه آنذاك من جهة أخرى.
غير أن هذه الثورة المجيدة والخالدة قد شكلت في حد ذاتها ما يعد بمثابة الاستجابة المنطقية لطغيان روح المد القومي التحرري في محيطها العربي إبان خمسينات وستينات القرن الماضي تأكيداٍ لحقيقة أن قضايانا المصيرية العليا كلْ لا يتجزأ وأنه من غير الوارد على وجه الإطلاق.. أن يكون إنساننا العربي هنا أو هناك بمنأى عن جراح بني قومه أينما كانوا.
وإذا كانت الثورة اليمنية بشقها السبتمبري.. قد جاءت كأول رد فعل قومي على جريمة انفصال الإقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة عن إقليمها الجنوبي قبلها بأقل من عام فقد جاء استقلال الثلاثين من نوفمبر عام 1967م بعدها.. كأول رد فعل قومي على نكسة يونيو العسكرية العارضة التي سبقت إعلانه بأقل من ستة أشهر وهو ما يحسب بالضرورة للثورة اليمنية بشقها الأكتوبري كذلك.
لا أقلِ إذاٍ – ونحن نستقبل الذكرى السادسة والأربعين لثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م – من أن ندرك أهمية التاريخ لخصوصية هذه الثورة الإنسانية المعاصرة من حيث كونها ضرورة لاكتمال المشهد الثوري في بلاد اليمن من جهة ومن حيث كونها ضمانة لبلوغ إنساننا اليمني أنبل أحلامه وأمانيه من جهة أخرى مدركين في الوقت ذاته حقيقة أنها شكلت واحداٍ من أبرز عناوين ذلك الزمن العربي الجميل الذي بتنا نترحم على أيامه في راهن الوقت وكل عام ويمننا الحبيب بألف خير..
14 أكتوبر.. واكتمال المشهد الثوري
التصنيفات: منوعــات