استطلاع/ عاصم الساده
إب .. محافظة فريدة بما تملكه من سحر الجمال وروعة المنظر الطبيعي الخلاب وموقعها الجغرافي السياحي الفريد وهي أيضاٍ محافظة حافلة بماض تاريخي عظيم من حضارات عريقة ومواقع أثرية عتيقة يعود تاريخها إلى ماقبل الميلاد .. ليس كمثلها محافظة لاسيما في فصل الصيف الذي تعيشه هذه الأيام
ففي هذا الفصل من كل عام تزدان إب ألقاٍ واخضراراٍ بسبب هطول الأمطار الغزيرة التي يمن الله بها عليها فنرى فيها السهول والجبال والوديان والروابي قد اكتست بوشاح أخضر جذاب وذلك استعداداٍ لاستقبال زوارها المتيمين بجمالها والذين اعتادوا أن يروها هكذا.. وبرغم كل ذلك تظل محافظة إب أسيرة الأحزان لا تشعر بوجود الحركة والحيوية فيها خاصة عندما يأتي اليها الزوار ولا تدري أين المكان المناسب الذي يمكن أن تضعهم فيه كي يتمتعوا بروعة الجمال الطبيعي الذي تتميز به المحافظة.
فلا متنزهات تليق بها ولاشاليهات ولافنادق سياحية راقية تتوفر فيها كافة الخدمات ولامواقع سياحية قد استغلت لتصبح الاستثمارات السياحية العملاقة فيها جديرة بالذكر ..
هكذا هو حال إب تشكو آلام جراحها ولاتجد من يداويها وليس سوى من ينكيها ..!!
تصوروا أن عاصمة اليمن السياحية تفتقر لابسط المقومات السياحية فيها برغم الكنوز الطبيعية التي تمتلكها .. فماذا يعني ذلك..¿ !
وهنا نضرب الأمثال للناس لعلهم يتفكرون .. إذا كانت مدينة إب اليمنية في بلد آخر فكيف يمكن أن نتصورها وكيف سيكون حالها¿ !
اعتقد بل أجزم أن شهرتها وصيتها ستجوب كل انحاء العالم العربي بل والاجنبي على حد سواء حيث أنها ستصبح من أفضل المدن السياحية في العالم ..
وكما نعلم جميعاٍ أن هناك دولاٍ مثل لبنان على سبيل المثال لاتمتلك نفطاٍ ولاغازاٍ كمصادر رئيسية في الدخل القومي وانما تعتمد فقط على القطاع السياحي الذي يعتبر بالنسبة لها ركيزة أساسية في دعم اقتصاد البلد ومع ذلك لم نسمع يوماٍ أن البلد في خطر وأن الاقتصاد مهدد بالانهيار .. فهل لنا أن نحذو حذو هؤلاء ولو في القطاع السياحي فقط..¿
فلو نظر القائمون على إدارة شؤون هذا البلد إلى مدينة إب بمفردها لوجدوها تحظى بثروتين طبيعيتين سهلتي المنال هما الزراعة والسياحة واللتان تعتبران بحد ذاتهما «نفطا لاينضب» ولو أن هاتين الثروتين استغلتا كما ينبغي لأصبحنا في غنى عن باقي الثروات.. وبالتالي سنكتفي ذاتياٍ.. ولن نحتاج لأحد .. لكن الحال ليس كذلك ..
مآخذ إب
ثمة مآخذ عديدة تشوب مدينة إب منها ظاهرة حمل السلاح المستشرية بصورة فظيعة للغاية حيث نجد مختلف الفئات الاجتماعية بهذه المحافظة الكبير والصغير يحملانه ولهذا نلاحظ أن نسبة القتل العمد والخطأ الناتجة عن العبث بالسلاح تفوق الخيال إذ تعتبر إب أكبر محافظة في الجمهورية في نسبة الاسراف بالدماء ..
السلاح
فبرغم القرار الذي اصدرته وزارة الداخلية قبل عامين تقريباٍ بمنع حمل السلاح في الجمهورية بشكل عام إلا أن هذا القرار لم يفْعل البتة داخل المدينة لهذا ففي ظل وجود ظاهرة حمل السلاح في مثل هكذا محافظة سياحية لم ولن تلقى السياحة «عافية» ولا إقبالاٍ ورواجاٍ بسبب عدم توفر الأمن والاستقرار بصورة تامة كون المناخ الآمن من المتطلبات الاساسية للسياحة .. في هذه الحالة هل إب ليست ضمن القرار بمنع السلاح..¿
غيوم سوداء
اما المآخذ الأخرى في إب فهي الخراب والاهمال الذي يسودها فشوارعها متميزة بالحفر المتنوعة الأشكال والاحجام ووسائل النقل فيها جلها عوادم تعمل بـ«الديزل » لذا تجد سماء المحافظة طيلة الوقت ملبدة بالغيوم السوداء كما أن الدراجات النارية «المزعجة» تكاد أعدادها تفوق عدد سكان المدينة مرتين .. بالاضافة إلى انشار الأوبئة والامراض على مداخل المدينة بسبب العديد من العوامل والإجراءات الخاطئة وفي مقدمتها مقلب القمامة في منطقة السحول وميتم والتي تحولت إلى سرطان يقضي على الخضرة في الجبال والتباب (التلال) ويصيب أبناء القرى المجاروة لتلك الكسارات والأخطر من ذلك كله الانخفاض الخطير لمنسوب المياه الجوفية في الاحواض المائية بالمحافظة مع عدم الالتزام بالقرارات واللوائح والضوابط ومنها تحديد مناطق الحوض المائي وعدم البناء فيها والحد من حفر الآبار الخاصة بالمشائخ في السحول والمخادر .
ماخفي أعظم
أضف إلى ذلك الشباب والذين يعدون الركيزة الاساسية في الوطن والمجتمع وجيل المستقبل فقد انزلق كثيرون منهم في ممارسات غير سوية وراحوا يشكلون عصابات رعب داخل المدينة فهناك شلل التقطع والسطو والسرقة وهناك ايضاٍ شباب أصبحوا يميلون للانحراف وكذلك الادمان في تناول المخدرات بأنواعها «الدايزبام» والحشيش والقرامط والحبوب المنشطة وغير ذلك وماهذا إلا غيض من فيض وماخفي كان أعظم ..
فجوة
على كل حال .. إن اقامة مهرجانات سياحية في مدينة إب في كل عام وصرف مبالغ طائلة للتجهيزها لايكفي لسد الفجوة الكبيرة التي تكاد تقع فيها المحافظة حالياٍ .. فالفجوة تتسع رقعتها يوماٍ بعد يوم نتيجة للسياسات الخاطئة واللامسؤولة وكذا غياب الادراك بالواقع والتخطيط ومع ذلك لايوجد حتى الآن صدى ايجابي لتقليص تلك الفجوة .
فلو أنه تم تخصيص المبلغ الخيالي الذي تم صرفه لاقامة المهرجان السياحي في إب الاسبوع المنصرم لترقيع الحفر الكامنة في شوارع المدينة لكان ذلك أفضل بكثير ..