أنور نعمان راجح
الصيف أكثر من غيره يكشف حقيقة علاقتنا بالإزعاج والفوضى لدرجة يمكن القول معها أن هذا الحال قد أصبح ثقافة اعتاد عليها الجميع .. في الصيف تْمارس ثقافة الإزعاج والفوضى نهاراٍ وتحت الأضواء الكاشفة ليلاٍ وباستخدام مكبرات الصوت إلى وقت متأخر من الليل دون مراعاة لأحد وكأنه لايوجد في الحي إنسان من حقه أن ينعم بالهدوء في منزله ناهيك عن كبار السن والمرضى والأطفال.. هي الأعراس تتحول إلى مهرجانات للفوضى والصراخ على قارعة الشارع وهي عادة جرت في كثير من المدن اليمنية حصراٍ إذ لايمكن أن يحدث مثلها في مدن العالم التي لها قوانين تنظم كل شيء حتى أصوات السيارات يجب أن تصمت ليلاٍ بقوة القانون وصار الصمت والهدوء ليلاٍ في تلك المدن من المسلمات.. فلا جدال أو نقاش ولا مبايعة.. في مدننا فقط دون غيرها عليك أن تتصالح مع الإزعاج بأسوأ أشكاله وبأشد الاصوات نعيقاٍ. وعليك أن تنتظر حتى يفرغ القوم من ضجيجهم لتفكر بعدها أن تنام أو ينام مريضك ومش مهم كم يكون الوقت فالذين في الشارع لايفكرون بغيرهم والاستماع ليس اختيارياٍ في غياب القانون ومن الغريب حقاٍ أنه وحتى هذا العصر لا يوجد قانون يتصدى لهذا الوضع أو على الأقل ينظمه بحيث يحتفل المحتفلون دون إلحاق الأضرار بغيرهم.. هذا الموضوع ليس بجديد ولا الكتابة عنه كذلك فكل عام والحكاية تتكرر غير أن المعنيين بالأمر لايقرأون ولايهمهم الأمر وهم بالطبع يفعلون ذات الشيء في أعراس المقربين والأقارب .. أكبر مشكلة تحل على سكان الحي هي حدوث عرس وانتصاب خيمة في الشارع العام ولايهم كيف يدخل الناس إلى منازلهم وكيف يخرجون¿
وأكبر من هذا يحدث فالفوضى لاتقف عند حد معين وقبل أن ينتهي الحديث عن إزعاج مكبرات الصوت ليلاٍ والذي يستمر لثلاثة أيام بلياليها يكتشف الناس أن الشارع العام مغلق بسيارات تقف عرضاٍ لتقول إن الشارع مغلق للبرع دون تفكير بالبدائل.. وكيف هي البدائل الفرعية لهذا الشارع¿.. فيحدث الزحام وتختنق الأجواء وتشتد الأعصاب ويشتبك البعض سباٍ وضرباٍ بينما القوم يغلقون الشارع الرئيسي للبرع والرقص هكذا على مرأى ومسمع من الجميع ووقتها تسمع ما تسمع من تعليقات وأقوال ويجري ربط مايحدث بالسياسة وأشياء بالغة التعقيد كل ذلك لأن المشهد كان سيئاٍ والشارع العام جرى إغلاقه بتصريح من أصحاب العرس أو من غيرها لايهم بقدر مايهمنا لماذا يغلق الشارع »العام« من أجل البرع الخاص¿!
لايمكن لأحد أن يدافع عن هكذا مشهد ووضع لأن الخطأ كبير والفوضى على أشدها والجهات المعنية غائبة والناس قد اعتادوا على هذا وأصبح الحال ثقافة ومايحدث في هذا الجانب أصبح دليلاٍ قاطعاٍ على مايريد البعض أن يستدل به ليثبت أشياءٍ أخرى في نفسه ومع كل هذا قال أحدهم: ماذا أقول وقد أغِلق الشارع العام¿ ووصل الحال إلى هذه الدرجة من الاستهتار والفوضى التي تمتاز بها مدننا اليمنية وأمانة العاصمة في مقدمة كل المدن وبصورة أكبر..