أليس الشباب هم عماد المستقبل وهم الذين تبنى عليهم رهانات البناء والتقدم للأوطان.. وإذا كنا ندرك في اليمن أهمية هذا الرهان فما هو دور الجهات الرسمية والحزبية والشعبية في استغلال طاقات الشباب.. ثم ما هي المشاكل والمخاطر التي تقف أمام الشباب اليمني.. في سبيل تحقيق طموحاته وآماله نحو البناء والتطور..
التحقيق التالي يسلط الضوء على أهم القضايا التي تتعلق بالشباب بالاضافة إلى التهديدات الفكرية والأخلاقية التي تهدد حياة الشباب والأمن والسلم الاجتماعي.
مزيداٍ من التفاصيل في سياق التحقيق التالي:
عبدالقادر سعد- أحمد المالكي
هناك العديد من الكتابات والحديث المستمر التي تتخذ موضع الشباب موضوعاٍ لها.. وهي جميعاٍ تتخذ طابع الشمولية حيناٍ وتتميز تارة أخرى بالتركيز واحتواء ظاهرة بالوسط الشبابي ومحاولة معالجتها.
إلا أن أي حديث عن الشباب أو الطلاب ينطلق من مفهوم أن القطاع يتمتع بطاقة خلاقة وقوة قادرة ومؤثرة في مجمل عمليات التحولات والانتقالات التطويرية التنموية الاجتماعية والاقتصادية التي تحدث في المجتمع.. أي مجتمع.
وعلى هذا الأساس فإن الدعم المادي والمعنوي وما يحظى به هذا القطاع من اهتمام واسع في المجتمعات الأخرى انما ينطلق أولاٍ وأخيراٍ من هدف سام ونبيل يتمثل في تربية واعداد هذا القطاع واحتوائه وتسخير كل قدراته وامكانياته لتصب في خدمة المجتمع والدفع بعجلة تقدمه وازدهاره إلى الأمام.
وينطلق هذا الهدف من منظور أن الشباب عموماٍ والطلاب خصوصاٍ هم الدينمو المحرك للبناء الشامل.. وهو في نفس الوقت العمود الفقري للمجتمع.. وجيل المستقبل.
المخدرات
هل اليمن خالية من المخدرات¿ وهل توجد مشكلة مخدرات في اليمن¿!
هذه الأسئلة وغيرها تتبادر إلى ذهن أي مواطن وكثيراٍ ما تطرح على المختصين في إدارة مكافحة المخدرات وتطرح بصور مختلفة فالبعض يطرحها مستفسراٍ والبعض الآخر يطرحها مندهشاٍ غير مصدق وجود مثل هذه المشكلة في اليمن مبرراٍ ذلك بوجود القات كعامل مانع لانتشار المخدرات وارتفاع اسعارها مقارنة بقدرة المواطن اليمني على شرائها كما يتم اختزال مشكلة المخدرات في أن اليمن ليست اكثر من دولة عبور (ترانزيت) للمواد المخدرة إلى دول الجوار!!
والواقع أن هذا الطرح فيه تسطيح كبير لمشكلة المخدرات في بلادنا والمبررات التي يتم طرحها غير حقيقية ولا تشكل عائقاٍ حقيقياٍ أمام انتشارها.
ويعود إنكار وجود مشكلة المخدرات في اليمن بدرجة رئيسية إلى انخفاض الوعي حول الحقائق الأساسية المتعلقة بها ومدى نموها وانتشارها عاماٍ بعد عام في بلادنا!!
صحيح أن مشكلة المخدرات في اليمن لم تتحول بعد إلى ظاهرة اجتماعية خطيرة بسبب حداثة ظهورها في المجتمع اليمني لكن الجهل بالحقائق المتعلقة بها وطرق انتشارها يولد خطراٍ أكبر على مجتمعنا وعلى أبنائنا والمتمثل في إستمرار بقاء الحلقة المفرغة.
انتشار الحبوب بين الشباب
تعاطي الحبوب أصبح لفظاٍ شائعاٍ في الشارع اليمني في الفترة الأخيرة ويقصد به تعاطي الحبوب التي تولد حالة من النشوة والكيف والاسترخاء وسبب ذلك أن هذه الحبوب تحتوي في تركيباتها الكيميائية على نسبة قليلة من المسكنات والمخدرات والتي صنعت في الأصل لأغراض علاجية إلا أنه أسيء استخدامها من قبل فئة محدودة من الشباب ساعدهم في ذلك بعض أصحاب الصيدليات ضعاف النفوس الباحثين عن الربح السريع الذي يقومون ببيع هذه الأدوية (الحبوب) بدون وصفة طبية مخالفين في ذلك النظم المتبعة في صرف الأدوية.
ومن العوامل أيضاٍ التي ساعدت على انتشارها بقوة بين كثير من الشباب رخص ثمنها وسهولة الحصول عليها.. وأهم أنواع هذه الحبوب والأكثر انتشاراٍ هي »الديازبم« والريستل (البروزورام).
وقد قامت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بجهود كبيرة للحد من هذه المشكلة ولم تقف موقف المتفرج وذلك من خلال التنسيق مع الجهات المختصة في وزارة الصحة وبالذات الهيئة العليا للأدوية والتي أبدت تفهماٍ لخطورة الظاهرة وقامت باتخاذ جملة من الإجراءات العملية وستتبعها إجراءات أخرى لاحقة.
شم المواد الطيارة
تنتشر ظاهرة شم المواد الطيارة (الغراء الأسبرت البنزين… الخ) بشكل أكثر تركيزاٍ بين الأحداث وهي مشكلة ليست محلية فقط بل مشكلة عالمية توجد بنسب متفاوتة في أغلب المجتمعات تقريباٍ.
ولظاهرة تعاطي الحبوب وشم المواد الطيارة آثار ضارة وخطيرة على جسم وعقل متعاطيها وعلى أسرته وعلى المجتمع.. وهي تمثل المرحلة السابقة لتعاطي المخدرات حيث أن المدمن عليها يصل بعد فترة إلى مرحلة التعود ويجد أنها لم تعد تعطيه وتلبي حاجته من الكيف والنشوة فيبحث عن مادة أخرى أقوى.. وهكذا فيتدرج صعوداٍ في سلم المخدرات.
ورغم خطورة ظاهرة شم المواد الطيارة إلا أنها تتسم بصعوبة في عملية المكافحة ومكمن الصعوبة يتعلق بالشق القانوني فهذه المواد تدخل في الاستعمال شبه اليومي وهي تباع في كل مكان تقريباٍ.
وهناك صعوبة في الرقابة على استخدامها ولكن لا يعني هذا أنها مشكلة مستحيلة بدون حل بل هناك اجراءات احترازية يمكن اتخاذها في الجانب التوعوي والإرشادي عبر التوعية بخطورة استخدامها وآثارها الضارة على الفرد والمجتمع وأيضاٍ عبر اشعار أولياء الأمور باتخاذ اجراءات معينة تجاه أبنائها من الأحداث المستهلكين لها.
الفقر والبطالة
لعل أبرز المشاكل التي تقف أمام الشباب في اليمن حسب آراء عدد من الشباب الذين إلتقيناهم تتمثل في الفقر والبطالة حيث يعاني أغلب الطلاب المتخرجين من الجامعات دون عمل أو وظيفة ويجدون أنفسهم مضطرين للانتظار سنوات عدة متجرعين ويلات وعناء البحث عن عمل حتى يحصلوا على وظيفة حكومية أو مع القطاع الخاص..
ويقول الشباب من الطلاب الذين تخرجوا اضطروا إلى مزاولة أعمال أخرى تسد رمق معيشتهم كبيع القات أو البيع والشراء في الأرصفة والشوارع وأعمال البناء وغيرها من الأعمال..
غلاء المهور
اما بعض الشباب فيرون أن هناك عوامل أخرى إضافة إلى العوامل الاقتصادية آنفة الذكر يعاني منها الشباب والشابات في اليمن لعل أهمها غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج الأمر الذي يجعل الكثير من الشباب غير قادرين على إكمال نصف دينهم حيث تصل المبالغ التي يفرضها الآباء على الشباب المتقدمين للزواج ببناتهم في بعض المناطق إلى أكثر من ٠٠٧ ألف ريال ناهيك عن التكاليف الأخرى التي تصاحب حفل الزواج وغيرها ويقولون أن: هذه المبالغ لا يستطيع أغلب الشباب في اليمن أن يتحملها خاصة وأن الحالة الاقتصادية والمعيشية في البلاد تمر بأوضاع صعبة وأغلب هؤلاء الشباب هم من الأسر والمجتمعات الفقيرة التي لا تقدر على تحمل هذه التكاليف خاصة في الأرياف حيث يعيش أكثر الناس فقراٍ..
تميز
> بالاضافة إلى المشاكل والمعوقات الاقتصادية والاجتماعية التي تقف عائقاٍ أمام طموحات وآمال الشباب فإن هناك مخاطر صحية واجتماعية تتهدد شبابنا وهي المخاطر التي أفرزتها البيئة والتقاليد الاجتماعية في اليمن لعل أبرزها تعاطي المخدرات وهي القضية التي تؤرق وتهدر حياة الشباب في كثير من المجتمعات والبلدان في العالم.. ولكننا سنتناول هذه القضية بنوع من التميز حيث أصبح الإدمان على المخدرات في اليمن يختلف تماماٍ عن البلدان العربية والاسلامية وأخذت تأخذ منحىٍ آخر ومظاهر مختلفة وصار الكثير من الشباب يتعاطون المواد والحبوب المخدرة في المقايل أثناء تناول القات وكثير من الشباب في اليمن وقعوا ضحية هذا الفخ والادمان أثناء مجالس القات والكيف مع أصدقائهم وأصحابهم وهذه العادة أصبحت منتشرة في عدد من المحافظات وأصبحت ظاهرة تؤرق جميع أفراد المجتمع اليمني وتنذر بكارثة بالإضافة إلى أنها صارت عاملاٍ من العوامل التي تزيد من معدلات الانحراف والضياع في أوساط الشباب اليمني..
كمين
حيث يؤكد عدد من الشباب أنهم وقعوا في كمين الكبسولات المخدرة في جلسات المقيل مع اصدقائهم وتم وضع الحبوب (الريستل) في علب المشروبات الغازية دون علمهم الأمر الذي أصابهم بعد ذلك بإرهاق شديد وتقلصات معوية وهذيان وشرود.. ويقول بعض الشباب أنهم أصبحوا مدمنين على أنواع عدة من الحبوب والكبسولات المخدرة التي يتناولونها مع القات كالديزبام (الفاليوم) وغيرها وذلك بالتعاون مع أصحاب الصيدليات التي أصبحت تتعامل وتوفر مثل هذه الكبسولات المدمرة للشباب المدمنين ويقول هؤلاء الشباب أنهم يصابون بهيجان وثورة أعصاب إذا لم يتمكنوا من الحصول على هذه الحبوب المخدرة التي أصبحوا مدمنين عليها ولا يستطيعون تركها..
جرائم
وقد أكدت إحصاءات رسمية صادرة من الادارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية وكذلك التقارير الدولية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة اكتشاف مئات الجرائم التي يرتكبها المخزنون بعد تعاطيهم القات مع المخدرات ومشتقاتها مما يجعلهم أكثر جنوناٍ وجنوحا إلى إرتكاب الجريمة بكافة صورها وأشكالها دون وعي وإدراك وإرتكاب جرائم ما بين السرقة إلى الضرب فالنهب وأخيراٍ يصل الأمر إلى الاعتداء والقتل ناهيك عن الآثار الصحية والنفسية التي تدمر جسد المدمن والتي لا مجال لذكرها وربما يعرفها الغالبية.
ويؤكد المهتمون: على أن ظاهرة المخدرات تستهدف في معظم الأحوال فئة الشباب وصغار السن وهي بالتأكيد من الظواهر المعطلة لعملية البناء والنماء والتطوير لأي مجتمع فهي تشل قدرات الأفراد المدمنين وتبعاٍ لذلك يصبحون عاجزين عن المساهمة الايجابية الفاعلة في بناء مجتمعهم الأمر الذي يجعل من الدول التي تعاني من هذه المشكلة دولاٍ متخلفة اجتماعياٍ واقتصادياٍ.
ترابط
ويرى المهتمون أيضاٍ أن جهود المكافحة لهذه الآفة ينبغي أن تكون متكاملة ومتساندة مع الجهود الحكومية والدولية والوطنية حيث لابد من العمل على مستوى المجتمع والاسرة على اعتبار أن الوقاية وبناء الحصانة الذاتية والمجتمعية هي أفضل استراتيجية لمواجهة المخدرات على المستوى بعيد المدى ووضع خطط الرقابة طبقاٍ لأهميتها وينبغي أن تكون الاسرة متصدرة لمنظومة المكافحة الشاملة وان يكون دورها فاعلاٍ وواضحاٍ في مكافحة هذه الآفة الخطيرة التي تهدر حياة الابناء والشباب.. بالاضافة إلى دور المدارس والجامعات التي تمثل خط الدفاع الثاني في مواجهة هذه الآفات الخطيرة على اعتبار أن الطلاب والشباب الملتحقين في هذه المنشآت التعليمية هم أكثر عرضة لخطورة هذه الآفة المدمرة.
الإرهاب
حسب الكثير من المهتمين بقضايا الشباب لابد من التأكيد على أهم خطر بات الآن يهدد فكر وحياة الشباب وينعكس على الاخلاق والسلم الاجتماعي إنه ظاهرة »الإرهاب« التي تستهدف التأثير على عقول وأفكار الشباب في بلادنا والبلدان العربية والاسلامية عن طريق تضليل الأفكار والمعتقدات وتخريب العقول بالأفكار الضالة والتخريبية التي لا تمت للدين الاسلامي بصلة ولا تخدم الأمن والسلام والتنمية.. الأمر الذي يتوجب على كل شرائح المجتمع حكومة ومنظمات مدنية وأحزابا سياسية ومشايخ وعلماء أن يلتفتوا لمحاربة هذه الظاهرة المدمرة بكل الوسائل والسبل كما يجب أن نؤكد أن هناك دوراٍ مهماٍ لابد أن يجري الحرص دائماِ على النهوض به إنه نشر الوعي والولاء الوطني في أوساط الشباب بما يسهم في تعزيز الحب والولاء للوطن بعيداٍ عن التطرف والغلو والثقافة المناطقية بالاضافة إلى العمل على إيجاد الحلول للمشاكل التي تطرقت إليها وذلك لن يتأتى إلا بالعمل على حل مختلف قضايا الشباب الاقتصادية والاجتماعية وإدماجهم وتربيتهم داخل المجتمع حتى يكونوا عناصر فعالة في رقي الوطن وتقدمه والحفاظ على أمنه ووحدته الوطنية..