استطلاع/ إدارة الأخبار
إن انتهاج الحوار هو في حد ذاته الوسيلة الحضارية لا سيما في ظل النهج الديمقراطي لحل الإشكالات العالقة على الساحة السياسية والاجتماعية بيد أنه من المهم أن يتسم بالجدية وإخلاص النوايا والانطلاق من رؤى وطنية في تناول أي قضية فضلاٍ عن الابتعاد عن الاشتراطات المسبقة والمصالح والصفقات السياسية..
إن توسيع الحوار ليشمل كافة القوى الوطنية وتحت إشراف المؤسسات الدستورية وعلى قواعد الثوابت الوطنية هو في حد ذاته المدخل الأهم الذي من شأنه تحقيق أهم العناصر الأساسية لإنجاح الحوار وهو ما أكد فخامته أنه يهيئ الأرضية والمناخات المناسبة والمقومات الهامة التي تضمن الجدية والمضي في ما سوف يخرج به من نتائج حول كل ما في الأجندة.
إن التجاوب مع دعوة الرئيس من قبل كافة القوى السياسية والوقوف على طاولة واحدة في هذا الظرف هو خطوة عملية تؤكدها الضرورة الوطنية لتفويت الفرصة أمام أولئك الذين لا يريدون للوطن أن ينعم بالاستقرار ولا لعجلة التنمية أن تواصل دورانها بل يتعمدون بتصرفاتهم وأعمالهم التخريبية الخروج على الدستور والقانون وهو ما يجعلنا ندرك أهمية الرؤية وصوابية دعوة فخامة الرئيس إلى التسامح والحوار الشامل الذي من شأنه الوقوف بمسؤولية أمام كل التحديات التي تواجه الوطن
توسيع الحوار
وفي هذا الصدد يشير الدكتور فؤاد الصلاحي أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء إلى أن المطلوب وفقاٍ للاتفاق الأخير بين الأحزاب السياسية في ما يخص تأجيل الانتخابات هو إجراء الحوار.. وهو ما يفترض أن تقوم به الأحزاب حالياٍ ودون أي تلكؤ – لكنه من وجهة نظره – يرى أهمية توسيع الحوار بحيث لا يشمل فقط أحزاباٍ محددة وإنما يمتد ليشمل أيضاٍ منظمات المجتمع المدني والأكاديميين ولهذا فهو يرى أن دعوة فخامة الرئيس جميع القوى الوطنية إلى الحوار تأتي في هذا السياق لكن من المهم توسيع الحوار بحيث يتم من خلاله الوقوف أمام الأجندة الوطنية التي تهم الوطن.. لافتاٍ إلى انه إذا اقتصر الحوار فقط بين الحزب الحاكم والمشترك فهذا يعني أن هناك صفقات..
وأضاف الصلاحي في مداخلته أنه من المهم إشراك كافة القوى الوطنية دون استثناء والأكاديميين المعترف بخبرتهم في الميدان إلى جانب المنظمات في هذا الحوار الذي يجب أن يناقش بعمق ورؤية واضحة كافة القضايا في أجندة وطنية عامة للخروج بالوطن من الأخطار والتحديات التي تحيق به لا سيما تلك المرتبطة بقضايا الناس والخروج من الأزمة وهذا يتطلب توسيع مساحات الحوار لتشمل أجندته مختلف القضايا على الساحة الاجتماعية والسياسية في آن واحد.. منوهاٍ أنه يجب على أحزاب المعارضة أن يكون لديها رؤية شاملة للقضايا الوطنية التي يجب أن يدور حولها الحوار وليس فقط ما يهمها وأنه إذا ما كان الحوار يستهدف المصلحة الوطنية وليس مصلحة أحزاب محددة فإنه في هذه الحالة سيكون عملاٍ ايجابياٍ ونتائجه ايجابية أيضاٍ.
تعبير صادق
من جهته يرى النائب الدكتور عبدالباري دغيش أن دعوة فخامة رئيس الجمهورية إلى الحوار تْنمْ عن حرص فخامته على حل المشاكل والقضايا محل الخلاف كما أن دعوة الرئيس إلى الحوار تضع كل الفرقاء السياسيين في الطريق الصحيح والتقدم نحو »طاولة الحوار« بقلوب متسامحة وعقول مفتوحة بعيداٍ عن إصدار الأحكام والشروط المسبقة.
وأضاف دغيش إن دعوة الرئيس إلى الحوار جاءت في وقتها المناسب سيما وأن الوطن يعيش الكثير من المشاكل والأخطار التي تتهدد وحدته الوطنية والتي تبعث على القلق والإحباط وما دعوة رئيس الجمهورية للحوار في هذه اللحظة الراهنة والحرجة إلا تعبير صادق عن التوجه نحو طي صفحة الماضي ونزع فتائل التأزيم.. وأضاف بالقول »إذا كان هناك من ينادي بتوسيع طاولة الحوار وتوسيع نطاق القضايا محل الحوار فليكن ذلك وأنا شخصياٍ أدعو الحوثيين وقوى ما يسمى بالحراك الجنوبي إلى طاولة الحوار.. شرط أن يكون ذلك تحت سقف الثوابت الوطنية ومبادئ الدستور ونهج الديمقراطية الذي ارتضيناه لبناء دولة اليمن الواحد.
وأكد دغيش أن جميع الفرقاء السياسيين شركاء في منظومة الحكم سواء كانوا سلطة أو معارضة ولذا فإننا في البرلمان تنازلنا عن أغلبيتنا البرلمانية.. لصالح الأحزاب السياسية حرصاٍ منا على سلامة الوطن وأمنه واستقراره وافسحنا المجال أمام هذه الأحزاب عقب التأجيل أن تتشاور وتتحاور بغية الوصول إلى وفاق وتوافق ووئام.. وإلا كنا حسمنا الأمر في البرلمان بحكم أننا الأغلبية والدستور يقف إلى جانبنا في هذا الموضوع لكن رأينا أن مصلحة الوطن فوق كل المصالح.. وأننا جميعاٍ نبحر في قارب واحد.. يبحر بنا صوب المستقبل ويتجسد بشراع الوحدة الوطنية التي يجب تعزيزها عبر تغليب قيم التسامح والعدالة والمساواة وقيم الديمقراطية التي يجب أن نمارسها عبر التنافس البرامجي في الساحة اليمنية.
وأشار دغيش إلى أن دعوة الأخ الرئيس جاءت في لحظتها المناسبة.. التي اشترطت الحوار بوجود عقول مفتوحة وقلوب متسامحة تغلب الروح الوطنية للخروج من هذا الواقع المأزوم..
إطار محدد
أما الاخ يحيى الشامي عضو المكتب السياسي بالحزب الاشتراكي فيرى من جهته أن دعوة رئيس الجمهورية الموجهة إلى أحزاب اللقاء المشترك تواجه بعض الصعوبات التي تتمثل أساساٍ بعدم توفير المناخ السياسي المناسب طبقاٍ لما تم الاتفاق عليه في فبراير الماضي حول تأجيل الانتخابات النيابية بالإضافة إلى عدم إقرار إطار محدد للحوار . مشيراٍ إلى أن الفترة الممتدة من تاريخ الاتفاق وحتى اليوم جرت فيها جملة من الأعمال التي تشكل بالنسبة للمشترك صعوبة حقيقية وتشعر بأن الحزب الحاكم غير جاد في الدعوة للحوار .
وقال الشامي : إن أحزاب اللقاء المشترك تشعر بقلق عميق إذا ما مر الوقت دون الدخول في حوار من جانب كل القوى السياسية في الحزب الحاكم ومجموعة الأحزاب والقوى السياسي المختلفة في الداخل والخارج بشرط أن يكون الحوار واسعاٍ وشفافاٍ أمام الرأى العام .. مشدداٍ على أن تكون الرؤية الصادرة من هذه الأحزاب موضع اهتمام جدي ليس فقط من الحزب الحاكم بل أيضاٍ من جانب رئيس الجمهورية.
تجاوز الخصومات
وعلى ذات السياق يرى الاخ عبدالعزيز مقبل أمين عام تنظيم التصحيح الشعبي الناصري ان اطلاق الاخ الرئيس علي عبدالله صالح لدعوته للتصالح والتسامح والحوار الجدي بين اطراف المنظومة السياسية والحزبية هو تفعيل لمنهجه السياسي الذي اتبعه بالحكم في كل المنعطفات الصعبة والحاسمة على مدى ثلاثة عقود لتخليص الافعال الوطنية والجهود الشعبية من التجاذبات السياسية الأنانية والمتخلفة وإفرازاتها المضرة وصراعاتها الدامية وإعادة شد وتوجيه مسؤوليتها في الاتجاه الصحيح لاصطفافها والتعبير عن مثلها وتطلعاتها الوطنية الكبرى نحو تحقيق التطورات الايجابية لصيانة أهداف الثورة اليمنية ومكتسباتها في بناء وتجسيد مؤسساتها سلمياٍ والنهوض بالمجتمع واستعادة دولة اليمن الموحد وبنائها الديمقراطي الذي يستوعب قيم الحرية والدفع بالمشاركة الشعبية في النظام السياسي من خطوة الى أخرى .
ويضيف بالقول: ماهو مفهوم لنا ان دعوة الاخ الرئيس للتصالح والتسامح والحوار الجاد والمسئول تملي على كل أطياف العمل الحزبي والسياسي ومكونات المجتمع سياسياٍ واجتماعياٍ من موقع التزامها الحقيقي بالشرعية الدستورية لدولة اليمن الموحد والديمقراطي تجاوز خصوماتها الذاتية وتصفية حسابات الاختلافات السياسية مما يجنبها التورط بوعي أو بدون وعي في تأجيج مايتهدد الوطن من مشكلات واخطار فتن تمس الاستقرار والسلم الاجتماعي ومكتسبات واهداف الثورة اليمنية والوحدة الوطنية والديمقراطية والتقاعس إزاء ذلك في إدراك وممارسة واجباتها الوطنية بعيداٍ عن النفعية.
ويمكن القول بدون مبالغة أن صوابية الرؤى والمواقف لدى الاخ الرئيس علي عبدالله صالح التي تبرز جلياٍ في المنعطفات الحاسمة وارادته الصلبة على مواجهتها ومقدار حنكته وتسامحه في التعامل معها بمبدئية تحفظ للوطن وحدته وسلامته واندفاع الثورة اليمنية صوب اهدافها بثبات لذلك جاءت دعوة الاخ الرئيس توقظ روح الشراكة الوطنية عند الحكم والمعارضة وثقته بقدرة كل أطياف العمل السياسي في اثبات صدقيتها مع أهدافها المرفوعة والتجاوب مع تساميه في الذهاب الى التصالح والتسامح معها مهما بلغت حدة خصوماتها مع الحكم تحقيقاٍ للمصالح العليا للوطن الواحد والديمقراطي..
ذرائع واهية
كما يرى ان الأحقاد بما تثيره من كراهية للآخر والنزعات النفعية الشديدة والدونية في انانيتها لا يوفران مناخات الثقة المتبادلة والتفاهمات الوطنية المسئولة وايجابيات التعاطي بمسئولية مع توجهات التصالح والتسامح السامية في ابعادها ومحتواها الانساني والوطني التي يدعو إليها الاخ الرئيس ولايمكن ان يؤمن بها او يكون شريكاٍ وحاضراٍ تحت مظلتها المتورطون علناٍ في نزعاتهم التمزيقية للوحدة الوطنية وعدائهم لها بذرائع واهية ودونية وارتكابهم افعالاٍ مجرمة في تهديد السلم الاجتماعي واستقرار الوطن وسلامة مواطنيه ويخطىء من يعتقد بإمكانية التصالح والتسامح بين دعاة الخير ودعاة الشر فتلك تسوية مآلها الخراب والضياع والثبور ولايمكن الرهان على نجاح مسار أو توافق سياسيين يجمع بين الثورة واعدائها بين الوحدة ونقيضها وبين الديمقراطية وخصومها وبين العنف ودعاة السلم إلا إذا تخلى طرف لنقيضه أو توافقا على تهدئة صداماتهما لتوازن قواهما أو انتهازية اصحاب المواقف والجانب الخير وهذه الثنائية الحقة سنة الخلق والوجود لابد أن ينصاع احدهما للآخر وفق اخلاقية مايؤمن به.
إننا نؤمن بامكانية نجاح الدعوة إلى الحوار والتلاقي بين اطياف العمل السياسي على قاعدة انتمائها وإلتزامها الوطنيين وماتفرضه المشكلات الوطنية الملحة والعاصفة في التوجه الجاد في مقاربة اختلافاتها ورؤاها وبين ما هو ذاتي وما هو عام بعيداٍ عن المكايدات وتسجيل نقاط الانتصار على الآخر فالتوافقات المبدئية هي التي تضع نصب عينيها تطلعات واحوال المستقبل لاجيال قادمة لا البحث عن تسويات لمصالح حاضرة لأطياف ÿÿالعمل السياسي مجتمعة أو منفردة.
ومايتوجب قوله ان تشجيعنا للحوار بين اطراف العمل السياسي الممثلة في مجلس النواب وماينبغي له ان يتسم بواقعية التعامل مع قضاياه بحسب حيويتها للتوصل الى نتائج طيبة ليس له ان يفضي الى تجاهل شراكة التلاقي والحوار مع كل شركاء الحياة السياسية ومنظمات المجتمع المدني.
أما الأخ ناصر العطار رئيس الدائرة القانونية في المؤتمر الشعبي العام فيرى أن دعوة فخامة رئيس الجمهورية للحوار والتسامح تأتي انطلاقاٍ من رغبته الصادقة والنبيلة في إشراك جميع القوى السياسية والأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني في معالجة القضايا والتحديات التي يواجهها الوطن بعيداٍ عن المصالح الحزبية الضيقة.. ليست جديدة ولا مستغربة من فخامته فقد دأب منذ الوهلة الأولى لتوليه مقاليد الحكم في اليمن في 17 يوليو 1978م على انتهاج سلوك الحوار حين باشر فور توليه الحكم إجراء حوار شامل مع القوى السياسية لمعالجة أوضاع كانت تعصف بالوطن آنذاك والتي تبلورت بشكل وثيقة وطنية هي الميثاق الوطني وتشكيل المؤتمر الشعبي العام..
وقال أن دعوة الرئيس للحوار تصب في خانة تكريس النهج الديمقراطي لا سيما بعد أن تجلى هذا النهج في الواقع العملي من خلال إجراء الانتخابات النيابية والمحلية والرئاسية لعدة دورات بمشاركة مختلف الأحزاب والقوى السياسية وصولاٍ إلى توقيع الاتفاق الأخير بين المؤتمر الشعبي العام والأحزاب الممثلة في البرلمان في فبراير الماضي بما يخدم آمال وتطلعات الشعب اليمني ويعمل على تعزيز وحدته واستقراره..
ومن هنا ينبغي على الأحزاب السياسية أن تستجيب لهذه الدعوة الصادقة وتبتعد عن المماحكات السياسية واستعمال العبارات المطاطة وعدم التحديد الدقيق لموضوعات الحوار والاسراع في تنفيذ بنود الاتفاق وفي مقدمتها العمل على تطوير النظام السياسي والانتخابي..
وحول عدم تجاوب أحزاب اللقاء المشترك مع دعوة الرئيس قال العطار ان موقفها هذا يجعلها تتناقض مع نفسها من خلال تظاهرها بالدعوة للحوار وسلوكها غير ذلك والمتجسد في رفضها للحوار ووضع العراقيل والاشتراطات المحبطة للحوار وعدم تنفيذ الاتفاق والذهاب إلى تشكيل كيانات وملتقيات خارج إطار الاتفاق ومضامينه..
ومضى إلى القول أن موفق أحزاب اللقاء المشترك من دعوة الرئيس ازاء الأحداث والقضايا الوطنية والأعمال التخريبية الخارجة على القوانين والثوابت الوطنية التي تحدث في بعض محافظات الجمهورية والمتمثلة في قطع الطرقات وقتل الأبرياء وارتكاب جرائم بشعة بحق الوطن وزعزعة أمنه واستقراره وتدمير نسيجه الاجتماعي والذهاب إلى مؤازرة وتأييد هذه الأعمال ووصفها لهذه السلوكيات بأنها تنطوي تحت سقف حرية التعبير والنشاط السياسي في حين أن هذه الأعمال تندرج تحت طائلة الجرائم الجنائية الجسيمة التي يعاقب عليها القانون وترفضها الشرائع والأديان السماوية..
وخلص العطار إلى أن اصرار أحزاب اللقاء المشترك على مواقفها المتخاذلة إزاء الحوار وإزاء الأعمال المخلة بأمن الوطن واستقراره سيكشف للرأي العام سلوكيات هذه الأحزاب ويجعلها تبتعد عنها أكثر فأكثر ولن يرحم التاريخ من يتخاذل أو يتهاون في نصرة قضايا الوطن ويساعد على استهداف أمنه واستقراره فضلاٍ عن تعمد إعاقة مجريات الحوار وتعطيل الاتفاق والحيلولة دون الاصلاحات الدستورية والسياسية وإجراء الانتخابات في مواعيدها الدستورية..