خاص بـ”الوحدة”
تحقيق: إبراهيم الدسوقي
هو متحف ولكنه بالفعل متحف مملوكي عثماني فكما أن شارع المعز لدين الله الفاطمي متحف فشارع السيوفيه بالخليفة متحف مملوكي حيث يزخر بالفعل بالعديد من الآثار الإسلامية المملوكية وتتميز هذه الأثار بالمعايير الإسلامية المعمارية التقليدية إضافة إلى أنها تعد مؤرخا متواصلا للآثار الإسلامية وهذا المؤرخ لا ينفصم عن الواقع ولا يحتاج لمن يعرف القراءة والكتابه لكي يستوعب ما يعرضه فقط كل ما يلزمه عينان ورغبة في فهم المحاور التاريخية لهذه الآثار.
ولأن هذا الشارع بالفعل متحف شعبي كان لابد من أن يكون معنا دليل و ليس دليلا فقط بل خبيرا وكان اللقاء مع الأستاذ الدكتور حجاجي إبراهيم محمد نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الحفاظ على التراث المصري ورئيس قسم التاريخ والأثار المصرية بالمعاهد العليا بكنج مريوط والحاصل على وسام فارس من رئيس إيطاليا بمباركة من فخامة الرئيس محمد حسني مبارك.
وقد بدأ الدكتور حجاجي الحديث بتناول آثار هذا الشارع تفصيلاٍ بقوله إن هذا الشارع يضم 12 آثراٍ إسلامياٍ كبيراٍ رغم أن طوله لا يزيد عن كيلو مترين على أكثر تقدير وأهم هذه الأثار دار الماس الحاجب و جامعه ويقع الدار بجوار جامعه وأنشاها الأمير الماس الحاجب واهتم برخامها ولما قتل سنة 734هـ أمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون بخلع رخامه ونقله إلى القلعة علاوة على ما نهبه العامة رخام مستورد أما جامعه فتم تشييده عام 730هـ/ 1330م والجدير بالذكر أن الماس كان أحد مماليك الناصر محمد ورقاه كثيراٍ غير أنه كان يغتاب السلطان ويتقرب لخصومه فدبر له السلطان بمساعدة اقبغا قضية أداب بطلها الفتى عمير ابن الحسينية وعلل السلطان فعلته بأنه صبر كثيراٍ على جحود الماس إلى أن وقع في يده خطاب إلى الأمير بكتمر الساقى بخط الماس ضد السلطان نفسه.
المهم اندثر الدار وقد تحدث عن ذلك المقريزي في كتابه »المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والأثار«.
أما الأثر الثاني فهو سبيل الهامي باشا وهو غير مدرج في فهرس الأثار كما أنه غير مستقل إذ أنه ملحق بالمدرسة الإلهامية التي أنشاها باشا إبن عباس الأول وهو يقع بشارع الحلمية أمام جامع الماس الحاجب والأثر الثالث هو ربع طغج وقد أنشأه في القرن الثامن الهجري سيف الدين طغجي الأشرفي.. كان أسفله مقابر اخشيدية.. أزيل وبني مكانه جامع ومستوصف ويأتي الأثر الرابع وهو مدرسة حزمان البوبكري ثم قبة المظفر.
قبة سنجر وهي قبة مملوكية مقصصة من الخارج انشاها علم الدين سنجر الخازندار أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون عام 722هـ/٢٢٣١م أخلص للناصر محمد بل ووقف ضد سلار والجاولي وأعاد الناصر للحكم للمرة الثالثة وقد كتب عليها الآن لافتة بخط رديء العارف بالله الشيخ محمد المدفر من خلفاء بني العباس.
ومن ضمن آثار الشارع كما يقول الدكتور حجاجي إبراهيم سبيل يوسف بك وهو سبيل عثماني أنشأ يوسف بك عام 1186هـ/٢٧٧١م ثم سبيل القزلار »ربع القزلار« أنشاه مصطفى اغا عبدالرحيم دار السعادة عام 1028هـ/٨١٦١م.
وتأتي بعد ذلك مجموعة التكية المولوية وتضم المدفن والمدرسة والمسرح والتكية والمتحف والقصر ومدرسة سنقر التي انشأها سنقر السعدي عام 721هـ/١٣٣١م وزير الداخلية والدفاع في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون ولم يبق من المدرسة سوى المدخل والمئذنة والقبة وايوان وكشفت البعثة الايطالية حجرات وفناء المدرسة واثبتت أن المدرسة من ايوانين وليس أربعة كما هو شائع وكشفت مزخرف قبة مسرح الدروايش وكشفت اين التابوت الذي أعد لسنقر واين تابوت حسن صدقة.
وقال الدكتور حجاجي أما عن أهم أثار شارع السيوفية فتأتي زاوية الآبار »خانقاه ايديكين« التي أنشأها علاء الدين البندقداري الصالحي النجمي »استاذ الظاهر بيبرس« عام 683هـ٤٨٢١م والذي عينه الصالح نجم الدين أيوب بندقدارا لدولته وولاه تلميذه بيبرس نيابة حلب ثم دمشق ثم جعله أمير طبلخانة وعاش زمن المنصور قلاوون ومات بالقاهرة عن عمر 70 سنة عام 684هـ/٥٨٢١م أما عن وضعها فهي عبارة عن مدخل رئيسي وقبتين إحداهما للرجال بها محراب والأخرى قبة النساء وبها محراب ومسجد صغير أطلق عليه زاوية وما يسمى خطأ قبتي ضريحين.
ويأتي بعد ذلك قصر الأمير طاز وهو الأمير سيف الدين عبدالله طاز قط غاج »قطغاج« ظهر نجمه أيام الصالح اسماعيل بن الناصر محمد وأصبح صاحب الحل والربط أيام المظفر حاجي بن الناصر محمد واستفحل أيام الناصر حسن بن النصار محمد بن قلاوون تولى السلطان حسن في المرة الأولى 1374-١٥٣١م وفي المرة الثانية من 1354-١٦٣١م الذي جعله دوادارا ثم ولاه نيابة حلب لكنه خرج على السلطان وثار عليه أمراء حلب وهزموه وعزلوه وأمروه بالعودة إلى القاهرة فسار خلفه المارديني »المارداني« نائب دمشق فأمسكه وسمل عيونه فأصبح أعمى ثم اعتقله وبعد فترة نقل إلى سجن الاسكندرية حتى أفرج عنه الأمير يلبغا فعاد إلى القدس ومنها إلى دمشق عام 1360م وظل بها حتى مات عام 1361م أي مات في نهاية الفترة الثانية للسلطان حسن وبعد ذلك تأتي وكالة التنونجي ثم سبيل أم عباس والذي لم يكن مدرجا في فهرس الآثار وأنشأته السيدة بمبه »بنباقادن« »زبيدة« قادن والده عباس باشا وأكد الدكتور حجاجي إبراهيم أن هذا الشارع بالفعل هو متحف ليس فقط بالبناء ولكنه متحف لتخليد سلاطين المماليك والسلاطين العثمانيين وأسرة محمد علي وهذا كما تذكر لوحات الآثار مثل شجرة الدر والمعز عز الدين ايبك والمنصور نور الدين علي وقطز وبيبرس البندقداري ومحمد بركة خان ومن تبعوهم.
أما السلاطين والأتراك فهم مسجلون في الشارع حتى عام 1798م حيث تتابع على مصر خلال الحكم العثماني قبل مجيء الحملة الفرنسية 136 وال عاصروا 21 سلطانا عثمانيا نذكر السلاطين سليم وسليمان القانوني الذي توفي في عهده الخليفة العباسي المتوكل 1543م ولم يخلفه أحد في مصر وسليم الثاني ومراد الثالث الذي حكم 21 سنة و محمد الثالث وأحمد الأول ومصطفى الأول المخلوع بعد ثلاثة أشهر وعثمان الثاني الذي قْتل ومصطفى الأول للمرة الثانية الذيْ خلع مرة أخرى ومراد ابن أحمد الأول إبراهيم المعزول ثم المقتول ومحمد الرابع المعزول وسليمان بن ابراهيم وأحمد بن ابراهيم ومصطفى الثاني المعزول وأحمد الثالث المخلوع ومحمود الأول وعثمان الثالث ومصطفى الثالث وعبدالحميد الأول وسليم الثالث.
كما يسجل الشارع أيضاٍ أسرة محمد علي بدءاٍ من محمد علي باشا وإبراهيم باشا وعباس باشا واسماعيل باشا يذكر أن اسماعيل باشا بن إبراهيم تولى كوالُ ثم خديو من 1863 و1879م دفع رشا للسلطان العثماني فحصل على خديو ثم دفع رشا ليحصر وراثة العرش في أنجاله بعدما كانت تؤول لأكبر الذكور سناٍ ودفع رشا للسلطان عبدالعزيز الذي جاء افتتاح قناة السويس كأول سلطان عثماني زائر وليس فاتحا وسمي باسمه شارع عبد العزيز دفع له ليصحل على لقب عزيز فرفض السلطات عبدالعزيز حتى لا يكون عبداٍ للعزيز اسماعيل وتوفيق ابن اسماعيل وعباس حلمي الثاني بن توفيق الذي خعله الانجليز عام 1914م وعينوا مكانه السلطان حسين كامل بن اسماعيل إلى أن توفي عام 1917م ثم الملك فؤاد الأول من 1917م إلى 1936م ثم الملك فاروق الأول حتى1952م.
ويختتم الدكتور حجاج إبراهيم سرده لعلائم الشارع الأثري الكبير قائلاٍ: لقد تحدثت عن أثار الشارع ولم اتحدث عما حدث من مؤامرات بعضها انتهى بالزواج والإبعاد خارج البلاد حتى لا يتم الأخذ بالثأر كما حدث مع الهامي باشا وانتهى بتدبير قضايا آداب انتهت كما حدث مع الماس الحاجب وخنق كما حدث مع قوصون وبعضها انتهى بالنفي خارج البلاد بمرسوم سلطاني كما حدث مع سنقر وبعضها انتهى بالغدر كما فعل تلميذ بيبرس البندقداري وقتل ولي نعمته وبعضها انتهى بالعزل وسمل العين كما حدث مع طاز وفي العصر الحديث بعضها انتهى بعدم الوفاء.
ويقترح خبير الأثار الكبير جعل شارع السيوفي على الخريطة السياحية كما نجحت البعثة الايطالية في ترميم مجموعة التكية المولوية وجعلته أيضاٍ على الخريطة السياحية وجعل شارع السيوفية للمشاة من ناحية سبيل أم عباس..