صحف ومجلات.. كتب ودفاتر مدرسية.. مطويات ومنشورات وربما أحياناٍ كتب دينية.. نجدها ملقية على الأرض هنا وهناك في الأزقة والأسواق والشوارع.. بل حتى في المزابل وما يهمنا هنا أن هذه المهملات أكثرها – إن لم تكن جميعها – فيها ذكر لأسماء الله عز وجل أو آيات قرآنية وأحاديث نبوية.. ولكم أن تتخيلوها ملقية على الأرض تدوسها الأقدام ولا أحد يبالي.. فهل ترضى بذلك¿
ولعل أكثر الأوراق المهملة شيوعاٍ هي الصحف التي يقرأها كثير من القراء ثم يتركونها على الأرصفة فتأتي الرياح لتشتتها في أماكن شتى.. وكثير من القراء يستعملها بعد القراءة في أغراض مختلفة.. فتارة سفرة للطعام وتارة أخرة لتغليف الخضروات وأخرى لمسح الزجاج وغيرها..
يستعملها المهنيون لكثير من الأغراض مثل الخطاطين وأصحاب ورش السمكرة (للرش) ويستخدمها النجارون في البيوت للرش وغيرها من الاستخدامات الواسعة في مجالات شتى لتلقى بعد ذلك قصاصتها أينما ذهبت دون حساب لما يذكر فيها من آيات أو أسماء حسنى.
العلماء يفتون
وقد تنبه كثير من العلماء لذلك فصدرت فتاوى في كثير من البلدان العربية والإسلامية – منها بلادنا – بتحريم الاستهانة بحرمات الله بإلقاء تلك الأوراق في الشوارع والقمائم أو استعمالها بشكل غير لائق..
ولعل ذلك كان له أثر في سلوك كثير من الناس منهم صلاح الذي يعمل في كافتيريا حيث أكد أنه الآن أفضل حالاٍ من السابق وذلك بعد أن ترك استخدام أوراق الصحف المطبوعة واستبدلها بالورق الأبيض الخالي من الطباعة وذلك رغم وجود كميات من الصحف المطبوعة تحت تصرفه إلا أنه يخشى من امتهان أسماء أو آيات الله التي في الصحف..
وهناك عامل آخر ساعد في تجنبه لاستعمال الصحف المطبوعة ألا وهو تعميم أمانة العاصمة بمنع استعمال الأوراق التي فيها ذكر الله عز وجل وتحذير المخالفين من العقوبات التي سيواجهونها حال المخالفة.. إلا أن الأمر كان مختلفاٍ من كافتيريا أخرى لا تبعد كثيراٍ عن سابقتها.. فرغم أن أسماء الله الحسنى مع التقويم معلقة على الحائط إلا أن أسماء حسنى في تلك الصحف المفروشة على الرفوف ظلت تحت علب الجبنة وزجاجات المربى.. مثيرة مفارقة عجيبة بين التعظيم واللامبالاة..
وحين تصف ذلك الفعل باللامبالاة فإن هناك تصرفات أشد من ذلك حين يضاف الإصرار إلى اللامبالاة وذلك ما عبر عنه أحد زبائن محلات الحلويات حين امتدت يدú لتحمل كيس الحلويات المغلفة بصحيفة يمنية فيها آيات قرآنية قائلاٍ: لغتنا أولى بنا.. حين نصحه أحدهم (باللين) باستخدام الصحف باللغات الأخرى..
ولا كبيرة مع الاستغفار
ومع ذلك فإن عامة الناس لا يختلفون على حرمة أسماء الله ويعترفون مباشرة بالخطأ معتذرين عن ذلك بأنهم لم يعلموا بوجود آيات وأسماء الله في تلك الورقة وذلك ما سمعته من علي المصري حين لقيته صباحاٍ وهو يحمل بإحدى يديه خبزاٍ تنثني عليه صحيفة فيها تعزية وآيات قرآنية..
ومثله حفظ الله وصاحبه اللذان يعملان في مغسلة ترص في واجهتها طبقات من الثياب المغلفة بالصحف المحلية حيث اعتذر أحدهم بقوله: حين يأتي الزبون نعطيه الثوب داخل كيس ونأخذ الصحيفة (الغلاف) إلا أن حفظ الله استدرك ذلك سريعاٍ.. معللاٍ ذلك بمجانية تلك الصحف من هنا وهناك.. معترفاٍ بأنه خطأ لن يتكرر..
غيورون
محمد داود – عامل نظافة – قال أنه دائماٍ يواجه مشكلة تلك الصحف والأوراق.. إلا أنه يقوم بجمعها وإحراقها يومياٍ.. ومثله قايد سرحان » قيم مسجد« إذ أنه ألف وجود (الولاعة) في جيبه ليحرق كل ما يجده من مهملات فيها ذكر الله.. أما الأوراق التي في مسجده ومنها أوراق المصاحف الممزقة فإنه يجمعها بين حين وآخر ليحرقها جميعاٍ..
بدائل متوفرة
وفي الحقيقة فإن ما لمسناه من هذه المشكلة هو الإهمال واللامبالاة ليس إلا.. والأمر يحتاج فقط إلى توعية المواطن وإصدار توجيه من الجهات المعنية.. خاصة وأن البدائل متوفرة حيث تباع الأوراق البيضاء النظيفة بأسعار جيدة ويصل قيمة الكيلو الواحد إلى 120 ريالاٍ أما الصحف المكتوبة بلغات أخرى فيباع الكيلو بـ80 ريالاٍ.. ولذلك لا عذر لمن يقول أنه مضطر لذلك..
وللعلم فإن الورق المطبوع قد يحتوي على مادة الرصاص في الحبر ولذلك يكون استخدامه للطعام أو للخبز وغيره سبباٍ لأضرار صحية..
مبادرات طيبة
أهل الخير لم يغفلوا عن ذلك فبين فترة وأخرى نجد بين أيدينا ورقة توزع أو ملصقاٍ معلقاٍ أو فتوى أو خاطرة حول هذا الموضوع إلا أن هذه الفعاليات ذات نطاق محدود فهي لا تتجاوز المساجد أو بعض الأماكن المحدودة بالنسبة لتوزيع النشرات..
ولا ننسى هنا تلك المبادرات الطيبة التي قام بها كثير من الشباب في كثير من الأحياء حيث تم تثبيت سلات بلاستيكية ومعدنية على الأعمدة في الأحياء وتخصيصها للمهملات التي فيها ذكر الله.. إلا أنها بحاجة إلى تعاون الجميع..
أمانة العاصمة كان لها دور في ذلك حيث أصدرت تعميماٍ للمحلات التجارية بعدم استعمال الأوراق المطبوعة في الأغراض التجارية التي تجعلها عرضه للإهانة.. محذرة من يتساهل بالعقوبة إلا أن ذلك التعميم لم يصل إلى أكثر من التقيناهم من أصحاب المحلات التجارية (كما يدعون).. والمسألة بحاجة إلى جدية أكثر من أمانة العاصمة وفرض العقوبات على المخالفين..
دور الإعلام
كما أن دور الإعلام لا يجب أن يغفل في هذا الأمر حيث أن له الأثر الأكبر في التوعية.. ولأن أساس المشكلة هو الإهمال فيجب على وسائل الإعلام (إذاعة – تلفزيون – صحف) بالتنسيق مع الجهات المختصة أن تقوم بإعداد حملة توعوية توضح للمجتمع كيفية التخلص من تلك المهملات بطريقة لا تعرضها للتدنيس والإهانة.. مع بيان خطورة إهمال هذا الأمر وأهميته خاصة وأن الأمر يتعلق بالخالق جل جلاله وليس بالمخلوق..
وحري بوسائل الإعلام المقروءة (براءة للذمة) أن تحذر القراء من إهمالها بعد قراءتها وجعلها عرضة لتدوسها الأقدام أو تختلط بالقمائم..
وأخيراٍ
لماذا لا تقوم إدارات المدارس بتنظيم برامج توعوية للطلاب والمدرسين كما أن دور خطباء المساجد والدعاة لا يقل عن غيرهم حيث لهم الدور الأكبر في توعية المجتمع ولذلك لا بد من إفراد مواضيع خاصة حول تعظيم حرمات الله ومنها هذه الأوراق المهملة..