صراع الأجندات في حضرموت يخرج للعلن
عبدالقادر عبدالله سعد
لاتكاد تهدأ الساحة الحضرمية إلا وتبدأ جولة تصعيد جديدة.. وفي كل مرة يتصاعد الأمر بدرجة أعلى تكاد تصل إلى الانفجار العسكري.
قبل أسابيع زار رئيس ما يسمى بالمجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي حضرموت وألقى خطابا ألمح فيه إلى وجود علاقة بين الأطراف التي لا تتوافق معه مع أطراف خارجية ليخرج بعدها المعني بالتلميح عمرو بن حبريش وهو زعيم حلف حضرموت بهجوم واسع على الانتقالي والزبيدي وما يسمى بمجلس القيادة الرئاسي.
ثم يزور بعدها بن حبريش الرياض، والتقى هناك بوزير الدفاع السعودي ومسئولين سعوديين آخرين.. وقبل عودته قامت قوات موالية للإمارات بحملة اعتقالات لضباط محسوبين عليه في محاولة إماراتية لتحجيم قوته.
بعدها أصدر كيان مسلح موالٍ للمجلس الانتقالي يدعى المقاومة الجنوبية بحضرموت بيانا أعلن فيه استعداده للتصدي لما وصفها بالاعتداءات والتهديدات في ساحل حضرموت.
الصراع في حضرموت ، المحافظة الأكبر في البلاد، لا ينحصر على طرفي الانتقالي وحلف القبائل بل تتداخل فيه الكثير من المشاريع والأجندات وعلى رأسها السعودية والإمارات وهو مايجعل ملف حضرموت معقدا وغير قابل للتنبؤ.
لاتهدئة قريبة في حضرموت بل هو تصعيد مستمر.. لاءات كثيرة حملها بيان اللقاء الموسع لحشد حضرموت يوم السبت الماضي، الذي دعا له حلف قبائل حضرموت برئاسة عمرو بن حبريش وشارك فيه الآلاف من أبناء المحافظة، ليفتح فصلا جديدا من عمر الحراك القبلي والمجتمع في المحافظة.
بيان لقاء حضرموت التاريخي أكد رفض هيمنة ما أسماها “بقية الأطراف” بأي شكل من الأشكال، في إعادة لمطلب الحكم الذاتي الذي بات متداولا في الفترة الأخيرة ويرفعه حلف قبائل حضرموت أثناء فعالياته ولقاءاته على مدار أشهر.
غير أن الجديد في هذا المطلب هو دعوة الإقليم والمجتمع الدولي إلى دعم الحكم الذاتي، في محاولة لنيل اعتراف يضمن تحقيقه ويمنحه القبول في مناطق باتت مسرحا للخارج.
الصراع تتداخل فيه الكثير من المشاريع والأجندات وعلى رأسها السعودية والإمارات
ولم يفوت البيان الدعوة إلى إسعاف حضرموت بالطاقة الكهربائية الكافية في ظل معاناة المواطنين المستمرة من أزمة الكهرباء إلى جانب ما اسماها باستحقاقات حضرموت في مختلف المجالات معلنا في الوقت ذاته مع أي جهة في خدمة المحافظة.
الحشد الأخير ألغى أيضا ادعاءات الانتقالي تمثيل المحافظات الجنوبية أو العبور على معاناتهم لتحقيق أجندات خارجية.
فشل
يرى المحلل السياسي علاء محمد أن رفض الحضارم للانتقالي هو نتيجة متوقعة نظرا لفشل وفساد نموذج الانتقالي في عدن.
ويرى أن ما يحدث في حضرموت سيتكرر في محافظات جنوبية أخرى، من ضمنها عدن وإن طال الزمن.
علاء محمد: مايحدث في حضرموت سيتكرر في محافظات أخرى من ضمنها عدن وإن طال الزمن
ويتوقع علاء أن يستمر عيدروس ومن معه بسياسة التخوين واستخدام القوة والقمع وكتم الأصوات مع الاستمرار في السياسات والممارسات الخاطئة، والإبقاء على النطيحة والمتردية من المطبلين والفاسدين في قوام الانتقالي.
أداء سيئ وتدخلات
الصحفي والناشط السياسي الحضرمي عبدالجبار الجريري يعتبر أن ما يجري في حضرموت هو نتيجة طبيعية للاداء السيئ الذي يقدمه ما يسمى بالمجلس الرئاسي والمجلس الانتقالي.
ويوضح: في يوليو 2024 أعطى تحالف قبائل حضرموت مهلة لتنفيذ والاستجابة لمطالب يراها أبناء حضرموت أنها مشروعة ومن حقهم أن يستجاب لها.
الحشد الأخير ألغى ادعاءات الانتقالي تمثيل المحافظات الجنوبية أو العبور على معاناتهم لتحقيق أجندات خارجية
ويضيف: هذه المطالب تتعلق بتحسين الخدمات في مجال الصحة والتربية والتعليم والطاقة الكهربائية لكنهم لم يستجيبوا لهذه المطالب بل أرسلوا عيدروس الزبيدي إلى المكلا ليطلق التهديدات والوعيد لأبناء حضرموت وحلف قبائل حضرموت الذي يعتبره أبناء المحافظة الوعاء الأساسي لهم والمكون الابرز الذي ينادي ويطالب بحقوقهم.
ويشدد الجريري على أن: المسؤول عن ما يجري حاليا هو ما يسمى بالمجلس الرئاسي ومن خلفهم السعودية والإمارات بتدخلاتهم الدائمة في كل مايجري بالمحافظة.
غياب الدولة
الناشط السياسي أحمد بن هطيف يقول في صفحته الرئيسية على الفيس بأن غياب سلطة ما يسمى بالشرعية و غياب الرؤية السياسية هي بالأساس تؤدي إلى وجود بيئة خصبة لكثير من الصراعات الكيانات والتداخلات والتعقيدات التي يتشبع بها المشهد اليمني في مناطق ما يسمى الشرعية.
ويضيف: غياب الرؤية الواقعية في حضرموت جعلت منها ورقة ضغط تستخدمها الأطراف ضد بعضها.. ومايسمى بالمجلس الرئاسي هو نفسه يحمل مشروعين متضادين.
ويوضح: المطالب في حضرموت بدأت اقتصادية بالدرجة الأولى لتوفير خدمات أساسية رئيسية والمسؤول عن تلبيتها هي الدولة او مايسمى بالشرعية التي هي اصلا غائبة!!!
ويطرح بن طهيف تساؤلات عدة: السؤال الأكبر لماذا تماطل الحكومة؟!! هل لأن هناك عجزاً اقتصادياً.. هل هناك فساد إداري أم أن هناك حسابات أخرى؟!
الانتماء الجامع
في صفحته على الفيسبوك وتحت عنوان ” حضرموت لا تنفصل بل تقود” يقول د. حمود العودي أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء: “في خضم الأزمات المتتالية التي تعصف باليمن وفي وقت تحتاج فيه اليمن إلى لملمة شتاتها وترميم نسيجها الوطني، تخرج دعوات هنا وهناك تطالب بالانفصال أو إعلان حكم ذاتي!! وآخرها ما يُتداول حول سعي محافظة حضرموت الكبير لإعلان شكل من أشكال الحكم الذاتي كدولة مستقلة.. ورغم إدراكنا العميق لحجم المعاناة التي يعيشها أبناء المحافظات جميعها، بمن فيهم أبناء العزيزة حضرموت؛ فإننا نؤمن أن المخرج ليس في التشظي، بل في الانتماء الجامع والحل ليس في التفكك.
د. العودي: تقسيم اليمن إلى دويلات صغيرة لن يجلب الأمن ولا التنمية ويترك الباب مفتوحاً أمام التدخلات الخارجية
ويؤكد الدكتور العودي على أن حضرموت بتاريخها العريق وحكمتها السياسية وثرائها الثقافي والاقتصادي ودورها الوطني في الاستقلال والوحدة ؛ ليست ولن تكون هامشاً في الوطن ..بل أحد وأهم أعمدته المتينة ولا يمكن لليمن أن يستقيم بلاها؛ كما لا يمكن لحضرموت أن تحقق ازدهاراً بعيداً عن محيطها الوطني والإقليمي.
واردف: إن أبناء حضرموت لطالما كانوا صوت العقل ورواد التنمية وشركاء في بناء اليمن لا دعاة للقطيعة والانفصال.
واضاف: إن تقسيم اليمن إلى كانتونات متناحرة أو دويلات صغيرة لن يجلب الأمن ولا التنمية؛ بل يعيدنا إلى دوامات صراع جديدة، ويترك الباب مفتوحاً أمام التدخلات الخارجية والعبث بمصير أجيال كاملة.
ودعا الدكتور العودي كافة القوى السياسية والقيادات المحلية والشخصيات الوطنية في اليمن كلها ومؤتمر حضرموت الجامع ومجلس حضرموت الوطني على وجه الخصوص أن تتحمّل أمام الأجيال مسؤولياتها الأخلاقية والتاريخية وتعمل على إيقاف هذا الانزلاق الخطير نحو التفتت.. ولتكن حضرموت – كعادتها – منارة للحكمة لا ساحة للتجاذبات.
حلف قبائل حضرموت
هو حلف قبلي بدأ نشاطه مدنيا في العام 2013 كرد فعل على تدهور الوضع الأمني والاقتصادي في المحافظة، خصوصًا بعد مقتل الزعيم القبلي الشيخ سعيد بن حبريش برصاص قوات الأمن.
يضم الحلف قبائل وعشائر وبادية وحضر حضرموت، واستمر نشاطه مدنيا صرفا، إلا أن إقالة “عمرو بن حبريش” من منصبه كوكيل محافظة حضرموت الوادي والصحراء دفعه لإحياء الحلف بدعم عماني.
في مطلع أغسطس 2024 بدأ حلف قبائل حضرموت نشر مجاميع مسلحة في عدد من مناطق المحافظة، قامت بفرض نقاط تفتيش في الطرقات في سياق تصعيد آثار قلق السكان.
ويرفع الحلف مطالب بالحصول على حصة من المخزون النفطي في المحافظة، والاعتراف بمؤتمر حضرموت الجامع أسوة بالأطراف الأخرى المشاركة في التسوية الشاملة في البلاد.
يقول الحلف إنه يسعى إلى تحقيق الأمن والاستقرار في حضرموت، وقد تبنى عدة مبادرات لحماية المحافظة من التهديدات الأمنية، بما في ذلك الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة.
للحلف مطالب مستمرة بشأن تقاسم عائدات الثروات النفطية للمحافظة، حيث يطالب بتمكين أبناء حضرموت من الاستفادة العادلة من مواردهم، ويدعو إلى تحسين البنية التحتية والخدمات، ويرفض التهميش الاقتصادي الذي تعاني منه المنطقة.
و “عمرو بن حبريش العليي” هو الشخصية الأبرز في هذا الحلف، وهو أحد أبرز الزعماء القبليين في محافظة حضرموت، وينتمي إلى قبيلة آل كثير، إحدى أكبر قبائل حضرموت، وهو من الشخصيات المؤثرة في المشهد السياسي والاجتماعي في المحافظة.
تولى “بن حبريش” منصب وكيل أول محافظة حضرموت وكان له دور بارز في الشؤون المحلية والإدارية، حيث عمل على تعزيز الوجود القبلي في القرار السياسي والإداري.
عقب إقالته في منصبه كوكيل لمحافظة حضرموت في 2022 انتقل “بن حبريش” إلى النقيض والمعارضة للسلطات المحلية، على رأس “حلف قبائل حضرموت”. مطالبا بتمكين أبناء حضرموت من إدارة مواردهم وأمنهم، ورفض أي تدخلات تؤدي إلى تهميش أبناء المحافظة.
Comments are closed.