بلال نزار ريان: لماذا رفضت حماس شروط الوسيط المصري اليوم؟

رفض وفد الحركة الشروط التي نقلها الوسيط المصري اليوم، بعد أن فوجئ بإضافة مطلب جديد يقضي بنزع سلاح المقاومة، وهو شرط لا يمكن اعتباره خطوة نحو التهدئة، بل يُنظر إليه على أنه وصفة لإبادة جماعية ممنهجة، تُنفذ هذه المرة برعاية عربية ودولية.

بعد نزع السلاح لا قدر الله لن تتوقف الضغوط عند هذا الحد، بل سيُطرح عبر الوسيط “صيغة جديدة” تتضمن تسليم المقاتلين أنفسهم، تمهيدًا لمحاكمتهم والتنكيل بعائلاتهم.
وسيتبع ذلك سلسلة من المطالب التي لا تنتهي: من تفكيك البنية التنظيمية للمقاومة، إلى إخضاع سكان القطاع لرقابة أمنية مشددة، وصولًا إلى إعادة هندسة الحياة السياسية والاجتماعية والإقتصادية بما يضمن شطب روح المقاومة من الوعي الجمعي الفلسطيني.

تزخر التجارب التاريخية الحديثة بأمثلة كثيرة تُظهر أن تسليم السلاح لا يقود إلى الأمان، بل يفتح الباب أمام مجازر جماعية، ففي عام 1982 وافقت منظمة التحرير الفلسطينية على تسوية تقضي بخروج المقاتلين من بيروت وتسليم أسلحتهم، لكن ذلك لم يمنع وقوع واحدة من أبشع المجازر في التاريخ الفلسطيني، حين ارتكبت ميليشيات موالية لإسرائيل مجزرة صبرا وشاتيلا، التي أودت بحياة آلاف المدنيين وسط صمت دولي وعربي مخزي.

وفي سربرنيتسا عام 1995 سلّم المدنيون والمقاتلون المسلمون في البوسنة أسلحتهم تحت إشراف قوات دولية، اعتقادًا بأنهم سيكونون في مأمن. إلا أن النتيجة كانت مذبحة مروعة قُتل فيها أكثر من 8000 شخص على يد القوات الصربية.

انطلاقًا من هذه الشواهد، ترى حماس أن ما طُرح اليوم من قبل الوسيط المصري ليس سوى محاولة لفرض الاستسلام تحت غطاء وساطة شكلية وتعتبر الحركة أن هذه الشروط تمثل امتدادًا للرؤية الأمريكية-الإسرائيلية الساعية إلى سحق المقاومة وفرض واقع جديد في غزة بالقوة.

 

*كاتب فلسطيني

Comments are closed.

اهم الاخبار