عاصم السادة: الدبلوماسية العربية.. وبروتوكولات الصهاينة
غاب مشروع الشرق الأوسط الجديد المفترض عند العرب بتحرر فلسطين من الاحتلال، وحضر لدى الكيان الصهيوني بشكل مغاير وفج يهدد المنطقة برمتها ويبتلع ما تبقى من أرض فلسطين وما بعدها وجاورها وتحقيق حلم “إسرائيل الكبرى”!!
تظن الدول العربية أن “الدبلوماسية” لوحدها هي الخيار الناجع لكبح جماح الطموح الصهيوني التوسعي في المنطقة، وحل القضية الفلسطينية وإعادة حقوقهم المسلوبة، فلو أن الأمر كذلك لكان قبل 75 عاماً عقب اتفاق أوسلو، وبالتالي فإن رهان العرب على “الدبلوماسية” فحسب، في أجنداتهم تجاه مصيرهم المشترك، حتما سيجعلهم لقمة سائغة لنهم الصهيونية، وما يبدو أن العقلية العربية لا تعي الدروس إلا بعد فوات الآوان، وعندما يقع الفأس على الرأس.
أن يبقى العرب في خانة دول “عدم الانحياز” تجاه قضاياه وتتصرف كل دولة منها بشكل منعزل عن هموم الأخرى لاسيما فيما يمس السيادة والأمن والاستقرار وفق مقولة: “أنا رب إبلي وللكعبة رب يحميها”، فإنها لن تسلم من غدر الثعالب وسموم الأفاعي، وستسقط في المستنقع ذاته التي غرقت فيه سابقتها طال الأمد أو قصر.
ولعل فلسطين مثال حي لكل ذلك، خاصة في غزة التي تباد بآلة الحرب الصهيونية بمساندة الغرب بزعامة أمريكا، بينما الدول العربية والإسلامية، لم يكن لها موقف مؤثر وجامع بالشكل الذي يجب لوقف حرب الإبادة الجماعية في غزة، وتفرض معادلة توازن رادعة لجنون الصهاينة، بالتزامن مع المسار الدبلوماسي الذي تمارسه الدول العربية مع هكذا كيان محتل لا يراعي أي مرونة سياسية أو تفاوضية أو اتفاقات، وما يحدث خير شاهد على عنجهية الصهاينة في نكث الاتفاقيات واستمراء الحرب وارتكاب أبشع الجرائم الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
لن يلتزم الكيان الصهيوني بأي معاهدة أو اتفاق مع العرب ما لم يكن هناك عصا غليظة بأيديهم يحسب لها ألف حساب وتكون منعة لهم تحميهم من غطرسة وبطش إسرائيل، وتجعلها تحجم عن طموحاتها وأطماعها الواهية في أرض العرب وثرواته وبحاره وموانئه وكل مكتسباته ومقدراته.
وما يحتاج إليه العرب في الحاضر والمستقبل هو حكماء لمواجهة “بروتوكولات حكماء الصهاينة” وافشالها والحد من توغلها في المجتمع العربي كونها باتت واقعاً مؤسفاً نعيشه من حالة تشرذم وانقسام وصراعات بينية وهوان وانسلاخ للمبادئ والقيم، فلا يزال أمام العرب مساحة للوقوف بقوة صفاً واحداً لحماية أوطانها من عدو يتربص بهم، بعيداً عن العناوين الخبيثة والرائجة التي طفت على السطح في العقود الأخيرة بهدف اغواء المجتمع العربي عن قضاياه الرئيسية وطموحاته الكبيرة التي بإمكانه أن يكون في مستوى المنافسة العالمية، حيث وأنه يمتلك كل المقومات لبلوغ المراتب العليا.
Comments are closed.