متلازمة ما بعد رمضان: أ.د. رضوان احمد النجار *
(تحل بالصبر مع جسدك وعقلك – فهما يحتاجان إلى الوقت للتعافي والتكيف).
رمضان، الشهر التاسع في التقويم القمري الإسلامي، له أهمية عميقة في الإسلام. إنه وقت للصيام والصلاة والتأمل. كلمة “رمضان” مشتقة من الجذر العربي “رمض”، بمعنى “الحرارة الشديدة”. وهذا يعكس الروحية والانضباط الذاتي المرتبط بالشهر. رمضان هو الوقت المناسب للمسلمين لتطهير أنفسهم وممارسة ضبط النفس وتعميق ارتباطهم بالله. ويؤكد على الامتنان والرحمة والمجتمع، فضلاً عن أهمية مساعدة المحتاجين.
إن التغييرات الجسدية والعاطفية التي يمر بها الناس بعد شهر رمضان المبارك تسمى “متلازمة ما بعد رمضان”. خلال شهر رمضان، يمكن للصيام من الفجر إلى غروب الشمس أن يغير أنماط النوم وعادات الأكل ومستويات الطاقة. بمجرد انتهاء شهر رمضان، قد يحتاج الجسم والعقل إلى وقت للتكيف مع الروتين المنتظم.
يقدم شهر رمضان إيقاعًا فريدًا للحياة اليومية، والصيام من الفجر إلى غروب الشمس يؤثر بشكل عميق على الأنماط الجسدية والعاطفية والروحية. فيما يلي نظرة أعمق على كيفية حدوث هذه التغييرات ولماذا يعد إعادة التكيف ضروريًا بعد انتهاء شهر رمضان:
أنماط النوم
خلال شهر رمضان: يظل العديد من الأشخاص مستيقظين حتى وقت متأخر من الليل لأداء صلاة التراويح أو السحور أو التأمل الشخصي، مما يؤدي إلى نوم متقطع. قد يتم أخذ قيلولة قصيرة أثناء النهار، ولكن غالبًا ما يتم تعطيل جدول النوم العام.
التكيف بعد رمضان: قد يكون العودة إلى دورة النوم النموذجية أمرًا صعبًا. قد يكون الجسم معتادًا على الاستيقاظ للسحور أو البقاء مستيقظًا حتى وقت متأخر، مما يؤدي إلى التعب أثناء النهار.
عادات الأكل
خلال شهر رمضان: يتكيف الجسم مع الصيام لساعات طويلة، ويستهلك الطعام مرتين فقط في اليوم (السحور والإفطار). غالبًا ما تكون الوجبات غنية ويتم تناولها بسرعة بعد الإفطار، مما قد يغير عملية التمثيل الغذائي.
التكيف بعد رمضان: يتطلب تناول الطعام أثناء النهار مرة أخرى إعادة التكيف من الجهاز الهضمي. قد يؤدي الإفراط في تناول الطعام أو اختيار وجبات ثقيلة مباشرة بعد شهر رمضان إلى الشعور بعدم الراحة أو الانتفاخ.
مستويات الطاقة
خلال شهر رمضان: قد تتقلب مستويات الطاقة بسبب نقص الطعام والماء خلال النهار. يشعر العديد من الأشخاص بانخفاض في الطاقة في منتصف فترة ما بعد الظهر ولكنهم يكتسبون دفعة بعد الإفطار.
التكيف بعد رمضان: يحتاج الجسم إلى إعادة تعلم كيفية توزيع الطاقة طوال اليوم. قد يستغرق الأمر بعض الوقت لاستعادة القدرة الكاملة على التحمل والتكيف مع تدفق الطاقة المستمر.
الأبعاد العاطفية والروحية
خلال شهر رمضان: الشهر غني روحياً، مع زيادة التركيز على الصلاة والتأمل الذاتي والمجتمع. يمكن أن يؤدي هذا إلى الشعور بالهدف والوفاء.
التكيف بعد رمضان: بعد الأجواء الروحانية المشحونة في شهر رمضان، يشعر بعض الناس بالفراغ أو الخسارة. يمكن أن يؤثر غياب الأنشطة الروحية المنظمة على الرفاهية العاطفية.
الساعة البيولوجية (الإيقاع اليومي)
خلال شهر رمضان: تتغير الساعة الداخلية للجسم بتناول الطعام قبل الفجر والصيام أثناء النهار. قد يؤثر هذا التغيير على إنتاج الهرمونات، بما في ذلك تلك التي تنظم النوم والشهية والمزاج.
التكيف بعد رمضان: يحتاج الإيقاع اليومي إلى وقت لإعادة ضبطه إلى حالته قبل رمضان، مما يؤدي إلى الشعور المؤقت بالارتباك.
“إدارة متلازمة ما بعد رمضان”
تتضمن تقلبات المزاج بعد رمضان مزيجًا من الرعاية الجسدية والعاطفية والروحية. فيما يلي بعض الاستراتيجيات الفعّالة للمساعدة في الانتقال:
– تنظيم نمط نومك: قم بتعديل روتين وقت النوم والاستيقاظ تدريجيًا لتثبيت دورة نومك. يعد النوم الجيد مفتاحًا للاستقرار العاطفي.
– العودة إلى عادات الأكل ببطء: تجنب الإفراط في تناول الأطعمة الغنية. اختر وجبات متوازنة من الحبوب الكاملة والبروتين الخالي من الدهون والفواكه والخضروات للحفاظ على طاقتك ومزاجك ثابتين.
– الحفاظ على رطوبة الجسم: يمكن أن يؤثر الجفاف على الحالة المزاجية، لذا تأكد من شرب الكثير من الماء طوال اليوم.
– الانخراط في النشاط البدني: يمكن أن تعمل التمارين الخفيفة مثل المشي والتمدد على تحسين مزاجك عن طريق إطلاق الإندورفين وتقليل التوتر.
*عميد كليه الطب البشري جامعة الجيل الجديد
Comments are closed.