عبدالباري طاهر: ضعف القمة وتغول إسرائيل

القمة العربية اختزلت منذ البدء في دول الخليج التي تربطها علاقات متينة بأمريكا والتي لا تستطيع تجاوز إرادتها، وسمت اجتماعها باللقاء التشاوري، والأخوي؛ بمعنى أن ما ستخرج به ليس إلا مشورة. والمشورة الإسلامية استئناس بالرأي، وليست ملزمة حتى لأصحابها. استبعدت من التحضير الدول التي قد يكون لها رأي مخالف: الجزائر، وتونس. أما مصر ففي موقف حرج؛ فهي صاحبة الخطة البديلة لخطة ترامب ونتنياهو، وتدرك هي والأردن أنهما المستهدفان، ويريدان من القمة الحد الأدنى من التأييد.

السلطة الفلسطينية كل ما تريده هو الإقرار الشكلي بشرعيتها، واستبعاد حماس، وترى في حماس خطرا أكثر من إسرائيل.

لم تحضر الجزائر ولا تونس؛ لاستبعادهما من التحضير للقمة، والاستبعاد مقصود طبعًا، ولم يحضر محمد بن سلمان- ولي عهد السعودية، واللقاء وراعي الخطة.

جزء من قوة الخطة والخطاب حضور القيادة، وغيابها يعني -فيما يعني- ضعفها؛ فتكون الخطة ضعيفة مرتين.

الأولى: أنها رأي إخوة، واستشارة وليست ملزمة، وثانيًا: تغييب الأطراف العربية المتبقية من الحكم العربي الذي قد يعارض؛ وهي الجزائر وتونس.

وثالثًا: غياب محمد بن سلمان- المهندس الأصلي محمد بن سلمان عنها. فغياب بن سلمان، وتغييب الجزائر وتونس ليس بلا معنى. فعدم الإتيان على ذكر حماس (قيادة المقاومة)، والحديث عن استبعادها، ونزع سلاحها يفسر كاسترضاء لأمريكا وترامب، وإسرائيل.

لاحظ معلقون سياسيون ومراقبون تجنب الإشارة إلى حرب الإبادة، ومنع نشاط الأونروا، وعدم إيصال المواد الغذائية والأساسية، وأن خطاب الأمين العام للأمم المتحدة، وممثل الاتحاد الأوروبي كان أقوى من خطاب زعماء القمة العربية. صحيح أن خطابات زعماء القمم العربية تهريج، وتولد ميتة، ولكنها في القمة الاستثنائية في القاهرة ٤ مارس كانت باهتة ولا تعني شيئا.

كانت الإشارة الوحيدة إلى جرائم الحرب، وقرار محكمة الجنائية الدولية هي ما ورد في خطاب ممثل دولة عمان. العبء كله الآن بعد انفضاض السامر ملقى على مصر والأردن، أما فلسطين فلها الله.

قمتان عربيتان وإسلاميتان في السعودية، ولقاءات وقمة استثنائية في مصر تعجز كلها عن إيصال كرتون ماء لمليوني فلسطيني يموتون بالتجويع والعطش. وربما كان خطاب الرئيس اللبناني هو الأكثر شجاعة وصدقًا؛ فتدمير العراق وسوريا، وإدارة الظهر لفلسطين ولبنان، والتشارك في الحرب على ليبيا والسودان واليمن نتيجتها الكريهة ما وصلنا إليه اليوم.

يريد ترامب ونتنياهو الاستيلاء على غزة، وتهويد الضفة، وتهجير مهجري ٤٨ و٦٧، وتهديد مصر والأردن، وإلقاء التبعة، وعواقب ما يجري على الحكم العربي، وستفرض الإبراهيمية على الجميع والإرغام على التطبيع، وهيمنة إسرائيل على المنطقة العربية كلها.

وهل الجوانب الإيجابية في القمة رفض التهجير، ورفض تملك ترامب لغزة، وإعادة التعمير ستجد طريقها للتنفيذ، والصمود أمام الحرب؟

ما يريده ترامب واليمين التوراتي الصهيوني أكبر من أوهام أصدقاء أمريكا، ووعد الدولتين.

الكارثة أن انكشاف الضعف العربي يقوي التوغل الإسرائيلي، وتهور ترامب.

Comments are closed.

اهم الاخبار