عبدالله علي صبري: إسرائيل عـصـابة إجرامية عالمية لها جيش ودولة

 

  • في يونيو 2024 ومع ذروة احتدام معركة طوفان الأقصى، والعدوان الهمجي الصهيوني على غزة، وإثر استقالة بيني غايتس من مجلس الحرب، نقلت وسائل الإعلام أن مجرم الحرب ورئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو هاجم قادة جيش الاحتلال، وقال إنّ “إسرائيل دولة لها جيش لا جيش له دولة”.

أراد نتنياهو أن يصحح نظرة العالم تجاه حقيقة أن في إسرائيل جيش يمتلك الدولة ويهيمن على مواردها وقراراتها، والزعم بأن في هذا الكيان الغاصب دولة لها جيش وليس العكس، وهو ما يكشف إلى مدى تهيمن حدة الخلاف بين حكومة الكيان وجيش الاحتلال، ليس فيما يتعلق بإدارة المعركة العسكرية الإجرامية في غزة فحسب، ولكن بخصوص النفوذ الكبير للمؤسسة العسكرية والأمنية وهيمنتها على مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الداخل الإسرائيلي، وما تقوم به الحكومة من محاولات للحد من نفوذ الجيش وسطوته عبر تحميله مسؤولية الهزيمة العسكرية والاستخباراتية في 7 أكتوبر 2023، التي تجرعها الكيان ويعيش مرعوبا من تكرارها قادم الأيام.

وفي الواقع إن جيش الاحتلال يتمتع بدور كبير ومكانة أكبر منذ تخلق هذا الكيان السرطاني في جسد الأمة العربية، وقيام عصابات اليهود الإرهابية والمسلحة بتهجير الشعب الفلسطيني بمختلف وسائل العنف والإكراه تحت دعم ونظر الانتداب البريطاني وقرارات الأمم المتحدة، ثم من خلال الدعم الأمريكي الكبير والمتواصل، الذي بلغ ذروته خلال الأشهر الماضية.

ظهرت ” الهاجاناه ” عام 1921، ومنها تشكلت النواة الأولى لجيش “إسرائيل” عام 1948، وتنامى دور هذه العصابة وأخواتها بشكل مضطرد بعد أن أصبحت الجيش الذي تصدّر المواجهة المسلحة مع الفلسطينيين والعرب، وبعد أن تولت هذه العصابات المسلحة المهام التأسيسية لدولة بني صهيون، وعملت على ترسيخ الثقافة الدينية الصهيونية كأساس للمشروع التوسعي واحتلال الأراضي في فلسطين وخارج فلسطين.

وللأسف الشديد فقد حظيت الدولة الإجرامية وعصاباتها باعتراف الدول الكبرى وبدعم كبير من معظمها، الأمر الذي ساعدها على هزيمة العرب في أغلب المواجهات العسكرية، وهو ما عزز مقولة أن إسرائيل الجيش الذي لا يقهر. ومثلما كان لهذه المقولة تأثيرها على الجيوش العربية، فقد كانت ضمن العوامل  المباشرة التي منحت جيش الاحتلال قوته المتنامية في الداخل الإسرائيلي، الذي ظل ينظر إلى هذا الجيش ويتعامل معه باعتباره مؤسس الكيان وخط الدفاع الأول والأخير عنه، ما أدى إلى تبلور وضعية شاذة غدا فيها الجيش هو الدولة والحكومة، وأضحت عصابات وجنرالات هذا الجيش بمثابة البقرة المقدسة التي لا يجوز المساس بها أو حتى الاقتراب منها.

وما منح جيش الاحتلال هذه المكانة المقدسة، أن غالبية المسؤولين المدنيين في مختلف الأجهزة الحكومية، خدموا في الجيش قبل التحاقهم بالجامعات أو بسوق العمل، كون الخدمة العسكرية إجبارية على كل الشباب في سن الـ 18. علما أن خدمة التجنيد الإجباري ليست مقتصرة على التدريب العسكري، بل تشتمل كذلك على أنشطة وبرامج ثقافية ومعنوية بهدف صياغة الهوية المشتركة، لقطيع المستوطنين وقياداته السياسية والعسكرية.

هذه العصابات تسيطر كذلك على الصناعات العسكرية وما يرتبط بها، ما أضاف لها مجالا واسعا في إدارة الشأن الاقتصادي، واستغلال الأموال والثروات المرتبطة بموازنة وعائدات مصانع التصنيع العسكري.

لكن مع معركة طوفان الأقصى فإن صورة هذا الجيش الذي ارتكب جريمة القرن والإبادة الجماعية، دون أن يرف لأي من عصاباته جفن، قد تراجعت بشكل غير مسبوق، على مستوى الداخل والخارج، وقد بات العالم يعرف جيدا إن في إسرائيل عصابات إجرامية لها جيش ودولة وليس العكس.

 

2025-2-24

 

Comments are closed.

اهم الاخبار