د. سامي عطا: سلطة الفساد وخدمة الكهرباء في عدن

الخلل في اقتصاد المناطق المحتلة هيكلي، سببه الرئيسي الفساد المتفشي، واستحواذ فئة عريضة من الفاسدين على الإيرادات لحساباتهم الخاصة، الأمر الذي يؤدي إلى انهيار العملة باستمرار، وضعف قيمة الريال يؤثر على قطاعات اقتصادية وخدمية عدة، وعلى رأسها خدمة الكهرباء، بينما سلطة الفاسدين تتهرب من اتخاذ إجراءات اقتصادية جوهرية، ودائماً تلجأ إلى اتخاذ حلول ترقيعية تضاعف الأعباء على الناس.

وإذا أخذنا مشكلة الكهرباء، ففي ظل الانهيار المتواصل للعملة تزداد أسعار المشتقات النفطية بـ”الريال القعيطي”، وهذا الأمر يؤدي إلى ارتفاع الكلفة التشغيلية لمحطات الكهرباء باستمرار، وحكومة الفاسدين لا تجد من سبيل سوى رفع سعر كيلووات الكهرباء على المواطنين، وآخر ما تفتقت عنه رفع سعر الخدمة التجاري من 100 إلى 150 ريالا على الكيلووات، وعلى أساس أن هذه السلطة رؤوفة بالناس، لأنها لم تمس أسعار الخدمة على المنازل، بينما الزيادة المقررة على القطاع التجاري سيؤدي إلى زيادة في أسعار البضائع أيضاً، وهذه أعباء على الناس.

وإذا سلمنا جدلاً بأن هذا الإجراء سيغطي الكلفة التشغيلية لمحطات الكهرباء في ظل سعر مشتقات الطاقة الحالية بالقيمة الحالية لـ”الريال القعيطي”، ولما كانت قيمة الريال في تدهور وانهيار مستمر أمام العملات الأخرى، فماذا ستفعل سلطة الفساد حينها؟! فهل ستذهب إلى رفع سعر الخدمة مرةً أخرى؟!

بالمختصر، الفاسدون لا يمكن أن يتخذوا إجراءات اقتصادية جوهرية تمس بؤر الفساد، ولا يعرفون إلا اتخاذ إجراءات تزيد أعباء الناس ويتجنبون أي إجراءات تمس هوامير الفساد.

قد يقول البعض إن سعر الكيلووات الكهرباء في مناطق صنعاء تبلغ في المتوسط حوالي 250 ريالا في المحطات التجارية، وأظن في محطات الحكومة أقل قليلاً من هذا السعر، وهذه التسعيرة المرتفعة عن تسعيرة قبل العدوان لها أسبابها التي لا تخفى على أحد؛ لكنها تسعيرة ظلت ثابتة نسبياً لم تشهد تغييرا منذ سنوات بسبب ثبات سعر العملة.

ولهذا يمكن القول: عندما تدير الشأن العام سلطة الفاسدين، فإنها لن تفضي إلى استقرار العملية الاقتصادية مطلقاً، بل إن إدارتها تتسم بالفوضى الدائمة وانعدام الأمان والاستقرار، مهما توفرت لديها من إمكانيات ومقدرات. نقطة آخر السطر.

Comments are closed.