رامي فارس الهركي*
كما هو الحال في روايات الكاتب إبراهيم عبد المجيد التي تشكل ذاكرة مصرية معيشة ومعاصرة نجد بين أيدينا في «بيت الياسمين» عملا أدبيا متكاملا من حيث البنية اللغوية والسردية والفكرية، كتبه عبد المجيد بين عامي 1984 و1985.
«بيت الياسمين»، رواية عن شخص يدعى شجرة محمد علي، شخصية من عامة الشعب يعيش في الإسكندرية حيث زمن ومكان الرواية.
الرواية ذات طابع اجتماعي واقعي تتناول حياة المصريين في فترة ما بعد حرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول، وتحديداً في عهد الرئيس السادات وسياسة الانفتاح الاقتصادي. تدور أحداثها حول مجموعة من الشخصيات التي تعيش في حي شعبي في الإسكندرية، وتتابع الرواية تحولاتهم وتفاعلهم مع التغيرات التي شهدها المجتمع المصري في تلك الفترة.
يعمل بطلنا في أحد المعامل المختصة في السفن في الإسكندرية، حيث يتم توكيله بالخروج مع العمال في مسيرات استقبال للزيارات التي يقوم بها الرئيس المصري الراحل أنور السادات إلى الإسكندرية، ومنها زيارة السادات برفقة الرئيس الأمريكي نيكسون. بطلنا يعيش إحساس الحرمان من كل شيء حتى من النساء وهذا ما يشكل لديه هاجسا بأن أيامه تسير من غير تغيير وليس هناك آمال تلوح في الأفق، بالإضافة إلى شخصية «شجرة»، تستحضر الرواية ثلاث شخصيات أخرى هم أصدقاؤه المقربون الأول يحلم بأن يسافر إلى أوروبا، ثم أمريكا ويكبر وتكبر معه أحلامه ولا أمل بالخروج والثاني يتزوج بعد وفاة أبيه، أما الثالث فيقرر السفر للعراق للعمل، وهناك يتطوع مع الجيش العراقي لمحاربة إيران لتنقطع أخباره في ما بعد.
إن الوحدة التي فرضت على بطلنا بعد وفاة والدته وبيعه لبيت العائلة وانتقاله إلى شقة في بناية خالية شبه مهجورة، أغلب مستأجريها في الخليج، ولا يأتون إلا بشكل متباعد وفي الصيف، وبحثه المستمر عن امرأة للزواج، كل هذه العوامل مجتمعة كان لها تأثير سلبي على شجرة حتى أصبحت الوحدة رفيقه الدائم وبالأخص في ليالي الشتاء الطويلة.
يتم ترشيح صاحبنا لنقابة العمال ليعيش بعد ذلك مع العمال ومشاكلهم، التي لا تنتهي بين حاجات العمال وأمورهم ومشاكلهم المعقدة ومصالحهم المعطلة حتى يشعر في لحظة عابرة بالإنهاك والانهيار نتيجة التعب والركض وراء مصالح العمال، ما يدفعه إلى تقديم استقالته من رئاسة النقابة ليفكر بعد ذلك جديا بالزواج حتى يتزوج أخيرا من امرأة كانت من اختيار صديقه المقرب…
- كاتب عراقي