تسعى إسرائيل من خلال هجماتها المتكررة إلى فرض معادلة ردع جديدة وإثبات قدرتها على التدخل في أي مكان ترى فيه تهديدًا لمصالحها. إلا أن تكرار استهدافها لنفس الأهداف باستخدام الوسائل والأساليب ذاتها، دون تحقيق تغييرات جوهرية في موازين القوى، يكشف عجزًا واضحًا في تحقيق معادلة الردع التي تطمح إليها والقدرة على فرض إرادتها بشكل حاسم.
في بعض الأحيان، يكون “الصمت الاستراتيجي” أكثر جدوى من الردود المتكررة، إذ يمنع منح الطرف الآخر (اليمن) فرصة لتعزيز صورته كند قوي ومتماسك. إلا أن غرور القوة وأوهام الهيمنة يدفعان إسرائيل إلى قرارات تضعف موقفها أكثر مما تعززه، خصوصًا عندما تُقابل هجماتها بردود غير تقليدية وغير متوقعة من صنعاء، التي أثبتت مرارًا قدرتها على الصمود والمناورة ، وإدارة المواجهة بأساليب تفوق توقعات خصومها.
على المستوى الإستراتيجي، هذا النهج المستمر لا يضعف فقط صورة إسرائيل كقوة إقليمية “لا تُقهر”، بل يُبرز أيضًا صلابة الموقف اليمني، الذي يبدو أنه ينجح في استنزاف الخصم على المستويات النفسية والسياسية والعسكرية والاقتصادية. وفي الواقع، فإن ردود إسرائيل حتى الآن، بدلًا من تحقيق الردع، تُظهر عجزها، وتبدو كأنها تخدم صنعاء وتعزز مكانتها أكثر مما تُحقق أي مكاسب ميدانية أو استراتيجية لصالح تل أبيب.