دعونا من الخلاف حول أدوات تنفيذ القتل للرئيس إبراهيم الحمدي، فالإجماع المتحقق هو أن النظام السعودي هو من استهدف الرئيس الحمدي، لأن الحمدي تطلع للسيادة والاستقلالية فيما النظام السعودي لا يقبل إلا باستمرار وصايته على اليمن.
الآن كل الأطراف والأطياف تردد النشيد الوطني الذي آخر مقطع فيه عبارة “لن ترى الدنيا على أرضي وصيا”، والكل يعرف أن المقصود بذلك “الوصاية السعودية” والإصرار على رفضها..
مرتزقة السعودية والإمارات يرددون مثلنا “لن ترى الدنيا على أرضي وصيا” وهم في ذات الوقت لا هدف واضح لهم أوضح من إعادة الوصاية السعودية، وبالتالي فالذي كتب بإبداع وتميز هذا النشيد الوطني لم يكن يعرف ويعاني غير الوصاية السعودية ولم يكن القصد لا وصاية إيران ولا السوفيت ولا الشيوعية اللينية أو الماويّة مثلاً.
لكنه قدر اليمن أن كل من يخرج من الحكم أو ينهزم كطرف في صراعات اليمن يذهب إلى اصطفاف النظام السعودي، وربطاً بذلك يصبح مع هذه الوصاية وينتقل من النضال ضد الوصاية السعودية إلى نضال معها ومن أجلها ومن أجل عودتها.
الطبيعي من مرتزقة النظامين السعودي الإماراتي وقد تحولوا إلى مناضلين من أجل ومع الوصاية السعودية أن يبحثوا عن أي مخارج وتخريجات للتغطية ليس فقط على عمالتهم وارتزاقهم بل على خيانتهم.
وإذا الزبيدي عيدروس صرح بأن ما كان بين بريطانيا واليمن الجنوبي كان شراكة وبريطانيا لم تكن استعمارا أو استعمارية في اليمن وغيرها فالأسهل على هؤلاء إنكار أي وجود للوصاية السعودية، والشراكة في قتل الحمدي هو تنفيذ للوصاية وليس من أجل سيادة واستقلال ومن أجل استمرار الوصاية..
هؤلاء ساروا في عناوين مشروع إمامي ومشروع إيراني ولكنهم لم يترددوا حتى في وصم الشعب اليمني بـ “المجوسية”، مع أنه عرف اليمن في تاريخه بتأكيد النص القرآني أنه حين البحث عن الإله يرفع رأسه صوب السماء ولم يعبدوا النار كما المجوسية، ولم يعبدوا الأوثان كما أعراب مكة ومحيطها فيما باتت تسمى السعودية.
منذ الاتفاق الإيراني السعودي برعاية الصين لم يعد هؤلاء يتحدثون عن مجوسية اليمن حتى عن مجوسية إيران وهذا يثبت نفاق المرتزقة وماهية الأنفاق والسراديب التي باتت المأوى والمخرج كعملاء ومرتزقة ليس أكثر.
عنوان الوصاية الإيرانية أو المشروع الإيراني فاقدة التأثير في الواقع لم تعد تستحق مجرد التفاف لها، ولكن وسائل إعلام المرتزقة بدأت تتحدث عن روسيا وتحالفها أو تواطؤها لتسليح صنعاء، ومثل هذا يعني أن العناوين الأولى استهلكت كالمشروع الإيراني والإمامي، ولكنه في الأهم يرتبط بالمشروع وبالتحرك الأمريكي ربطاً ببريطانيا والصهاينة تحديداً.
فمسألة مشروع إيراني أو إمامي لم تعد تصب في صالح الصراع العالمي من منظور أمريكا إسرائيل، وفي ظل حقيقة أن النظام السعودي كأنما لم يعد يعنيه ما عرف بالإلحاد السوفيتي ومن ثم الإلحاد الصيني فكأنما باتت أمريكا تحتاج حتى إلى مرتزقة اليمن للحديث عن دور لروسيا في تسليح صنعاء أو أنصار الله.
يحدث هذا في الوقت الذي تستعد روسيا لفتح سفارة لها في عدن وفق إعلام المرتزقة، وفي هذا السياق أذكّر وأعيد التذكير بتصريح وزير خارجية روسيا “لافروف” الذي قال فيه إن مشكلة البحر الأحمر لا تحل عسكرياً وإنما من خلال الدبلوماسية والحوار.
لا معلومات لدي عن التسليح ولكن الذي أعرفه هو أن المرتزقة وإعلامهم ظلوا في كل فنون وجنون “إيران” ولا يتعاملون ويرفضون التعامل مع فرضية روسيا أو حتى الصين في مسألة التسليح لاعتقادهم أن ذلك سينسف ما ظلوا يركزون ويرتكزون عليه وهو مشروع إيران وصواريخ إيران لإنهم لا يبررون أمركتهم وصهينتهم إلا بـ”المشروع الإيراني”.
ولهذا تبدو استجابتهم للطلب أو الأمر الأمريكي كإنما تمارس بقلق وحذر، لأنهم ببساطة يعتقدون أن التوسع في طرح فرضية روسيا أو الصين في موضوع التسليح سينسف ركيزتهم ومرتزكهم.
لاحظوا بالمقابل أن صنعاء أو أنصار الله لم تهتم بمسألة فتح روسيا سفارة في عدن أو استعدادها لذلك وكأن الأمر لا يعنيها، لأن الواثق من نفسه ومن يختط الاستقلالية والسيادة تصغر الكبائر في عينه وفق قول الشاعر وتكبر في عين الصغير صغارها ـ وتصغر في عين الكبير الكبائر!!.