حاوره/ خالد يحيى الصايدي
أثنى ممثلُ “حركة المقاومة الإسلامية حماس” في اليمن معاذ أبو شمالة على موقف اليمن والقوات المسلحة اليمنية واصفا هذا الدور بأنه “المثال الأنصع في تحدي الإدارة الأمريكية الظالمة وقراراتها”، مؤكداً على دور اليمن كداعم رئيسي للقضية الفلسطينية والمساندة لمعركة طوفان الأقصى والفتح الموعود.
وتحدث ابو شمالة في حوار خاص أجرته معه “الوحدة” عن التطورات السياسية والإنسانية في قطاع غزة، وعن قدرات المقاومة ومسار المفاوضات وجانب من الآلام القاسية التي يتجرعها الشعب الفلسطيني بغزة والضفة في ظل جرائم العدو، معلقا على مواقف الأنظمة العربية والمجتمع الدولي من العدوان الاسرائيلي على غزة، وأيضا موقف الحركة من استمرار العدوان واغتيال قياداتها فإلى تفاصيل الحوار:
- كيف تنظرون إلى استشهاد القائد يحيى السنوار؟ .. ما موقفكم وما هي التداعيات المحتملة لهذا الحدث على حركة حماس وعلى المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي؟
عاش القائد يحيى السنوار كل مراحل حياته مجاهداً، فكان بطلاً في حياته وبطلاً في سجنه، ثم شاء الله أن تُختم حياته بالشهادة والتي يتمناها كل مؤمن مجاهد حر، فكانت طريقة استشهاد القائد يحيى السنوار أيقونة ومثالاً للنضال والمقاومة وبكل الوسائل وحتى آخر لحظة، وواهم العدو أنه بقتله للقادة يحطم الحركة، بل إنه يسرع من وصولها للنصر لأن استشهاد القادة يزيد المقاومين عزيمة وإصراراً على المضي في الطريق وبذل أقصى الجهد حتى تتحقق الأماني التي جاهد واستشهد من أجلها القادة، وهي تحرير فلسطين وعودة الأسرى والحرية والاستقلال.
استشهاد السنوار في أرض المعركة أخرس الأعداء وجعل منه أيقونة للنضال والمقاومة
عصية على الانكسار
- بعد مرور عام على عملية “طوفان الأقصى” كيف تقيمون الوضع العسكري في قطاع غزة؟ .. وما هي أبرز الإنجازات التي حققتها المقاومة خلال هذه الفترة؟ وأيضا حجم الخسائر في صفوف العدو؟
انطلقت عملية طوفان الأقصى في 7/10/2023 وها هي تكمل عاماً من الجهاد والمقاومة متحدية الترسانة العسكرية لجيش الاحتلال ومن يدعمه وبكل قوة، فلا زالت المقاومة بخير بفضل الله توقع الخسائر في جيش العدو الصهيوني في الجانب البشري والآليات وتقصف المدن المحتلة بالصواريخ، ولا زالت ثابتة في الميدان تفشل خطط العدو التي أعلنها عندما بدأ حربه الإجرامية على قطاع غزة، وهي سحق حماس والمقاومة وإعادة الأسرى، وها نحن وبعد أكثر من عام لا زالت حماس عصية على الانكسار، وبالرغم من الدمار الهائل في قطاع غزة البطلة، ولم يستطع العدو تحرير أسراه أحياء، وكل ذلك مؤشر أن المقاومة لا زالت تملك قوة لم يستطع العدو الوصول لها، بل يتكبد يومياً الخسائر ونحن نسمع يومياً اعتراف العدو بقتل وجرح جنوده، ونحن نعلم أن الأرقام التي يعلنها العدو أقل من الحقيقة، ولا زالت تعلن المقاومة وبالصور عن تحطيم قدرات جيش العدو والحمد لله، وإن كان العدو استطاع الدخول لبعض المناطق فإنه من المستحيل عليه البقاء فيها بل يسارع بالانسحاب منها.
حماس لا تزال عصية على الانكسار والمقاومة تملك قوة لن يستطيع العدو الوصول إليها
وضع إنساني كارثي
- ما هو الوضع الإنساني في قطاع غزة في ظل استمرار الحصار؟ ..وما الذي قدمته الأمم المتحدة والمنظمات الدولية أو المجتمع الدولي من مساعدات وإغاثة لتخفيف معاناة السكان هناك؟
الوضع الإنساني لأهلنا في قطاع غزة كارثي ومؤلم، فهذا الشعب العظيم الذي أفشل بصموده مخططات العدو في التهجير وإفراغ الأرض بحاجة إلى الإغاثة الإنسانية الشاملة في جميع المجالات الغذائية والطبية والمهنية وكل ضرورات الحياة ليستمر الصمود والثبات، وهذا حق وواجب علينا كمسلمين، وللأسف فإن الدعم العربي محدود ولا يرقى للمتطلبات الإنسانية لأهلنا في غزة، وأن ما تقدمه الأمم المتحدة فهو يغطي جزئياً بعض الحاجات والمطلوب وقف العدوان وإدخال المساعدات.
حرب إبادة
- هل لديكم إحصائيات دقيقة حول أعداد الشهداء والجرحى والمشردين أو النازحين وأيضا حجم الدمار في البنية التحتية وأعداد النازحين جراء العدوان الإسرائيلي خلال العام الماضي؟ ..وما مدى تأثير العدوان والحصار المستمر على القطاعات الخدمية قطاع غزة؟
لا شك أنه وبعد أكثر من عام من هذه الحرب حرب الإبادة الجماعية وهذ أقل وصف لها فإن عدد الشهداء والمفقودين يزيد عن 52 ألف شهيد منهم 17 ألف طفل وعدد الجرحى يفوق 100 ألف جريح 70% منهم نساء وأطفال، وعدد النازحين2 مليوني نازح من أصل 2.2 مليون هم عدد سكان القطاع، حيث دمر العدو الصهيوني ما يقارب 75% من مباني القطاع، وأما إن شئت أن تتكلم عن القطاع الصحي والخدمات الطبية فهي شبه منعدمة للأمراض المستعصية مثل السرطان والقلب والفشل الكلوي، أما المساجد فقد تدمر معظمها والمدارس أكثر من نصفها قد دمر كلياً أو جزئياً بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية من شبكات كهرباء وماء وصرف صحي وطرق، والكلام يطول حول المعاناة الإنسانية التي خلفتها آلة الحرب الصهيونية التي حطمت الشجر والحجر والبشر ومهما تكلمنا عن الأمور الإنسانية فإن الواقع أشد وأصعب.
تكالب العالم على القضية الفلسطينية رسَّخ فكر المقاومة في الوجدان الفلسطيني
إيمان راسخ
- كيف يؤثر العدوان الإسرائيلي المستمر على البنية الاجتماعية والنفسية لسكان غزة.. كيف يمكن تصوير المشهد خاصة الأطفال والنساء؟ نشاهد يوميا صوراً مؤلمة لأطفال ونساء ضحية هذا العدوان؟
لا شك أن العدوان الإجرامي البربري على أهلنا في قطاع غزة وخاصة النساء والأطفال له تأثيرات متعددة حيث يحاول العدو كسر النفسية المتحدية لشعبنا فهو يؤثر على الجانب الأضعف وهم النساء والأطفال في محاولة منه لتركيع الشعب والمقاومة، ولكن وبالرغم من كل هذه الآلام وآلة البطش الصهيونية الإجرامية التي تحاول إيقاع الهزيمة النفسية وهي من أكبر العوامل التي تسبب الهزيمة، ولكن إيمان شعبنا بحقه وإيمانه بربه وإيمانه بقدرة مقاومته على الصمود، والتحدث عن كل هذا يرفع العامل النفسي عند كل أبناء شعبنا بما في ذلك الحلقة الأضعف، ونحن من هذا المقام ندعو كل الأحرار والخيرين إلى السعي جاهدين لوقف آلة القتل الصهيونية التي انفلتت من عقالها بغطاء أمريكي غربي مفضوح، ولكن ليعلم الجميع أننا ماضون نحو الحرية والانعتاق من الاحتلال ونحن نعلم أن الثمن كبير ولكنه محقق النتائج.
مواقف مخزية ومتخاذلة
- كيف تقيمون مواقف الأنظمة العربية تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة؟ ..ولماذا برأيكم لم تستجب هذه الدول لمطالب شعوبها في نصرة غزة؟
مواقف الأنظمة العربية مخزية، أحسن وصف لها أنها متخاذلة، ولكن ستكتب هذه المواقف في أسوأ صفحات التاريخ وموقفها ليس له من تحليل إلا الاستجابة للضغوط الخارجية الأمريكية وغيرها.
اليمن المثال الأنصع
- كيف تنظرون لدور قوى المقاومة في المنطقة، بما في ذلك القوات المسلحة اليمنية، في دعم غزة؟.. وكيف أثر هذا الدعم على الوضع العسكري وعلى القدرة في مواجهة الاحتلال وقلب الموازين؟
قوى المقاومة في المنطقة تمثل الاتجاه المقابل للأنظمة العربية من محاولات للخروج من الدائرة الأمريكية والصهيونية وتشكيل موقف حر متحد للضغوط الخارجية، بل وفاعل في المنطقة ومؤثر، وموقف اليمن والقوات المسلحة اليمنية المثال الأنصع في تحدي الإدارة الأمريكية الظالمة وقراراتها والمساهمة في معركة طوفان الأقصى والفتح الموعود في إسناد أهلنا في غزة، وهذا ينطبق على كل قوى المقاومة في لبنان والعراق وإيران، وهذه المواقف العظيمة لا شك أنها تدعم المقاومة بل وتؤثر في العدو الصهيوني وداعميه وخاصة موقف اليمن وقواته العسكرية في قطع الشريان الاقتصادي للعدو وأعوانه في البحر الأحمر، هذا الفعل الذي قلب الموازين وأعطى مثالاً في إيجاد الوسائل في الضغط على العدو والقدرة على مواجهة الاحتلال، بالإضافة إلى الوسائل الأخرى من صواريخ وطيران مسير لا سيما ضرب عاصمة الكيان الصهيوني تل أبيب وهذه الحرب كلما توسعت اهتز الكيان الصهيوني، وهذا مبشر بزوال هذا الاحتلال الذي نراه قريباً.
موقف أغلب الأنظمة العربية مُخْزٍ ومتخاذل وسيكتب في أسوأ صفحات التاريخ
حقوق مشروعة
- ما هو موقف حركة حماس من الوساطات العربية والدولية لوقف العدوان؟ .. ما هي الشروط التي تضعها الحركة للموافقة على وقف إطلاق النار وإتمام صفقات تبادل الأسرى؟
الحركة جادة في مساعيها لوقف العدوان على أهلنا في قطاع غزة وتتعامل مع الوساطات بإيجابية في ما يخدم شعبنا، ولكنها لن توافق على أي مقترح لا يتضمن حقوق شعبنا الأساسية وشروط الحركة هي شروط إنسانية مثل وقف الحرب والعدوان وانسحاب العدو من قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية وإعمار قطاع غزة، وعودة أهلنا إلى بيوتهم التي هجروا منها ثم بعد ذلك نتكلم عن الأسرى وعمليات التبادل، هذا الأمر الذي يشغل العالم كله ونقول فيه الكل مقابل الكل.
صمت وخضوع
- كيف تفسرون الصمت الدولي المستمر، وعلى رأس ذلك الأمم المتحدة، تجاه العدوان الصهيوني على غزة لأكثر من عام؟ ..وما هي الأسباب التي تعزونها لهذا الصمت؟
هذا الصمت الدولي يعطينا القناعة بأنه لا يوجد شيء اسمه قانون دولي أو قانون حقوق الإنسان، وأن هذا العالم تحكمه شريعة الغاب وهي البقاء للأقوى وليس للحق والعدل، وهذا يدفعنا كأمة للتمسك بمصادر قوتنا وصناعة سلاحنا بأنفسنا ونحن لسنا معتدين بل معتدى علينا ونحن أصحاب الحق والأرض المغتصبة نسعى بكل جهدنا لاستعادة حقوقنا وبكل الوسائل الممكنة لدينا، أما الصامتون في هذا العالم فهم إما داعمون لهذه الإبادة الجماعية ومؤيدون لها أو خاضعون للضغوط الأمريكية والغربية وهي الضغوط والمطالب الصهيونية.
الوضع الإنساني كارثي وصمود أبناء غزة أفشل مخططات العدو الصهيوني
فعل تراكمي
- ما هو تصوركم لمستقبل القضية الفلسطينية في السنوات المقبلة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية؟
القضية الفلسطينية تكالب العالم عليها منذ أكثر من قرن من الزمان، ولكن بوعي أبنائها وبثقافة المقاومة وما تحمله القضية من بعد ديني لوجود المسجد الأقصى في أرضها، كل ذلك جعلها حية في وجدان الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية وباستمرار الحراك المطالب بالحق وبكافة المجالات وخاصة خيار المقاومة والذي ثبت نجاحه وبوعي أمتنا المتنامي وتشكل قطاع واسع فيها على شكل محور المقاومة، كل ذلك يعجل من اقتراب الأمة من النصر وإزالة المحتل وبالرغم من التكالب الدولي، وإن الفعل المقاوم هو فعل تراكمي وهذا العدو باستمرار الضغوط عليه سيلجأ للرحيل عن بلادنا فهو كائن غريب عن هذه المنطقة وبالرغم من ما يحظى به من دعم غربي فهو إلى زوال، ولذلك نتنياهو يعلن أن هذه الحرب هي حرب وجود وهذا يدل على اهتزاز منظومتهم الأمنية والعسكرية، وهذه فرصتنا بالإضافة إلى تضعضع القبضة الأمريكية على المنطقة وانشغالها بالمتغيرات الأكبر مع روسيا والصين وإن شاء الله المستقبل لنا بعون الله.
لن نوافق على أي مقترح للهدنة لا يتضمن حقوق شعبنا.. وشروطنا إنسانية
فرج ونصر
- ما هي رسالتكم للعالم العربي والمجتمع الدولي في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة؟ وما هي دعواتكم لدعم القضية الفلسطينية على المدى الطويل؟
رسالتنا للعالم العربي أولاً أنتم إخوتنا في العروبة والدين وهذه العلاقة تحتم عليكم الكثير من الواجبات من النجدة وإغاثة الملهوف ورفع الظلم والنصرة لأهلكم وإخوانكم الذين يعانون من الاحتلال الوحشي منذ أكثر من 75 عاماً فعزنا عزكم وكرامتنا كرامة لكم وقوتنا قوة لكم، أما المجتمع الدولي فأقول لهم نحن أصحاب الأرض ونحن لن نقف مكتوفي الأيدي تجاه جرائم الاحتلال وعدوانه، ونحن لم نعتد على أحد وأنتم تعلمون ذلك فعليكم أن تعلموا هذه الحقيقة وتتخذوا ما تمليه عليكم ضمائركم وأن تضغطوا على هذا المحتل ليوقف هذه الحرب حتى تتوقف هذه المأساة وتدعوه للانسحاب من أرضنا حتى تهدأ هذه المنطقة ويعم فيها السلام، ونحن بجهادنا في مقارعة المحتل نشعر أننا نقترب من ساعة الانعتاق من الاحتلال، وذلك إيماننا بوعد الله الحق وبالسنن البشرية حيث قال المثل العربي “ما ضاع حق وراؤه مطالب” فالمستقبل لنا وللخير والحق وأما الظلم والطغيان فهو زائل ونحن ماضون نحو أهدافنا ونسأل الله أن يعجل بالفرج والنصر.