- سارع الرئيس بايدن للتعبير عن سروره وابتهاجه باستشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والعقل المدبر لطوفان الأقصى شهيد فلسطين يحيى السنوار، الذي ارتقى شهيدا في مواجهة بطولية مع قوات العدو الصهيوني على أرض غزة، التي افتداها الشهيد بأغلى ما يملك، ولم يغادرها إلا وقد أضحى أسطورة خالدة لن يمحوها الزمان.
زعم الرئيس الأمريكي أن عملية استشهاد السنوار تمثل يوما جيدا للكيان الصهيوني وللولايات المتحدة وللعالم، ولا غرابة فقد كان السنوار الصخرة الكبرى التي تحطمت عليها آمال المجتمع اللقيط في الأمن والاستقرار، غير إن دماء السنوار لن توقف هذا التداعي الذي يشهده الكيان منذ 7 أكتوبر 2023م، مهما تعاظم الدعم الأمريكي والغربي، ومهما استفحل السفاح نتنياهو في سفك الدماء وحرب الإبادة، ففي غزة الصمود والتضحية ألف ألف سنوار، وكلهم مشاريع شهادة لن يزولوا حتى تزول الجبال.
زعم بايدن أن استشهاد السنوار خطوة مهمة في مكافحة الإرهاب، بيد أن الإرهاب الحقيقي هو ما ترتكبه إسرائيل من انتهاكات فظيعة وجرائم حرب بحق عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، الذين يتعرضون لهولوكوست حقيقي قتلا وتدميرا وتجويعا وتشريدا، فيما الأمريكي نفسه الشريك الأول في كل عمليات الإرهاب الموصوفة وجريمة القرن المشهودة الوحشية بحق شعب اختار طريق المقاومة وانتفض لحقه في الحياة والكرامة وتقرير المصير.
وقال بايدن أن استشهاد السنوار يفتح المجال للحل السياسي في غزة، ولكن أي حل يقصده؟، وما الذي يمنع وقف إطلاق النار منذ أشهر وقد كان متاحا، لولا العقبة الأمريكية وتعنت المجرم نتنياهو، ثم ما الذي يمنع أن مثل هذا اللغو من الحديث ليس إلا خداعا متجددا دأبت عليه الإدارة الأمريكية، ولا تزال تعمل على تسويقه لدى البلهاء من الساسة المخدوعين في أمتنا وما أكثرهم للأسف.
يتجاهل بايدن إن إدارته في وضعية البطة العرجاء، حيث لا إمكانية لاتخاذ قرارات حاسمة، أثناء وبعيد الانتخابات الرئاسية، وهذا ما يراهن عليه العدو الصهيوني، الذي يجد نفسه متحررا من أية ضغوط فعلية، ومنتشيا بما يظنه إنجازات تجعله في موقع إملاء شروط الاستسلام على مقاومة يعرف قبل غيره أنها لا ترضخ ولا تركع إلا لله وحده.
خليفة بايدن المرشحة للرئاسة كاميلا هي الأخرى لم تتأخر، وقد حشرت أنفها في التعليق على استشهاد السنوار، لكن لتقول أن ما حدث يشكل ” نقطة تحول “، وهي لا تقصد أن الفرصة مواتية لكي يتوقف مسلسل الدم في غزة، وإنما لإعلان الاستسلام من طرف حركة المقاومة الإسلامية حماس..وهذا ما عبر عنه مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، الذي زعم أن حماس أصبحت في موقف ضعيف، لكنه استدرك وقال عن حماس أنها ما تزال فتاكة وتمتلك بعض القدرات، وكأنه يدعو إسرائيل إلى استكمال حرب الإبادة في غزة، لكن تحت عنوان البحث عن السلام الموهوم!.
لكن ماذا قال المرشح الجمهوري للرئاسة؟.
لم يختلف تعليق ترامب كثيرا، فقد زعم هو الآخر أن طريق السلام بعد استشهاد السنوار أسهل، في تكرار للأكاذيب الأمريكية التي درج عليها الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء، وكانت مسرحية التصفيق التي شهدها الكونغرس الأمريكي والوقوف عشرات المرات للمجرم النازي أكبر شاهد على الدور الأمريكي في المذابح اليومية بحق الفلسطينيين واللبنانيين. ولم يخف ترامب فرحته باستشهاد السنوار حين قال أن نتنياهو قرر أن يفعل ما كان عليه فعله.
تتصرف الإدارة الأمريكية وكأن المعركة قد انتهت وتم حسمها لصالح العدو الصهيوني، وهذا غير مطابق للواقع، فالعمليات العسكرية للمقاومة في غزة تصاعدت خلال الأيام الماضية على نحو لافت، حتى أنها حصدت رأسا كبيرة في جيش الكيان. وفي الجبهة اللبنانية بلغ التصعيد ذروته ووصلت مسيرات المقاومة إلى مقر إقامة السفاح الأكبر، والذي بات عليه من الآن وصاعدا أن يتحسس رأسه.
لن يطول الوقت حتى تنقلب الموازين لصالح المقاومة وجبهات الإسناد بغض النظر عن كل المستجدات المتوقعة، وحينها سيتدخل الأمريكي من أجل إيقاف هذه الحرب والتوسط لصفقة عادلة، وسيدرك حتما أنه يراهن على جواد خاسر، وأن الشرق الأوسط الجديد لن يكون إلا مقاوما ما دام الاحتلال قائما.