خالد الصايدي
انهيار حاد وتراجع كبير للعملة الوطنية أمام العملات الأجنبية تشهده المحافظات الجنوبية المحتلة، حيث سجل الريال اليمني أدنى قيمة له على الإطلاق في الأسواق المصرفية بعدن متجاوزا ريال مقابل الدولار الواحد، و(510) ريالات مقابل الريال السعودي.
خبراء اقتصاديون أكدوا أن حكومة المرتزقة فشلت في تنفيذ أي إصلاحات اقتصادية حقيقية من شأنها وقف تدهور سعر الصرف، وأشاروا في أحاديثهم لـ”الوحدة” إلى أن سحب وتهريب العملات الأجنبية إلى خارج البلاد كان أحد الأسباب الرئيسة لهذا التدهور في المحافظات المحتلة، متوقعين أن يتفاقم انهيار العملة أكثر في الفترة المقبلة إذا لم تتخذ خطوات اقتصادية عاجلة.
لافتين إلى أن هذا الانهيار يعد الأكبر في تاريخ العملة اليمنية أمام العملات الأجنبية، وذلك في ظل غياب أي مؤشرات لوقف التدهور أو تحسين الوضع الاقتصادي من حكومة المرتزقة.
بدايةً، يرجع وكيل وزارة المالية في حكومة التغيير والبناء أحمد حجر، استمرار انهيار العملة الوطنية في المحافظات الجنوبية المحتلة، إلى غياب السياسة النقدية والمصرفية لحكومة المرتزقة، أضافة إلى تهريب العملات الصعبة إلى خارج اليمن من قبل مسؤولي تلك الحكومة لتنمية استثماراتهم الخاصة، وهو ما تسبب بارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات تجاوزت ثلاثة أضعاف المناطق خارج سيطرة دول العدوان.
حجر: الفساد وتهريب النقد الأجنبي إلى الخارج أديا إلى انهيار الريال
ويؤكد حجر في حديثه لـ”الوحدة” أن الفساد وسوء الإدارة والعبث بالاقتصاد الوطني من قبل مسؤولي حكومة المرتزقة في عدن، منذ قيام تلك الحكومة في 18 سبتمبر 2016، بنقل البنك المركزي اليمني، من العاصمة صنعاء إلى عدن، وطباعة أوراق نقدية جديدة قُدرت بنحو ترليون و700 مليار ريال دون غطاء، فاقم من تدهور العملة المحلية أمام العملات الأجنبية إلى الحال الذي وصلت إليه اليوم.
وأشار إلى أن سحب النقد غير الرسمي وإخراجه من الدور الاقتصادي بذريعة الاستثمار في الخارج، تسبب إيضاً بإيجاد شحة في النقد الأجنبي، ما أدى إلى زيادة الطلب عليه، ومن ثم ارتفاع صرفه أمام العملات المحلية.
انهيار قياسي لسعر الريال
الصحفي والخبير الاقتصادي، رشيد الحداد، حمّل حكومة بن مبارك المسؤولية عما يجري، من انهيار للعملة في المحافظات الجنوبية المحتلة، كونها لم تتخذ أي إجراء من شأنه وقف هذا الانهيار.
في حديث لـ”الوحدة” توقع الحداد، أنه لن يتوقف هذا الانهيار عند هذّا الحد، بل سيتجاوز سعر الصرف للدولار الواحد أكثر من ألفي ريال.
ويشير إلى أن الانهيار المتواصل في سعر صرف العملات المحلية أمام العملات الأجنبية في عدن، يأتي في إطار سياسة متعمدة لإحداث فجوة كبيرة جداً بين سعر الصرف الوطني في المحافظات المحررة الخاضعة لحكومة صنعاء، والمحافظات المحتلة الواقعة تحت سيطرة حكومة المرتزقة.
وبحسب الحداد، فإن تلك السياسة المتعمدة هدفها إعاقة أي توجه حقيقي لإحداث سلام في البلد، خصوصا أنه بعد اتفاق التهدئة الموقع بين صنعاء وعدن كان هناك أكثر من توجه لإجراء لقاءات بين اللجنة الاقتصادية والفاعلين الاقتصاديين من مختلف الأطراف لإيجاد حلول اقتصادية أو معالجات للوضع القائم سواء في المحافظات المحررة أو المحتلة.
وقال: “ما يحدث هو مؤامرة على الاقتصاد الوطني، وتدار من قبل الولايات المتحدة الامريكية، خاصة وأن الملف الاقتصادي أحد الأركان التي يراهن عليها الأمريكي لإحداث اي اختراق في ما يتعلق بالجبهة الداخلية في اليمن”.
ويضيف “حكومة المرتزقة التي يرأسها بن مبارك، عجزت عن إحداث إصلاحات اقتصادية حقيقية يكون لها أثر إيجابي على الأقل لوقف انهيار سعر الصرف العملات”.
الحداد: ما يحدث للريال في المحافظات المحتلة مؤامرة على الاقتصاد الوطني
لافتا إلى أن من أسباب هذا التدهور هو تسريب العملة الأجنبية من قبل مسؤولين ما تسمى بـ”الشرعية” إذّ يصل التسريب شهرياً ما بين (٥٠ – ١١٠) مليون دولار، وهذا وفق رأيه، ما سبق أن أعدته مصادر اقتصادية في مدينة عدن”.
فشل غير مسبوق
وفي هذا الشأن، يقول الخبير الاقتصادي على التويتي، أن الوضع الحالي في المحافظات الجنوبية، يعكس فسادًا متجذرًا، وفشلًا ذريعًا لحكومة المرتزقة.
ويرى أن من أسباب انهيار العملة المحلية “الريال” في عدن يرجع إلى عدم الاستقرار، حيث التجار، رجال الأعمال، والمتنفذون جميعهم، يعاملون الوطن كمنجم يستنزف ثرواته، ثم يخرجون أموالهم إلى الخارج.
ويضيف التويتي، “أن المسؤولين في هذه المحافظات يعيشون خارج البلاد ويتقاضون رواتبهم بالدولار، ولا يكتفون، بل يستمرئون في الفساد وتحويل الأموال إلى الخارج، ووصفهم “بأنهم لا يحملون أي ذرة من المسؤولية، وهم السبب في ما يحدث للعملة والاقتصاد الوطني”.
التويتي :4 مليارات دولار سحبت للخارج كرواتب ومعيشة للمرتزقة وحاشيتهم
مشيراً إلى أن 36.750 مليون دولار شهريًا أي 441 مليون دولار سنويًا تذهب رواتب ومعيشة لمسؤولين حكومة المرتزقة وحاشيتهم في الخارج.
بمعنى، “أن 4 مليارات دولار خلال 9 سنوات تم سحبها إلى الخارج، وهذا المبلغ كان كفيلًا في إبقاء سعر الصرف تحت 1300 ريال للدولار في المحافظات الجنوبية والشرقية.
تفاقم معاناة المواطنين
بعد الانهيار الأخير للريال اليمني، قفزت أسعار المواد الغذائية سريعًا في كل المحال التجارية. المواد الأساسية، مثل الدقيق والأرز والسكر، من ضمن المنتجات التي ارتفع سعرها، ويعد هذا الارتفاع حربًا إضافية على المواطن، وفشلًا جديدًا للحكومة اليمنية.
في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة حكومة المرتزقة، وصل سعر كيس الدقيق (50 كيلو جرامًا) إلى نحو 47,500 ريال هذا الأسبوع بعد أن كان سعره الأسبوع الماضي 45,000 ريال. ووصل سعر القمح عبوة (50 كيلو جرامًا) إلى 42,000 ريال بعد أن كان سعره الأسبوع الماضي 40,000 ريال. هذه الزيادات السعرية ستعمق الجوع وتضاعف معاناة المواطن.
إضرابات واحتجاجات
وبالتوازي مع ذلك شهدت المحلات التجارية في عدد من المحافظات المحتلة اضرابات مفتوحة، احتجاجا على التدهور المستمر والمتواصل في قيمة العملة الوطنية، وتعديها حاجز 2000 ريال مقابل الدولار الواحد في تلك المناطق.
كما شهدت المحافظات المحتلة ومنها مدينة تعز تظاهرات شعبية غاضبة للتنديد بانهيار العملة المحلية، وعجز الحكومة هناك عن القيام بواجباتها في الحد من الانهيار الكارثي للعملة وتردي الوضع المعيشي.